رئيس «سي آي إيه»: التزايد السكاني الهائل سينشر خطر العنف والحروب والتطـرف

هايدن: الظهور المتزايد للصين لا ينبغي النظر إليه على أنه تهديد مباشر للولايات المتحدة

TT

يقول مايكل هايدن، مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، إن الزيادة السكانية الكبيرة، وازدياد معدلات الهجرة العالمية، سوف تمثل تحديات أمنية كبيرة للولايات المتحدة عن طريق زيادة الإرهاب ونشر الاضطرابات الأهلية في البقاع البعيدة من العالم. ويمكن للاضطرابات السكانية أن تعوق استقرار بعض البلاد الهشة في العالم، لا سيما في أفريقيا. وفي الغرب سوف تكون الحكومات مجبرة على السيطرة على الجاليات المهاجرة التي يزداد حجمها، ما يتسبب في تعميق الانقسامات العرقية والمذهبية ـ حسب قول هايدن. كما اعتبر هايدن أن معادلات مرحلة ما بعد الحرب الباردة، التي شهدت سيطرة أميركية أحادية على العالم في كافة المجالات، انتهت مع صعود تأثير أطراف أخرى، ودعا إلى فهم أفضل لحضارات وأديان شعوب العالم، وإنهاء النظر إلى العالم من منظور أميركي.

وقال هايدن إن الازدياد الكبير في السكان، وخاصة في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، سيصيب دولاً غير قادرة على تحمل أعباء هذا الوضع، الأمر الذي سينشر خطر العنف والحروب والتطرف، وتوقع أن تنجح بكين خلال القرن الجاري في التحول إلى قوة عظمى حقيقية.

وأضاف هايدن، الذي كان يتحدث أمام طلاب جامعة كانساس، إن عدد سكان الأرض سيزداد بما يعادل 45 في المائة حتى منتصف القرن الـ21، ما سيرفع عدد البشر إلى تسعة مليارات شخص.

ووصف النمو المتوقع لزيادة السكان حول العالم بقوله: «من المتوقع أن يصل النمو إلى 33 بالمائة خلال الـ40 سنة المقبلة وهو أحد أهم ثلاثة عوامل سوف تغير من المنظور الأمني في القرن الحالي. وبحلول عام 2050 من المتوقع أن يزداد عدد سكان الكرة الأرضية من 6.7 مليار إلى 9 مليارات». وأضاف «سوف تكون معظم الزيادة السكانية في بلاد لا تستطيع السيطرة عليها ما يسبب عدم الاستقرار وزيادة الإرهاب، سواء في هذه البلاد أو في غيرها».

ومع زيادة معدلات السكان في بلاد مثل النيجر وليبيريا إلى ثلاثة أضعاف خلال 40 عاما، فسوف تضطر الحكومات إلى إيجاد الغذاء والمأوى والوظائف للملايين أو التعامل مع السكان الغاضبين الذين «يمكن أن ينجذبوا بسهولة إلى العنف والاضطرابات الأهلية أو الإرهاب».

وسوف تشهد البلاد الأوروبية، التي تقطنها جاليات مهاجرة كبيرة، نموا في عدد السكان المسلمين على وجه الخصوص، وفي الوقت ذاته، سوف تنخفض أعداد غير المسلمين. ويقول هايدن: «إن الاندماج الاجتماعي للمهاجرين سوف يمثل تحديا للعديد من الأمم المستضيفة لهم».

كما تنبأ مدير وكالة المخابرات الأميركية كذلك باتساع الفجوة بين أوروبا وأميركا الشمالية حول كيفية التعامل مع التهديدات الأمنية، بما في ذلك الإرهاب. وفيما يتفق المسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا على ضرورة مواجهة خطر الإرهاب فإن هناك اختلافات جوهرية حول كيفية التوصل إلى ذلك. وبينما ترى الولايات المتحدة أن الحرب على الإرهاب هي حرب عالمية، ترى الدول الأوروبية أن حل مشكلة التهديد الإرهابي يكمن في تطبيق القانون.

ويقول هايدن: «إنهم يميلون إلى النظر إلى الإرهاب بصورة مختلفة عنا، فنحن ننظر إليه على أنه تحد عالمي. وإذا نظروا إليه من منظورنا، فإننا نختلف حول كيفية مواجهته بصورة فعالة ومناسبة» وأضاف بقوله إنه لم يستطع التنبؤ «بمتى أو ما إذا» كان الجانبان على استعداد للوصول إلى حل أمني مشترك. والتوجه الأمني الثالث الذي أشار إليه هايدن هو ظهور الصين كقوة اقتصادية وعسكرية عظمى. لكن هايدن يقول إن الظهور المتزايد للصين لا ينبغي النظر إليه على أنه تهديد مباشر للولايات المتحدة، مستبعدا أن يشكل نمو القوة العسكرية الصينية خطراً على الولايات المتحدة، ومعتبراً أن بكين لا ترغب سوى في «استعراض قوتها وإظهار موقعها كقوة عظمى».

غير أن هايدن قال إن الصين تركز حالياً على أهدافها الذاتية، وأن ذلك قد يشكل تحدياً مستقبلياً للولايات المتحدة ما لم تقرر بكين اعتماد مقاربة أخرى للأوضاع، تلعب من خلالها دوراً بناء في السياسة الدولية.

وفي هذا يقول: «إذا بدأت بكين في تحمل مسؤوليات أكبر تجاه سلامة النظام العالمي، كما تفعل كل القوى الكبرى، فسوف تكون هناك أرضية مشتركة. أما إذا لم تفعل الصين ذلك، فسوف ننظر إلى قوة الصين من منظور مختلف».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»