سعود الفيصل: عندما تتوفر الظروف الأمنية سنبادر بفتح سفارتنا في بغداد

وزير الخارجية البريطاني: أمام النظام الإيراني خيار واحد إما التعاون أو مواجهة العقوبات الاقتصادية

وزير الخارجية السعودي لدى استقباله وزير الخارجية البريطاني أمس (واس)
TT

شدد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي على أن الأمر الذي يمنع بلاده وبقية الدول العربية الأخرى من افتتاح سفاراتها في بغداد «أمني بحت»، نافيا أن تكون المسببات سياسية، وقال الأمير سعود الفيصل «عندما تتوفر الظروف الأمنيه ستذهب السفارات بطبيعة الحال إلى العراق»، مستدركا أن ذلك ليس دليلا على نقص في التأييد للاجراءات الكفيلة بضمان وحدة واستقلال العراق ولا يعني ذلك أي فتور في العلاقات بين بلاده والعراق.

واضاف الأمير سعود الفيصل في معرض إجابته على سؤال في هذا السياق، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس بالرياض ونظيره البريطاني ديفيد ميليباند «في الواقع الشيء المهم في العراق هو وحدته واستقلاله وسيادته» مبينا أن هذه النقاط «لا يمكن دفعها إلى الأمام بوجود سفارات أو بعدم وجود سفارات».

وأعرب الوزير السعودي عن أمله في أن تتمكن الحكومة العراقية من توفير الامكانيات المطلوبة لتوفير الحماية للممثليات في العراق، وقال «المهم هو الجهد العربي في الاسهام في الحدود المطلوب توفيرها لضمان المصالحة الوطنية في العراق وضمان وحدة العراق واستقلاله، وهذه الجهود العربية موجودة وقائمة وفي اطار الجامعة العربية، وقال «إن هذه الجهود قامت على أساس أول برنامج للمصالحة الوطنية الذي عقد بمقر الجامعة العربية في القاهرة واستمر هذا الجهد وهو مستمر حتى الآن وقد أعلن الأمين العام ان هناك مخططا الآن لعقد الجامعة العربية في العراق، فليس هناك ابدا أي تحفظ في الاتصال بالحكومة العراقية من الدول العربية او بعدم التواجد العربي على الساحة العراقية».

وحول التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، وعما إذا كان هناك اتفاق بين الجانبين في هذا الشأن، قال وزير الخارجية البريطاني «إن محاربة الارهاب والتطرف والتعاون المشترك بين بلدينا هو من أهم المواضيع، وأنا محظوظ جدا فقد قابلت الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الأمنية البارحة، وايضا ذهبت إلى مركز المناصحة الذي يعيد التأهيل أصحاب الفكر المنحرف بافراد يساعدون الحكومة في سبيل معالجة هذه المشكلة بأشكال متعددة ليس فقط معالجة الاثار وانما لقلع هذه المشكلة من جذورها»، واضاف «نحن نعرف في المملكة المتحدة بأنه يجب أن نقوم بدورنا في بلدنا وان نواجه التطرف من خلال التعاون بين مع الاصدقاء من خلال اتفاقات بين الحكومات لنؤمن السلام والاستقرار لشعبينا».

وردا على سؤال عن اعتبار المملكة المتحدة «حماس» منظمة إرهابية بالرغم من موقفها الايجابي من خلال مناقشاتها مع الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، فأجاب بالقول «ناقشت مع الأمير سعود الفيصل اهمية جميع الاجراءات لتقوية الحكومة المستقلة المنتخبة ديمقراطيا ويمثلها محمود عباس والتي تمثل أمل الوحدة بين الفلسطينيين والدولة الفلسطينية كوطن للفلسطينيين».

وفي ما يتعلق بمؤتمر الدول المانحة الذي سيعقد في لندن مؤكدا استمرار الدعم للشعب الفلسطيني والرئيس محمود عباس، أشار الوزير البريطاني بقوله «إن من المهم وجودنا هنا، فخلال اجتماعنا في لندن قمنا بالإعلان عن دعمنا للسلطة الفلسطينية، وأثمن على ما قامت به المملكة العربية السعودية وما تقوم به في دعم الشعب الفلسطيني، ومن ذلك مشاركتها في إطار اجتماعات الدول المانحة، وأرى أن على كافة الدول الوفاء بتعهداتها لدعم الرئيس عباس ليكون قادرا على القيام بما هو مطلوب في خدمة الشعب الفلسطيني».

