مصادر إسرائيلية تعتبر أن هدف واشنطن إجهاض اتصالات السلام بين دمشق وتل أبيب

شريط الفيديو للمفاعل النووي السوري صوره جاسوس يعمل لإسرائيل

TT

تتابع إسرائيل الرسمية بصمت ولكن بقلق ظاهر، ردود الفعل السورية على التقارير الرسمية التي نشرت في الولايات المتحدة حول «فرن ذري كانت كوريا الشمالية تبنيه في دير الزور السورية، قامت اسرائيل بتدميره بغارات جوية يوم 7 سبتمبر (أيلول) 2007».

وقال مصدر سياسي، رفض الكشف عن اسمه، في حديث لعدة وسائل اعلامية اسرائيلية، إن اسرائيل لا تفهم ما هي المصلحة في نشر مثل هذه التقارير في هذا الوقت بالذات. و.. «إذا كان صحيحا ما يقال ان النشر هو شكل من أشكال الضغط الذي تمارسه واشنطن على كوريا الشمالية عشية المفاوضات معها بخصوص تنظيف الكوريتين من السلاح النووي، فإننا نعتقد انه ليس سببا كافيا لمثل هذا النشر. فهنا توجد مخاطرة جدية قد تدهور الوضع الى صدام حربي يموت فيه الكثير من السوريين والاسرائيليين». ولكن الاعتقاد السائد لدى غالبية المحللين الاسرائيليين هو ان الهدف الحقيقي من نشر التقارير الأميركية، هو التخريب على الجهود التركية لاستئناف المفاوضات السلمية بين اسرائيل وسورية. فالادارة الأميركية كانت قد أبلغت اسرائيل عدة مرات بأنها لا تنظر بعين الرضا الى استئناف هذه المفاوضات، أولا لأنها غير مقتنعة بأن سورية صادقة في دعواتها السلمية الى اسرائيل، وثانيا لأنها لا تريد مكافأة الرئيس السوري بشار الأسد «على ما تعتبره نشاطاته الشريرة في العرق ولبنان». وقد تبنى رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، هذا الموقف الأميركي ورفض أية محاولات تجرى لاعادة الاتصالات السورية الاسرائيلية، إلا ان اللوبي السوري في اسرائيل، الذي يدعو الى استئناف هذه المفاوضات وتفضيلها على المفاوضات مع الفلسطينيين، يمارس ضغوطا كبيرة على الحكومة من خلال السياسيين السابقين والعسكريين المتقاعدين الكبار، ويطالب بفرض هذه الاتصالات على واشنطن.

وعندما عرض رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، وساطته بين الطرفين اشترط أولمرت عليه أن يتولى مهمة إقناع الادارة الأميركية. فوافق. ولكن يبدو ان اكتشاف الأميركيين هذه الاتصالات، دفعهم الى هذا الموقف وقد اختاروا موعدا لتفجير قضية ضرب المفاعل السوري حال مبادرة سورية الى الكشف بأن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت، وافق على الانسحاب الى حدود 4 يونيو (حزيران) 1967 مقابل السلام. وقد كشف في تل أبيب، أمس، أن مكتب أولمرت ومكتب نائبه وزير الدفاع، ايهود باراك، يتبادلان الاتهامات حول كيفية وصول الصور والوثائق حول المفاعل السوري الى الولايات المتحدة. ففي مكتب أولمرت يقولون انه تم ارسالها بعد موافقة باراك، ويؤكدون أن أولمرت لا يمكن أن يقدم على تصرف كهذا في موضوع أمني حساس من دون موافقة وزير الدفاع. لكن مساعدي باراك يقولون انه لم يعط موافقته أبدا على هذا التسليم. وقال مصدر سياسي اسرائيلي ان حكومة أولمرت وقادة الجيش والمخابرات يتابعون بقلق رد الفعل السوري. ويخشون من أن يفسر الرئيس بشار الأسد هذا النشر استفزازا جارحا له، فيقدم على مغامرة عسكرية، في وقت يسعى فيه البلدان (سورية واسرائيل) الى بث أجواء ايجابية يؤكدان فيها انهما غير راغبتين بالحرب وانهما تفتشان عن وسيلة ووسيط لاستئناف مفاوضات السلام.

المعروف ان مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، ستيف هادلي، ورئيس المخابرات الأميركية مايكل هايدن، كانا قد عرضا تقارير مصورة وموثقة حول «مفاعل نووي سوري تبنيه كوريا الشمالية في منطقة دير الزور لأهداف غير سلمية». وقد أكدا في اجتماع خاص وسري للجان الأمن والخارجية والاستخبارات في الكونغرس الأميركي، الليلة قبل الماضية، أن سلاح الجو الاسرائيلي قام بقصف هذا المفاعل وتدميره تماما في 7 سبتمبر الماضي. وحسب شبكة الأخبار الأميركية «ايه بي سي»، فإن فيلم الفيديو الذي عرض على لجان الكونغرس، قد صور بيد جاسوس سوري أو أكثر يعملون في خدمة اسرائيل. وقد صادق مسؤول أمني أميركي على هذا الادعاء، لكنه أضاف ان الصور هي من عدة مصادر استخبارية وليس فقط من اسرائيل. وانتقدت مصادر اسرائيلية هذا النشر قائلة: «إذا كان هناك جاسوس اسرائيلي أو أكثر، فإن حياتهم الآن باتت في خطر، وهذا دليل آخر على ان النشر الأميركي لا يتسم بالحكمة». وتجدر الاشارة الى ان استطلاعا للرأي نشر في تل أبيب، أمس، أشار الى ان 51 % من الاسرائيليين ليسوا مستعدين لانسحاب اسرائيلي كامل من هضبة الجولان السورية المحتلة مقابل اتفاق سلام، وان 74 % من الاسرائيليين لا يصدقون بأن للرئيس الأسد نوايا صادقة في عرضه السلام مع اسرائيل.