تمرّد سجناء رومية ينتهي بإطلاق سراح الرهائن بعد مفاوضات استمرت 10 ساعات

السجناء طالبوا بتحسين أوضاعهم.. والقضاء يحيل المتورطين إلى التحقيق للتأكد أن لا خلفية سياسية للتمرد

TT

نجحت المفاوضات التي تولتها الشرطة أمس بانهاء تمرد سجناء في أكبر سجن في لبنان استمر طوال عشر ساعات ولم ينته الا مع ساعات الفجر الاولى، باطلاق سراح العسكريين السبعة الذين اخذهم السجناء رهائن ومن دون اصابات.

وتولى المفاوضات مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وقائد الدرك العميد أنطوان شكور مع السجناء المحكومين الذين قادوا حركة التمرّد، وتوصل هؤلاء الى اقناع السجناء بعد نحو عشر ساعات من التفاوض الى اطلاق سراح الرهائن من دون الاضطرار الى اللجوء للقوة. وعاد الهدوء إلى مباني السجن عموماً ومبنى المحكومين خصوصاً الذي كان مسرحاً لأعمال الشغب والفوضى طوال ساعات التمرد.

وفور إنهاء حركة التمرد فتح القضاء العسكري تحقيقاً بإشراف القاضي فهد. وأكد مصدر قضائي رفيع أن هذا التحقيق سيشمل حوالي سبعين سجيناً من المحكومين الذين شاركوا في التمرّد لمعرفة الاسباب والدوافع الحقيقية وراء ما قاموا به من اعمال اجرامية، وما إذا كانت فعلاً تقتصر على مطالب تحسين أوضاعهم وخفض مدّة محكوميتهم، أم أن ثمة دوافع أخرى. وتخوف البعض من أن يكون هذا التمرد تجربة لتمرد أكبر قد يمتد الى الابنية الاخرى في سجن رومية، حيث يعتقل الضباط الاربعة المتهمين بالضلوغ في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وأفراد من «فتح الاسلام» الذين خاضوا حربا ضد الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد في شمال لبنان العام الماضي.

وتوقّع المصدر القضائي أن يحال السجناء الذين بدأوا التمرد الى المحاكمة وان تسند اليهم جرائم مخالفة أنظمة وقوانين السجون واثارة الفوضى والاضطراب وتعريض حياة سبعة عسكريين للخطر بعد احتجازهم رهائن ومعاملة رجال الأمن بالشدة والعنف، وهي جرائم تراوح عقوباتها بين السجن ثلاث سنوات والاشغال الشاقة المؤقتة التي تصل إلى سنة.

أما على صعيد الاجراءات التأديبية، فأوضح مصدر أمني أن ادارة السجون ستتخذ تدابير مسلكية بحق مفتعلي هذا الحادث، وهي تقضي في مثل هذه الحالة بتوزيع هؤلاء على مختلف السجون اللبنانية ووضع السجناء الخطرين منهم في زنزانات انفرادية لمدّة غير محددة والتفريق بينهم كي لا يلجأوا الى اعمال مماثلة في المستقبل.

وكانت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي قد اصدرت عقب إنهاء التمرد فجر أمس بياناً أوضحت فيه أنه في الساعة الرابعة بعد الظهر بتوقيت بيروت «وقعت مشادة كلامية بين الرئيس المناوب في احدى طبقات المبنى واحد المحكومين تبعه تدخل عدد من السجناء لمناصرة رفيقهم. ولم يتمكن عناصر قوى الامن في المبنى من السيطرة على الوضع، لا بل منعوا من مغادرته واتخذوا كرهائن. وما لبثت هذه المشادة ان تطورت الى اقدام بعض المحكومين على اشعال النيران باغراضهم وامتعتهم الشخصية في الباحة الداخلية من المبنى التي بدورها امتدت الى الطبقة الاولى منه، عملت بعدها فرق الدفاع المدني على اخمادها».

وأضاف البيان: «اعلم القضاء المختص بالواقع وترافق ذلك مع احضار ثلاث سرايا من فرق مكافحة الشغب والفهود التي عمدت الى محاصرة مبنى المحكومين واحكام الطوق عليه منعا لاية تطورات». وأشارت الى ان مطالب السجناء ركزت في معظمها على «تحسين وضع السجن عموما لناحية الاكتظاظ وعدم توافر الشروط الحياتية اللائقة وتحسين المقابلات العائلية واستكمال تركيب الآلات الهاتفية، فضلا عن طلب المساعدة للتوسط لدى المراجع ذات الصلاحية لتطبيق قانون تنفيذ العقوبات خصوصا لجهة جعل السنة القضائية تسعة اشهر».

واصدر مركز الخيام بياناً قال فيه: «ان السجناء المتمردين هدفوا أولا وأخيرا الى المطالبة بحقوقهم وتحسين أوضاعهم. ومن الخطأ تفسير ذلك بمسميات اخرى، وكأن هؤلاء ليست لهم حقوق». ودعا قوى الامن الى «السماح للجمعيات الحقوقية المعنية بالدخول الى كل السجون في لبنان للبدء بوضع خطة تأهيل متكاملة، نفسية واجتماعية، للسجناء والحراس على حد سواء لئلا يكون تمرد الامس حادثة يطويها النسيان او تمحوها اوضاع البلاد المتوترة».

تجدر الاشارة الى انه دائما ما تكون السجون اللبنانية مكتظة لاسيما في سجن رومية الذي يقع على مسافة ثمانية كيلومترات شمال شرق العاصمة بيروت. وسجن رومية يضم حاليا أكثر من أربعة آلاف سجين على الرغم من أنه معد فقط لـ 1500 سجين كحد أقصى. ويضم سجن رومية ثلاثة مبان، اما المبنى الذي وقع فيه التمرد نحو 800 سجين وان 300 من هؤلاء شاركوا في التحرك.