أولمرت لا ينفي استعداده للانسحاب من الجولان مقابل السلام مع سورية

اليسار رحب واليمين صب غضبه على رئيس الوزراء

TT

رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، التعليق على الأنباء التي نشرت في دمشق، أمس، ومفادها انه وافق على الانسحاب الكامل من هضبة الجولان المحتلة مقابل السلام مع سورية، واكتفى ببيان مقتضب قال فيه: «لقد أعلنت في اللقاءات الصحافية التي أجريتها بمناسبة عيد الفصح انني أعرف ما الذي ينشده الرئيس السوري في اطار اتفاق سلام معنا والرئيس الأسد يعرف ما الذي نريده نحن».

وقد اعتبر السياسيون الاسرائيليون هذا التصريح بمثابة مصادقة من أولمرت على ما نشر في سورية، فأطلق العشرات منهم تصريحات هجومية ضده. وانتقادات حادة له حتى من داخل حزبه «كديما». اذ أعلن رئيس لجنة النظام البرلمانية النائب دافيد طال انه سيسرع في سن قانون في الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) يلزم أي رئيس حكومة بطرح أي اتفاق سلام مع سورية على استفتاء شعبي. وهاجمته النائبة مرينا سولودوسكي، وهي أيضا من حزبه وقالت ان الانسحاب من الجولان في هذه الظروف هو بمثابة انتحار جماعي لاسرائيل. وقال نائب ثالث من حزبه، زئيف الكين، ان أولمرت يثير بلبلة لدى الجمهور. وفي الليكود، الحزب اليميني المعارض الذي كان رئيسه بنيامين نتنياهو في رئاسة الحكومة (1996 - 1999)، ووافق في حينه على الانسحاب من الجولان مقابل سلام مع سورية ثم تراجع، خرج اعضاء الحزب بهجوم حاد على أولمرت. وقال النائب يوفال شتاينتس، نائب رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، ان أولمرت يخدع المواطنين. فمن جهة يصعد الى هضبة الجولان ليمضي فيها عطلة عيد الفصح ليتظاهر بأنه مثل كل شعب اسرائيل يتمسك بالجولان، ومن جهة ثانية يفاوض سورية تحت الطاولة ويتعهد بالانسحاب من الجولان. وفي اليمين الأكثر تطرفا وتعصبا، قال النائب ايفي ايتام ان أولمرت الذي فرط بأمن اسرائيل في حرب لبنان الأخيرة ينوي التفريط مرة أخرى بأمن اسرائيل.

وفي صفوف المستوطنين اليهود في الجولان (حوالي 19000 مستوطن)، كانت التصريحات مشابهة اذ حاولوا تنظيم مظاهرة أمام الشقق الفندقية التي يمضي فيها أولمرت عطلته، لكنهم امتنعوا عن ذلك في اللحظة الأخيرة اثر انفجار أزمة التجسس الاسرائيلية في الولايات المتحدة.

وكانت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من الحكومة نشرت امس ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ابلغ سورية استعداد اسرائيل لانسحاب كامل من هضبة الجولان في مقابل السلام.

وقالت الصحيفة نقلا عن «مصادر مطلعة في دمشق» ان «اردوغان اتصل بالرئيس بشار الاسد ليبلغه استعداد رئيس وزراء اسرائيل ايهود اولمرت للانسحاب الكامل من الجولان السوري المحتل لقاء سلام مع سورية». ورحب اللوبي الاسرائيلي المؤيد للسلام مع سورية بهذا التطور. وقال ناطق بلسانه ان هذه خطوة بالغة الأهمية من شأنها أن تتحول الى تطور تاريخي في العلاقات بين البلدين وفي سائر العلاقات الاقليمية. فيما قال النائب عن حزب اليسار الاسرائيلي، يوسي بيلين، ان من الضروري أن يفهم الاسرائيليون ان الانسحاب من الجولان هو ثمن معقول ومقبول للسلام مع سورية. ولكنه أعرب عن شكوكه في أن يكون أولمرت جادا في توجهه هذا. وقال: حتى الآن سمعنا الكثير عن نوايا أولمرت، لكننا لم نر أي شيء حقيقي منه على الأرض. فمن يريد السلام يبدأ مفاوضات مباشرة مع القيادة السورية، تسير بموازاة مفاوضات السلام مع الفلسطينيين. المعروف ان اللوبي الاسرائيلي المؤيد للسلام مع سورية اتهم في الماضي الادارة الأميركية بعرقلة استئناف المفاوضات بين اسرائيل وسورية.

وفي يوم أمس، بادر مسؤول في المخابرات الأميركية المركزية، الى الاعلان بأن اسرائيل هي التي دمرت مبنى كانت تقيمه كوريا الشمالية في منطقة دير الزور في سورية في شهر سبتمبر (أيلول) من السنة الماضية. وسيتم البحث في هذا الموضوع اليوم في الكونغرس الأميركي. وكانت ادارة الكونغرس قد أعلنت استجابتها لطلب اسرائيلي بأن لا يتم الاعلان عن مسؤولية اسرائيل في هذا المجال، وذلك «لكي لا يكون ذلك استفزازا لسورية». وقد فوجئ الاسرائيليون بهذا النشر، أمس، من المخابرات الأميركية. ورأى البعض في هذا نوعا من الاحتجاج الأميركي على فضيحة التجسس الاسرائيلية في الولايات المتحدة، فيما رأى البعض الآخر انها محاولة تخريب مقصودة ضد استئناف المفاوضات الاسرائيلية السورية.