وحول الشأن اللبناني وما جرى في الاجتماع الذي عقد في الكويت في هذا الصدد، قال الأمير سعود الفيصل «إن الاجتماع الذي جرى ـ بالأمس ـ اجتماع لأصدقاء لبنان، واصدقاء لبنان هي الدول المهتمة بوحدة واستقلال وسيادة لبنان» وتساءل «كم فيه من أناس من العالم العربي وآخرين من خارج العالم العربي؟!» واستطرد «المفروض ان ننظر إليه ايجابيا وليس سلبيا فنحن نأمل ان تتوسع دائرة اصدقاء لبنان، لا أن تضيق، فإذا كانت هذه الدائرة توسعت وشملت مساعدات للبنان للخروج من أزمته فليكن هذا الشيء مقدرا، وإنما جميع من حضر بدون استثناء ايدوا المبادرة العربية، يعرفون انها قضية عربية وهم يأتون من هذا المنظور وفي إطار المساعدة.. وهو بدون شك مرحب به».

وكان الأمير سعود الفيصل قد عبر عن قلق بلاده من استمرار الاحتلال الاسرائيلي في سياسة العقوبات الجماعية وفرض الحصار على قطاع غزة وما يترتب عليه من تعميق المعاناة الإنسانية على الشعب الفلسطيني كما عبر عن استنكار المملكة لاستمرار الاحتلال الاسرائيلي في توسيع المستعمرات في الضفة الغربية في سياسة مناهضة كليا للاتفاقيات والتفاهمات الدولية الرامية لإيجاد حل عادل ودائم وشامل للنزاع في الشرق الأوسط على أساس إنهاء الاحتلال الاسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وأوضح في كلمته التي استهل بها المؤتمر الصحافي المشترك ونظيره البريطاني بمقر وزارة الخارجية السعودية، كل ما تناوله الجانبان خلال الاجتماع من موضوعات شملت العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا الاقليمية والدولية ومنها الشأن العراقي واللبناني والملف النووي الإيراني وعملية السلام في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص». وقال الأمير سعود الفيصل «إن لقاءنا اليوم شكل فرصة جيدة لاستعراض العلاقات الثنائية بين المملكتين خاصة في ضوء الزيارة الأخيرة لخادم الحرمين الشريفين لبريطانيا وما نجم عنها من اتفاقيات ثنائية تهدف إلى تطوير العلاقات في العديد من المجالات بما ينسجم وإمكانات البلدين والعلاقات التاريخية فيما بينها».

واضاف أنه بحث ووزير الخارجية البريطاني مجمل القضايا الإقليمية والدولية الهامة للبلدين «ومن بينها نتائج الاجتماع الموسع الثالث لوزراء خارجية الدول المجاورة للعراق الذي شاركنا فيه سويا والدفع بجهود تحقيق أهدافه الرامية إلى تحقيق أمن واستقرار العراق في ظل وحدته الوطنية واستقلاله وسيادته والنأي به عن التدخلات الخارجية».

واشار إلى أن الجانبين استعرضا الأزمة اللبنانية ومستجداتها ونتائج الاجتماع الخاص عن لبنان الذي عقد في الكويت على هامش اجتماع دول الجوار الذي أكد أهمية الحفاظ على مؤسسات لبنان الدستورية المتمثلة في رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والبرلمان والجيش اللبناني ضمانا لأمن لبنان واستقراره وحفاظا على سيادته واستقلاله ودعوة الاجتماع إلى الشروع الفوري في انتخاب الرئيس التوافقي ميشال سليمان وتشكيل حكومة وحدة وطنية ومراجعة قوانين الانتخابات التشريعية بين كافة الأطراف وذلك وفق ما نصت عليه مبادرة الجامعة العربية.

وبين وزير الخارجية السعودي أن عملية السلام في الشرق الأوسط استحوذت على حيز أكبر من المحادثات مع نظيره البريطاني «خاصة في ظل المعوقات التي تعترضها»، وقال: وقد عبرت من جانبي عن القلق من استمرار إسرائيل في سياسة العقوبات الجماعية وفرض الحصار على قطاع غزة وما يترتب عليه من تعميق المعاناة الإنسانية على الشعب الفلسطيني. كما عبرت عن استنكارنا لاستمرار اسرائيل في توسيع المستعمرات في الضفة الغربية في سياسة مناهضة كليا للاتفاقات والتفاهمات الدولية الرامية لإيجاد حل عادل ودائم وشامل للنزاع في الشرق الأوسط على أساس إنهاء الاحتلال الاسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة».

