عباس يشعر بخيبة أمل من بوش وأولمرت لرفضهما دولة في حدود 67

مصدر فلسطيني لـ «الشرق الأوسط» : أولمرت يطرح مطالب وقحة مثل إبقاء القدس كاملة لإسرائيل

TT

رغم تأكيدات المفاوض الفلسطيني صائب عريقات، بأن لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الرئيس الاميركي جورج بوش أحرز تقدما، إلا ان مصادر فلسطينية مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط»، ان عباس يشعر بخيبة امل كبيرة من مباحثات السلام الجارية مع الاسرائيليين.

وقالت ان هذه الخيبة تعمقت أكثر بعد لقائه الاخير برئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت قبل سفره الى واشنطن ولقائه الرئيس الاميركي جورج بوش الخميس، اذ لم يتجاوب الرجلان مع تطلعات عباس لوقف الاستيطان، والإقرار بحدود عام 67، حدودا للدولة الفلسطينية بينما بقي مطلوبا من عباس تجاهل مساحات كبيرة من الضفة بما فيها القدس، على ان يعلن اتفاق مبادئ عام حتى نهاية 2008، مؤجل التطبيق. وهو ما حدا بالرئاسة الفسلطينية بأن تحذر من ضياع فرصة السلام، بينما طالبت حماس ابو مازن بإعلان رسمي عن فشل المفاوضات.

وقالت المصادر لـ«الشرق الاوسط»، ان الاسرائيليين يطرحون على عباس ما مساحته 64% من المساحة الحقيقية للضفة الغربية، بعد استثناء منطقة الاغوار والمستوطنات، وما تسميها اسرائيل القدس الكبرى، مع امكانية بحث كيف يدير الفلسطينيون بعض الاماكن المقدسة. وحسب المصادر فإن عباس يصر على الحصول على دولة في حدود الارض التي احتلت عام 1967، مع قناعاته بأن يقدم تنازلات في 2 أو 3% فقط، وهي مساحة بعض المستوطنات الكبرى المقامة على اراضي الضفة الغربية، الا أن الاسرائيليين لا يوافقون على ذلك، ومن ورائهم الاميريكيون. ونقلت وكالات انباء عن عباس قوله انه طلب من المسؤولين الأميركيين الحديث عن حدود 1967. وتابع بانفعال «ان لا أحد من الذين تباحث معهم يريد التحدث عن حدود 1967».

وكشف مصدر فلسطيني مسؤول في حديث خاص بـ«الشرق الأوسط»، ان أولمرت، يحاول في لقاءاته مع عباس، تحميل الطرف الفلسطيني وزر الخلافات الاسرائيلية. فكلما يواجهه عباس بمطلب شرعي حول اقامة الدولة الفلسطينية في حدود 67 يجيبه: «إذا استجبت لطلب كهذا، فإن حكومتي ستسقط، وستجدون أنفسكم أمام حكومة اسرائيلية جديدة برئاسة بنيامين نتنياهو».

وقال هذا المصدر، ان أولمرت لا يأخذ في الاعتبار، ان هناك معارضة أيضا في صفوف الشعب الفلسطيني، وليس من قوى الرفض الحماسية أو الجهادية، بل من داخل فتح نفسها وفي المحيط القريب من أبو مازن. وأضاف: «ان منظمة التحرير الفلسطينية منحت أبو مازن حيزا من التفاوض يدور في محيط قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام. وإذا كانت اسرائيل صادقة في توجهها السلمي، عليها ان تتجاوب مع اقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، تكون عاصمتها القدس الشرقية وايجاد تسوية معقولة لقضية اللاجئين على أساس قرارات الأمم المتحدة». وأكد المصدر الفلسطيني، ان أولمرت طرح مطلبا توسعيا وقحا من الرئيس الفلسطيني، مثل الابقاء على القدس كاملة تحت السيطرة الأمنية الاسرائيلية مع اعطاء الفلسطينيين ادارة الشؤون الداخلية في المسجد الأقصى وقبة الصخرة لا أكثر، كما طلب منه ان تحتفظ اسرائيل بالسيطرة الأمنية على غور الأردن، وعلى معظم مناطق الاستيطان. وقد رفض أبو مازن هذه المطالب، واعتبرها محاولة لإجهاض المفاوضات، خصوصا انه كان قد اتفق مع أولمرت على ان يكون أساس اتفاق السلام بينهما، هو الاتفاق الذي توصل اليه المفاوضون الاسرائيليون والفلسطينيون في طابا (في شهر فبراير (شباط) 2001، عندما كان ايهود باراك رئيسا لوزراء اسرائيل والراحل ياسر عرفات رئيسا للشعب الفلسطيني). وفي حينه اتفق أولمرت وأبو مازن على اعلان اتفاقهما بشكل جزئي، وعلى حلقات بما يتلاءم وأوضاع الرأي العام في الطرفين.

ومنذ ذلك الحين، قبل سنة، وأولمرت يرفض الاعلان عن أية تفصيل من هذا الاتفاق ويحاول اضفاء جو ضبابي على قضايا الصراع. وقد شعر أبو مازن بأن بوش، ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس، تتفهم هذا الموقف الاسرائيلي وتعمل على تعويض الفلسطينيين بواسطة ترتيبات ميدانية مثل تخفيف الحصار عن قطاع غزة، وازالة حواجز ترابية وعسكرية في الضفة الغربية، وازالة بعض البؤر الاستيطانية، ومنح تصاريح عمل للعمال الفلسطينيين في اسرائيل وغيرها.

وكان عباس قال في واشنطن «اذا انتهى عهد بوش من دون اتفاق، نكون قد وصلنا الى مأزق صعب جدا، وعلينا نحن الفلسطينيين ان نتدارس الخطوة القادمة». مؤكدا ان بوش «يدرك تماما ويعرف ان الفترة الباقية قصيرة، لكن لديه الأمل انه يمكن ان يحقق شيئا». وبرغم خبية الأمل، الا ان عباس ينوي مواصلة لقاءاته مع اولمرت. وهو ما ترفضه حركة حماس التي طالبته في بيان لها امس، بإعلان فشل المفاوضات. ودعت حركة حماس ابو مازن إلى الإعلان رسمياً عن فشل مفاوضات التسوية والعودة إلى التفاوض مع القوى الفلسطينية لبناء جبهة فلسطينية متماسكة في مواجهة العدوان.

يذكر انه كان من المقرر أن يصل الرئيس جورج بوش الى المنطقة في منتصف الشهر القادم، للمشاركة في احتفالات اسرائيل بمناسبة مرور 60 عاما على تأسيسها، وأن تسبقه رايس في زيارة اعداد في الأسبوع المقبل، لكن انفجار قضية التجسس الاسرائيلي في الولايات المتحدة، وضعت هذا البرنامج في وضع ضبابي.