الاقتصاد طاغ والاتحاد المتوسطي حاضر بقوة

زيارة ساركوزي لتونس غدا:

TT

يبدأ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اليوم زيارة دولة إلى تونس، يتوقع أن يجري خلالها توقيع عدد من الاتفاقيات، وبحث مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط».

وتأتي الزيارة، حسب مصادر من السفارة الفرنسية بتونس، تلبية لدعوة من الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وينتظر أن يجري خلال الزيارة توقيع عدد من الصفقات الاقتصادية، أبرزها توقيع صفقة لتجديد أسطول النقل الجوي والحديدي التونسي.

وتحتل ملفات الاتحاد من أجل المتوسط، والهجرة المنظمة والاستفادة من الخبرات الفرنسية في مجال الطاقة النووية أهم محاور النقاش خلال الزيارة. فبعد تسجيل «شراهة» فرنسية غير مسبوقة في الاهتمام بتمكين دول جنوب المتوسط من تقنيات الطاقة النووية السلمية، وعقد صفقات اقتصادية ضخمة، وتوقيع اتفاقيات مع عديد الدول العربية المجاورة (ليبيا والجزائر والمغرب)، يبدو أن تونس تريد الاستفادة من هذه التقنيات قبل أن تتغير الظروف وتتراجع فرنسا عن هذا التوجه الذي رافق صعود ساركوزي إلى الحكم.

وسبقت هذه الزيارة تنقلات لمسؤولين في الاتجاهين، انطلقت مباشرة بعد الزيارة الخاطفة للرئيس الفرنسي إلى تونس في يوليو (تموز) 2007 شملت خصوصاً وزراء الصناعة والنقل والتنمية والتعاون الدولي من تونس، وضمت من الجانب الفرنسي خاصة وزراء النقل، والهجرة والإدماج والهوية الوطنية، وكاتب الدولة للدفاع المكلف بالمحاربين القدامى، ووزير الوظيفة العمومية. وتمت تلك الزيارات في إطار الإعداد لزيارة الدولة.

وإذ تحفظت السفارة الفرنسية بتونس عن تقديم معلومات حول الزيارة وما يمكن أن يتمخض عنها من اتفاقيات، فان خبراء ربطوها بالعودة الفرنسية القوية للاهتمام ببلدان المغرب العربي. ويرى عبد الفتاح العموص أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة صفاقس (جنوب تونس)، أن ساركوزي غير سياسة فرنسا في وقت قياسي، فبعد السياسة الاشتراكية المعروفة بمناصرتها للقضايا العربية، في ما يسمى بـ«الديغولية»، أصبحت النزعة الآن مختلفة، فالرئيس الفرنسي الجديد ليست له سياسة عربية واضحة المعالم، وهو الآن يغلب الملفات الاقتصادية على السياسية. ويعتقد العموص أن الزيارة الجديدة ستفتح ملفات الهجرة، وربما يسعى ساركوزي للاستفادة من الجالية التونسية في فرنسا لاستعادة القليل من شعبيته المتدنية، كما أنه سيسعى للاستفادة من طفرة النفط التي تعرفها بعض البلدان العربية، التي تبقى في حاجة ماسة لعديد المشاريع التنموية. واعتبر العموص أن هذه الزيارة اقتصادية بالأساس.

ومن جهته، اعتبر رضا الكافي الخبير التونسي المهتم بملف الجماعات الإسلامية بدول المغرب العربي، أن كل الملفات، الثنائية والإقليمية، ستكون مطروحة خلال هذه الزيارة، التي ستكتسي كذلك طابعاً سياسياً، وستتمخض عنها مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية لدعم المبادلات في الاتجاهين. ويرى أن محاربة التطرف وتعقب آثار «القاعدة» في الصحراء ستكون من بين أهم القضايا التي ستطرحها الزيارة، إلى جانب ملف الهجرة، وخاصة الهجرة غير الشرعية.

وإذا كان الطرفان سيحسمان في غالبية الملفات الثنائية خلال هذه الزيارة، فان القضايا الأخرى التي تكون فيها تونس طرفا، ستبقى معلقة حتى 13 يوليو (تموز) المقبل، موعد الاجتماع الذي سيعقد لهذا الغرض في باريس.

ويعد مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط» من أهم الملفات التي سترجأ إلى ذلك الموعد، لكن من الواضح، حسب الكافي، أن ساركوزي يدرك مساندة تونس لهذا المشروع، وهي التي كانت من أول دول الحوض الجنوبي للمتوسط التي أمضت اتفاقية تبادل حر مع الفضاء الأوروبي، ولا تبدي أية ممانعة في القبول بهذا الهيكل الجديد، ولذلك هناك مقترحات جادة لاحتضان تونس مقر الرئاسة الثنائية لهذا الاتحاد.

أما في مجال الطاقة النووية، فان تسويق هذه التكنولوجيا يأتي بالخصوص لتعويض قسط مهم من استهلاك الطاقة، وهو سيلقى اهتماما كبيرا من الجانبين، تونس لتغطية حاجياتها المتنامية من الطاقة، وفرنسا لقطع الطريق أمام عديد الدول الأخرى التي تسعى بدورها لتسويق التكنولوجيا النووية في المنطقة على غرار الصين وكندا.