طهران تعترف بأن العقوبات تمنعها من رفع علمها فوق سفنها.. وسويسرا تجمد أموال 12 شركة إيرانية

أحمدي نجاد: على أعداء إيران أن يعرفوا أن أمتنا تحبذ إجراء محادثات تستند للمنطق

وزير الاقتصاد والمالية الإيراني السابق، داود دانش جعفري، الذي غادر بسبب اختلافات بينه وبين أحمدي نجاد (أ.ب)
TT

قال الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد ان ايران مستعدة لمناقشة برنامجها النووي مع اي بلد، لكنها لن ترضخ للضغوط الدولية لإيقاف أنشطتها الذرية. وقال أحمدي نجاد في كلمة ألقاها في مدينة همدان بغرب ايران وأذاعها التلفزيون «الأمة الايرانية تحبذ المباحثات لحل المسألة مع اي منكم. وسوف نضرب أفواه من يريدون ان يخدعونا لتتخلى ايران عن حقها». واستبعد أحمدي نجاد في مارس اجراء أي محادثات مع الغرب بشأن البرنامج النووي الايراني قائلا: ان بلاده لن تناقش الامر الا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتريد بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وروسيا والصين ان يلتقي خافيير سولانا منسق السياسات الخارجية للاتحاد الاوروبي مع كبير مفاوضي ايران للشؤون النووية سعيد جليلي لمحاولة استئناف المحادثات حول تقديم مجموعة من الحوافز لايران لوقف أنشطتها.

وعقد الاعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الامن الدولي، وهم الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا اجتماعا في شنغهاي هذا الشهر بشأن سبل تشجيع ايران على قبول مجموعة الحوافز لكن الاجتماع أخفق في التوصل لاتفاق.

وأكد أحمدي نجاد أن طهران سترفض اجراء محادثات مع الغرب على أساس مطلب وقف النشاط النووي مقابل تقديم مزايا تجارية ووقف العقوبات. وقال الرئيس الايراني «على أعداء ايران أن يعرفوا أن أمتنا تحبذ اجراء محادثات تستند للمنطق... غير أن المحادثات يجب أن تقوم على أساس احترام حقوقنا». وفي الاسبوع الماضي تعهد الرئيس الامريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون بمنع ايران من تطوير قنبلة نووية ربما من خلال توسيع نطاق العقوبات.

وقال أحمدي نجاد ان ما من قوة في العالم «تجرؤ على انتهاك» حقوق ايران. وأضاف «عليهم أن يعرفوا أن أمتنا ستحتفظ بجميع حقوقها بالمنطق والاتحاد»، بينما أخذ الآلاف يهتفون «الطاقة النووية حقنا الواضح». الى ذلك، تنظم ايران غدا دورة ثانية من الانتخابات التشريعية لتعيين برلمان جديد سيهيمن عليه المحافظون لكنه سيكون اشد انتقادا لسياسة احمدي نجاد، حسبما ذكر عدد من المحللين.

ويتنافس 162 مرشحا للفوز بـ81 مقعدا من اصل 290 بقيت بعد الدورة الاولى التي جرت في 14 مارس. وكانت الحملة للدورة الثانية التي استمرت اسبوعا وتنتهي صباح اليوم اكثر جمودا من الدورة الاولى التي سجلت نسبة مشاركة تقارب 60% بحسب الارقام الرسمية. ويتوقع ان يعزز المحافظون هيمنتهم على المجلس بعدما فازوا بثلثي المقاعد التي شملتها الدورة الاولى.

غير ان الانقسامات في صفوفهم مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية عام 2009 واحتمال صعود المرشحين الاصلاحيين مجددا في الدورة الثانية، ستضعف على الارجح الدعم الذي يحظى به احمدي نجاد في البرلمان. ويتوقع المحلل المحافظ امير مهيبيان ان يتمكنوا من «تشكيل تحالفات ظرفية مع المستقلين والمحافظين الذين ينتقدون» السلطات ما سيزيد الوضع صعوبة بالنسبة لحكومة احمدي نجاد.

فالمعسكر المحافظ نفسه الذي اوصل حتى الان حوالى 130 نائبا منقسم بين جناح محافظ متطرف يساند الرئيس وجناح ثان معارض له. ويضم هذا الجناح الثاني محافظين منتقدين للرئيس معروفين بدعمهم للمفاوض السابق في الملف النووي الايراني علي لاريجاني وقائد الحرس الثوري محسن رضائي ورئيس بلدية طهران الحالي محمد باقر قاليباف.

ومع ان رئيس المجلس الحالي غلام حسين حداد عادل لا يصنف في هذا المعسكر، الا انه حمل هو ايضا اخيرا على اداء الحكومة. وقال مهيبيان ان «قاليباف وحداد عادل ولاريجاني يعتبرون انهم يخوضون منافسة مع احمدي نجاد». ورأى انه من المحتمل ان «يشكلوا فصائل ليقدموا انفسهم بديلا داخل المعسكر المحافظ للانتخابات الرئاسية» المقبلة.

