الجماعة الإسلامية المصرية تدعو إلى رجال أعمال يفيدون بلدهم على نمط رفيق الحريري

حذرت حماس من اقتحام الحدود المصرية مجددا

TT

منذ تخليها عن العنف ضد السلطة، أواخر التسعينات من القرن الماضي، نأت الجماعة الإسلامية في مصر بنفسها عن العمل السياسي، لكن في الأشهر الأخيرة لوحظ تزايد تعليقات وفتاوى لمنتمين لها وقياديين فيها، تجاه عدة قضايا محلية وإقليمية (كالغلاء والعمل في بناء الكنائس والسياحة واقتناء الدمى وحرمة استهداف المدنيين الكفار، الخ..)، اتسمت بالميل للاعتدال في طابعها العام، بحسب متابعين للجماعة التي وُصفت قبل عشر سنوات بالأكثر تشدداً بعد حركة الجهاد.

وبعد نصائح وجهتها أخيراً لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وصلت لدرجة تحذيرها من مغبة تكرار اقتحام الحدود المصرية مع غزة عنوة، دعت الجماعة على لسان منتمين لها، من اسمتهم الشَّاكين من «الفقر والجوع (بمصر)»، للجوء إلى الله ثم رئيس الدولة، بدلاً من الحكومة التي يشغل رجال أعمال مناصب فيها، قائلة إنها لا تعترض على تولي رجال أعمال عدة مناصب وزارية، لكن البلاد تحتاج لرجال أعمال يضيفون إلى الدولة ـ مثل رئيس الوزراء اللبناني الراحل، رفيق الحريري ـ لا يأخذون منها.

وتعتبر مصر ضمن دول بالعالم تتضرر من أزمة ارتفاع الأسعار، وهيمنت قضية الغلاء على مناقشات نواب بالبرلمان ووزراء بالحكومة، بل تدخل رئيس الدولة، حسني مبارك، بحثه الحكومة على بذل مزيد من الجهد لتوفير السلع وتخفيف المعاناة عن العمال والموظفين وغيرهم من ذوي الأجور الثابتة، ومن المنتظر أن يعلن الرئيس مبارك عن علاوات مالية في عيد العمال في نهاية هذا الشهر.

وتوقفت الجماعة الإسلامية عن استخدام العنف ضد الحكومة والأقباط والسياح الأجانب، وعن المطالبة بتغيير الحكم بالقوة، ونأت بنفسها عن العمل السياسي، معظم الوقت، منذ إطلاق آلاف من أعضائها من السجون عقب مراجعات فكرية جرت أواخر التسعينات، وحتى بداية الألفية الجديدة، لكن في الشهور الأخيرة لوحظ تزايد انشغالها ـ من خلال نافذة التعبير الوحيدة المعلنة، وهو موقعها على الانترنت ـ بعدة قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية وفقهية، منها إلى جانب حركة حماس، والأسعار، إجازة القيادي بها، أسامة حافظ، توليد الطبيب المسيحي للمرأة المسلمة، عند الضرورة، إضافة لعدم إجازتها، نسخ برامج الكمبيوتر المحمية بالملكية الفكرية، حتى لو كان صاحبها كافراً، حسب فتوى لعضوها (الشيخ) عبد الآخر حماد.

وخلال هذا الأسبوع وجَّه منتمون للجماعة، منهم عبد السميع عبد العزيز، جانباً من خطاباتهم على شبكة الانترنت، للمستهلكين والتجار، وقال: «أيها الناس هل جعلتم شرع الله دستوراً ومنهاجاً لكم وطالبتم حكامكم بتحكيم شرع الله فيكم قبل أن تطالبوهم بالدعم وتخفيض الأسعار».

وأضاف قائلاً: «أيها المسلم هل سعيت لتحكيم (شرع الله) في شارعك ووظيفتك، فلم تأخذ رشوة ولم تضيع حقوق الناس حتى لا يضيعك الله (..) وأنت أيها التاجر هل حكَّمتَ أمر الذي بيده رزقك ونفسك فلم تغش ولم تحتكر ولم تستغل حاجة الناس».

وأردف منتم آخر للجماعة الإسلامية، هو محمد يحيى، موضحاً بطريقة تشير إلى ثقة الشعب المصري في رئيس دولته، أن مصر من الدول التي يرتبط فيها الشعب بحاكمه ارتباطاً أبوياً، لكنه أوضح أن هذا «الارتباط الأبوي بين الشعب والحاكم، وإن كان يعبر في بعض جوانبه عن الود والتلاحم والاستقرار، إلا أنه في جوانب أخرى يعبّر عن الضعف المؤسسي والتدهور السياسي للدولة».

وانتقد يحيى ما اسماه زواج السلطة والثروة، من خلال تولي رجال أعمال مناصب حكومية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه ليس ضد رجال الأعمال لكنه مع رجال الأعمال..«الذين يضيفون إلى الدولة ـ مثل رئيس الوزراء اللبناني الراحل، رفيق الحريري ـ لا يأخذون منها»، رغم أن رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور أحمد نظيف، قال في لقاء بقيادات اتحاد العمال في البلاد إن «حكومة مصر الحالية تعتبر حكومة عمال، وليست حكومة رجال أعمال، كما يشاع».

وبرأي مراقبين للجماعة الإسلامية، فإن مواقفها وتحولها، منذ مراجعاتها الفقهية التي بدأت عام 1997، ستظل تحت أعين كثير من متابعين لها، مستقبلاً، كما قال بذلك خبراء بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، منهم الدكتور وحيد عبد المجيد، والدكتور ضياء رشوان.

ومن الفتاوى اللافتة التي صدرت عن قياديين بالجماعة الإسلامية أخيراً، عدم تأثيم العمل في مجال السياحة، وأيضاً عدم تأثيم اشتراك البنَّاء المسلم في بناء كنيسة، وكذلك رفعهم الحظر عن بيع دُّمى الدببة والعرائس للأطفال، بحيث لا تكون من بينها «نساء عاريات».