وكشف أن الملف النووي الإيراني وتداعياته كان من بين الموضوعات التي بحثها الوزيران، وقال «نحن نقدر جهود الاتحاد الأوروبي لحل الموضوع سلميا ونحن متوافقون حول أهمية خلو منطقة الشرق الأوسط والخليج من أسلحة الدمار الشامل والسلاح النووي وعلى حق دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية الذي ينبغي أن يتفق مع معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها».

من جانبه وصف وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند محادثاته مع الأمير سعود الفيصل بـ«المهمة والمعمقة والنافعة»، وأبدى سعادته بالزيارة الأولى له كوزير للخارجية للمملكة العربية السعودية التي أشار إلى أنها «بلد محوري مهم ولها مكانتها الدولية في العالم، ولها مكانتها الدينية حيث تحتضن الحرمين الشريفين». وتطرق الوزير البريطاني إلى زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى بلاده العام الماضي، مبينا أنها «أثرت العلاقات بين البلدين وعززت التعاون المشترك» وقال «نحن ننظر قدما لمزيد من تعزيز العلاقات بين بلدينا». وعبر عن سعادته بأن يجتمع بالأمير سعود الفيصل في هذا اللقاء، ووصفه بأنه «أحد المتمرسين في السياسة الخارجية وذو خبرة كبيرة ومكانة بين وزراء الخارجية في العالم وله دور مميز في العمل على تحقيق الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط كما هو دور المملكة المهم والمتميز على المستوى الدولي».

وعن التعاون بين البلدين، أكد أنها «تاريخية وعريقة وهي مهمة جدا لبلدينا واعتقد انه بعد زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى المملكة المتحدة في العام الماضي وبعد التطورات التي لاحظناها في بلدينا فهذا وقت جيد لتجديد علاقتنا بشكل حديث ومتطور ونتطلع إلى مستقبل العلاقات المرتكزة على مصلحة البلدين ومصلحة الشعبين والاحترام المتبادل».

وأضاف «خلال الساعات 24 الماضية كانت هناك نقاشات عميقة منها لمواجهة المتطرفين ومنها اهتمامات مشتركة في التعليم والثقافة ومعالجة خطر التغير المناخي فلهذه المواضيع اهتمامات مشتركة في علاقتنا، كما ان هناك سياسة خارجية وعلاقات مهمة ومصالح مشتركة منها ما ذكره الامير سعود الفيصل».

وعبر عن وجهة نظر بلاده تجاه الشرق الاوسط بالقول «اننا نعيش في زمن عصيب للشرق الاوسط وهو زمن يجب ان نتحمل فيه مسؤولياتنا بشكل جدي لنبني الأسس لعملية الازدهار والاستقرار والتقدم في المستقبل»، مشددا على أنه يوافق ملاحظات الأمير سعود الفيصل وما قاله في ما يتعلق بالوضع في لبنان، وقال «نحن شاركنا في اجتماع مجموعة اصدقاء لبنان الذي عقد بالامس حيث أن التدخل في الشؤون الداخلية للبنان اعاق انتخاب الرئيس في لبنان».

كما تطرق ميليباند للشأن العراقي، وقال إن وحدة وسيادة العراق أمر مهم جدا في مملكتينا ونحن ندعم الحكومة والشعب العراقي». وفي ما يتعلق في السلام بالشرق الاوسط، قال «نحن نؤمن بقيام دولتين مستقلتين جنبا إلى جنب، فلسطين إلى جانب إسرائيل، بشكل سليم ومستقر ونحن نثمن جهود الأمير سعود الفيصل من خلال المبادرة العربية لتحقيق هذا الرؤية التي ندعمها».

وتناول الوزير ديفيد ميليباند البرنامج النووي الإيراني، وقال «بصفتنا عضوا في مجلس الامن ونقوم بدور اساسي، نرى أن هذا النظام الذي يصر على تخصيب اليورانيوم أمامه خيار واضح، إما أن يتعاون مع المجتمع الدولي ويحصل على الفوائد من هذا التعاون، أو يخالف المجتمع الدولي ويواجه العقوبات الاقتصادية وهذا ما سيتم مناقشته في لندن من قبل وزراء الخارجية الخمسة في مجلس الامن زائد ألمانيا».

من جانب آخر استقبل الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي أمس بالرياض مبعوث الاتحاد الاوروبي للسلام في الشرق الأوسط مارك اوت، وتناول اللقاء الذي حضره الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز سفير السعودية لدى بريطانيا بحث الأوضاع في المنطقة والجهود المشتركة في هذا الإطار، كما حضره الدكتور خالد الجندان وكيل وزارة الخارجية للشؤون الثنائية، والسفير الفرنسي بالسعودية برتران بوزنسونو.