عراقيات يُعِلْنَ أسرهن بعد أن فقدن أزواجهن.. أو فقدوا هم وظائفهم

بعضهم يشكين من رفض الزوج العملَ «لاعتبارات أمنية»

عراقيون ينتظرون في طابور لتقديم طلبات للعمل في دائرة حكومية في بغداد امس (رويترز)
TT

«أصبحت الحياة شبه مستحيلة».. بهذه العبارة بدأ وليد حديثه الذي اتسم بشيء من الغموض، خصوصاً بعد ان سألناه عن عمله السابق، اذ قال «كنت منتسباً لقوى الامن الداخلي ايام النظام العراقي السابق، وأنا الآن عاطل عن العمل انتظر زوجتي كل شهر لتتسلم مرتبها وتصرف على عائلتنا المكونة من ستة افراد».

وليد اصيب بمرض حار الاطباء في تشخيصه، لكن زوجته تقول انه «مرض البطالة لانها من الامراض الفتاكة التي تنخر عظم الرجل». وتابعت «وليد لا يحتمل رؤيتي أعمل وأحاول ان أفي بكل احتياجات البيت، خصوصا احتياجات أطفالنا الذين بدأوا يكبرون وتكبر معهم احتياجاتهم». وليد يقول من جانبه ان مديرية الامن العامة حلت عند سقوط النظام، وهو كان احد العاملين في مراقبة البريد الداخل والخارج من العراق، ويؤكد ان العديد من منتسبي الامن كانت مهماتهم مدنية ليست لهم اية علاقة بما اقترفه النظام السابق لكن «مشاكل النظام اول ما سقطت سقطت على رؤوس امثالي».

زوجة وليد بدأت تعاني هي الاخرى من مشكلة التسلط كما يبدو من كلامها اذ تقول «البيت لا يمكنه ان يستمر الا بالعمل الذي اقوم به في دائرتي، ورغم التعب الذي أعانيه الا انني مضطرة لذلك لان زوجي لا يعمل ولا يقبل ان يبحث عن عمل، وانا اقوم بالصرف عليه وأطفاله ووالدته ايضا».

حالة وليد تشبه حالة العديد من الرجال الذين فقدوا اعمالهم او الذين يعانون من البطالة وزوجاتهم تعمل.. وبعض الزوجات لا يحاولن ان بث الشعور بالتسلط بل انها «فترة وستنتهي وسيعمل الزوج مرة اخرى وتعود الحياة بشكل افضل»، كما تقول بتول عبد الحسين التي تعمل معلمة في احدى مدارس بغداد، وهي أم لاربعة اطفال. وتقول ان زوجها عاطل عن العمل بعد ان رحلت الشركة التي عمل بها طوال سنواتٍ بعد سقوط النظام، وهي احدى الشركات العربية التي كان لها فرع بالعراق. وتقول بتول ان اطفالها اعتادوا على الحياة المرفهة وبعد ان ترك زوجها العمل كان عليها العمل بالشهادة التي تملكها لتساعد زوجها في هذه الفترة. اما زوجها فهو ممتنٌّ لها كثيرا لانها وقفت الى جانبه في هذه الظروف الصعبة ويؤكد في حديثه انه لا يشعر بتسلطها ابداً بل انها نسمة في بيته وهو الآن يبحث عن عمل ليساعدها في المصاريف. العديد من النساء العراقيات يعانين الآن من اعتماد الأهل على مرتباتهن بعد ان فقد بعض الرجال وظائفهم او ترملت اخريات واصبحن بفعل الاوضاع الراهنة هن المسؤولات عن البيت بشكل مباشر. خالدة نوري تعمل في احدى دوائر الدولة، وكان زوجها يملك محلا لبيع الادوات المنزلية في منطقة الشورجة، وكان محله ضحية اول حريق في السوق، ومنذ سنتين وهو جالس في البيت وزوجته تعمل وتوفر كل المستلزمات. وتقول خالدة «ان زوجي يعاني من الوحدة الن وهو يشعر بانه فقد كل شيء عندما فقد محله، وهو الان مدين لعدد من الاشخاص كانوا يوفرون له بعض البضائع. ومن خلال مرتبي احاول ان اسدد جزءاً من هذه الديون، اضافة الى المصاريف الاخرى. وكلما فاتحته بايجاد عمل اخر له نهرني وقال لا اريد منك شيئاً». بعض النساء ممن التقيناهن رفضن الكشف عن اسمائهن، وقالت احداهن «زوجي يدمن قراءة الصحف، واذا عرف انني تكلمت عن مشكلتنا سيطلقني فوراً، وتؤكد ان زوجها عاطل عن العمل منذ ثلاث سنوات، وهو يتلقى مرتبا في شكل منحة للعسكريين في الجيش العراقي السابق، وهي لا تكفي للسجائر التي يقتنيها كل يوم. وكلما فاتحته بالبحث عن العمل يقول انت تريدين قتلي. اذا عرف احد أنني كنت في الجيش السابق فسوف اقتل». وتضيف «اعتمد على مرتبي الذي أتقاضاه من التدريس في إحدى ثانويات بغداد واعيل اطفالي الثلاثة».