كلينتون في انتظار قرار «الكبار»

هفوة من أوباما قد تغير المعادلة

TT

على الرغم من ان هيلاري كلينتون حققت الفوز الذي كانت تحتاج اليه في بنسلفانيا للبقاء في سباق الحزب الديمقراطي، الا انها لم تتمكن من ردم هوة المائة والخمسين مندوبا التي تفصلها عن منافسها باراك اوباما. وعدد المندوبين المنتخبين الذين حصلت عليهم بعد فوزها في بنسلفانيا لم يقربها من اوباما كما كانت تأمل. وفي عملية حسابية بسيطة، نستنتج انه أصبح من شبه المستحيل على هيلاري التقدم على اوباما بأصوات المندوبين المنتخبين، الا في حال فازت بكل المندوبين المتبقين في الولايات التسعة، مقابل عدم فوز اوباما بأي مندوب، وهو أمر يصعب حدوثه.

وبذلك يصبح للمندوبين الكبار الكلمة الفصل في تسمية المرشح، ويبلغ عدد هؤلاء 800 ناخب، 500 منهم اتخذوا قرارا مبدئيا بدعم أحد المرشحين (أكثر من النصف حتى الآن يؤيدون هيلاري) و300 لم يقرروا بعد. لذلك، فاذا اردات هيلاري الفوز بترشيح الحزب، عليها اقناع المندوبين الكبار بالتصويت لها في الجمعية العمومية التي تعقد في اواخر اغسطس (آب)، علما انه من المتوقع ان ينتهي السباق بتقدم اوباما بفارق اكثر من مائة مندوب عنها. وعموما فإن المندوبين الكبار يتبعون تصويت الشعب ويختارون المرشح الذي يجمع العدد الاكبر من اصوات المندوبين المنتخبين. ويتساءل البعض هنا اذا كانت حظوظ هيلاري باللحاق بأوباما أصبحت معدومة، واذا كان من المستبعد ان يفضلها الناخبون الكبار في حال بقيت متراجعة عن اوباما، لماذا لا تنسحب اذا وتوفر بذلك انقسامات داخل الحزب تزداد عمقا كلما طال الصراع بين المرشحين؟

يقول الخبير في الشؤون الانتخابية توماس مان من مؤسسة بروكينغز الاميركية لـ«الشرق الأوسط»، ان هيلاري تراهن على «انهيار» اوباما في مكان ما، او على حصول حادثة تجعله يفقد مصداقيته امام الناخبين الكبار فيتحولون اليها. ويشير ان فوزها في بنسلفانيا سيعطيها دفعا حتى الانتخابات المقبلة في 6 مايو، ليس أكثر. ويعتبر محلل الشؤون الانتخابية دونالد وولفنسبيرغر من مؤسسة وودرو ويلسون، ان كلينتون تراهن على اقناع المندوبين الكبار بالتصويت لها. الا ان وولفنسبيرغر يستبعد في اتصال مع «الشرق الاوسط» ان يختار الناخبون الكبار مرشحا غير الذي اختاره الشعب، ويرى انهم سيتفقون على دعم أوباما في النهاية. ويبدو ان الناخبين الكبار هم فعلا الورقة الأخيرة التي على هيلاري ان تلعبها في حال ارادت الحصول على ترشيح الحزب، وهي ستعمل على اقناعهم بالتوصيت لها استنادا الى أمرين: الاول انها تمكنت من الفوز بآخر ولاية كبيرة، بعد فوزها بأغلب الولايات الكبيرة السابقة مثل كاليفورنيا ونيويورك واوهايو، وهي ولايات اساسية للحزب الديمقراطي للفوز في الانتخابات الرئاسية ضد المرشح الجمهوري. والثاني انها تمكنت من استقطاب نسبة كبيرة من الناخبين الذين ينتمون الى الطبقة العاملة، ومن الكاثوليك المتدينين، وهما شريحتان لا يزال اوباما يجد صعوبة كبيرة في التواصل معهما. الا ان توماس مان يعتبر ان هذا المبدأ خاطئ، ويقول ان خسراة اوباما في وجه كلينتون في الانتخابات التمهيدية في الولايات الكبيرة لا يعني انه سيخسر فيها في مواجهة المرشح الجمهوري. ويضيف: «ليس هناك من اختلافات جوهرية بين اوباما وهيلاري، بل امور تتعلق اكثر بالشخصية، فكلاهما ينتمي الى الحزب الديمقراطي وهذا ما سيجذب الناخبين في النهاية في الانتخابات الرئاسية». واذا كان البعض يتحدث عن الانقسام الحاد بين الناخبين الديمقراطيين نتيجة استمرار الصراع بينهما، وتأثيره السلبي على الحزب الديقمراطي في انتخابات نوفمبر، فان توماس يؤكد ان «المرارة التي يشعر بها الناخبون اليوم ستزول مع الوقت بعد ان يختار الحزب مرشحه، ويحصل توافق بين المرشحين، وسيختار الناخبون المرشح الديمقراطي بغض النظر عن هويته». ويقول ان كلا المرشحين له نقاط ضعف ونقاط قوة، ولكل منهما قاعدته التي يستطيع جذبها دون الآخر. فمثلا في الوقت الذي تميل الطبقة العاملة والمتدينة والكبار في السن الى كلينتون، يميل الناخبون الشباب والمثقفون والأميركيون الافارقة الى اوباما. ولهذا، يقول توماس، فإن حجة هيلاري بأن مشكلة اوباما انه لا يستطيع التقرب من الفئات التي تتقرب اليها، ينطبق عليها هي ايضا. ويرى وولفنسبيرغر من جهته ان عجز اوباما عن جذب المتدينين والطبقة العاملة لن يشكل نقطة ضعف له في الانتخابات الرئاسية لأن هؤلاء لا يميلون ايضا الى ماكين، ولذلك فانه من الصعب ان تفضل هذه الفئات انتخاب المرشح الجمهوري على اوباما.

كلينتون قالت بعد فوزها في بنسلفانيا انها ستستمر في السباق حتى النهاية، الا ان بعض مستشاريها يقولون انه في حال خسارتها في ولاية انديانا في 6 مايو (أيار) المقبل، فإنهم سينصحونها بالاستقالة. وما اذا كانت ستستمع الى النصيحة، ام تتابع المعركة حتى النهاية، هذا امر مختلف. ولكن المؤكد ان حظوظ هيلاري بالحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي باتت صعبة، بل شبه مستحيلة، ما لم تحصل معجزة. واستمرار المعركة قد يفيد ماكين، كما يقول البعض، الا انه قد يقوي اوباما ويحضره لمنافسة ماكين الذي له خبرة طويلة في السياسة، كما يقول وولفنسبيرغر. ومن يتابع الحملة الانتخابية منذ البداية، يلاحظ ان المعركة مع هيلاري جعلت منه مجادلا قويا، وليس فقط خطيبا مؤثرا.