وصدرت بوادر عن رئيس المجلس تشير الى مثل هذا التوجه، اذ انتقد الثلاثاء اعلان الحكومة اخيرا عن تعديل وزاري يطال وزيري الاقتصاد والداخلية. وقال حداد عادل في تصريح نقلته صحيفة «جامي جام» ان «تغيير الوزراء بشكل متكرر في الحكومة له اثر سلبي، واذا ما تخطى حدود المقبول، فسوف يؤدي الى زعزعة الاستقرار».

الى ذلك، ذكرت شركة شحن ايرانية كبيرة ان العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على طهران بسبب برنامجها النووي اضرت بقطاع الشحن حسب ما ذكرت صحيفة «افتاب يزد» المعتدلة. ونقلت الصحيفة عن علي سفرالي رئيس شركة بونياد للشحن قوله «في الوقت الحالي وبسبب العقوبات الدولية الظالمة والضغوط الاميركية على السفن الاجنبية لوقفها التعاون مع السفن التي ترفع اعلاما ايرانية، لا نستطيع رفع علمنا على كافة سفننا».

واضاف ان هيئة الشحن الحكومية تتقاضى ضريبة موانئ بنسبة 10 بالمئة على السفن الايرانية التي تحمل اعلاما اجنبية، مؤكدا ان القطاع يتعرض لضغوط مضاعفة من الناحية المالية بسبب القوانين المحلية والعقوبات. واوضح ان خمسين بالمئة من السلع المستوردة يتم نقلها بواسطة سفن تحمل اعلاما اجنبية وهذا ما يرفع سعر السلع».

ووصف سفرالي كذلك العقوبات المصرفية بانها «اكبر تحد شهده قطاع الشحن» خلال السنة الايرانية التي انتهت في 19 مارس. واوضح انه «بسبب العقوبات، فان نقل الاموال الى اماكن مختلفة من العالم يتم بصعوبة، مما يجبر شركات الشحن على اللجوء الى وسطاء وهو امر ينطوي على مخاطر عالية». ويعاني النظام المصرفي الايراني من العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة التي اقنعت كذلك كبرى البنوك الاوروبية والاسيوية على خفض تعاونها مع طهران.

ويأتي ذلك فيما قررت سويسرا توسيع لائحة الشركات والافراد الايرانيين الذين تفرض عليهم تجميدا لاموالهم طبقا لقرار مجلس الامن الدولي الاخير، كما اعلن المجلس الفدرالي (الحكومة).

واعلنت وزارة الاقتصاد الفدرالية في بيان ان الاجراءات العقابية الجديدة ضد ايران تتضمن «تجميد اموال وممتلكات اثنتي عشرة شركة ايرانية وثلاثة عشر فردا». كما تتضمن ايضا منع دخول خمسة اشخاص سويسرا او مرورهم عبرها.

وقررت سويسرا ايضا بالاستناد الى قرار مجلس الامن التابع للامم المتحدة 1803 الصادر في 3 مارس حظر تسليم منتجات ذات الاستخدام المزدوج التي قد تدخل في الصناعة النووية مثل بعض الآلات. كما يشمل القرار حظر تصدير عدد من الطائرات من دون طيار والصواريخ العابرة. وحتى الآن كانت لائحة العقوبات السويسرية تتضمن 23 شركة ايرانية و27 فردا فضلا عن حظر تصدير عدد من السلع والخدمات المتعلقة بالتكنولوجيا النووية.

وعلى صعيد ذي صلة، انتقد وزير المالية الايراني السابق ميزانية الحكومة وسياسات أخرى في اخر يوم له في منصبه في أحدث بادرة على الانقسامات المتنامية بشأن كيفية التعامل مع التضخم الذي تجاوز 20 بالمئة. وجاءت انتقادات وزير الاقتصاد والمالية داود دانش جعفري الذي قالت الصحف ان حسين صمصامي حل محله بعد أن أمر الرئيس محمود أحمدي نجاد بمراجعة خطة البنك المركزي لتشديد السياسة النقدية. ونقلت صحيفة اعتماد ملي اليومية عن دانش جعفري قوله ان ميزانية 2008-2009 ستزيد التضخم بمطالبة البنك المركزي فعليا بتحويل 60 مليار دولار من ايرادات النفط الى الريال الايراني. وأضاف في كلمة بمناسبة تعيين صمصامي وهو استاذ جامعي قائما بأعمال الوزير «التضخم هو النتيجة الاكيدة لهذه السياسة ولا يمكننا الفرار من الواقع». وقال دانش جعفري عن فترة توليه الوزارة «رغم انني شخصيا تعرضت لضغوط الا انني حاولت قدر المستطاع الا أنقلها الى الوزارة».