أزمة الغذاء تلقي بظلالها على عيد العمال.. والاحتفالات تتحول إلى تظاهرات

جرح 8 أشخاص واعتقال 500 في تركيا وارتفاع الأسعار في روسيا قد يصعب مهمة الرئيس الجديد

شابة تركية تركض هربا من القنابل المسيلة للدموع التي اطلقتها الشرطة التركية لمواجهة متظاهرين في عيد العمال (أ ب)
TT

تحوّل عيد العمال، الذي احتفل به العالم أمس، الى يوم تظاهرات عمت الكثير من العواصم في العالم تحول بعضها الى تجمعات عنيفة، وشارك فيها العمال والاحزاب اليسارية للمطالبة برفع الاجور بسبب أرتفاع اسعار الغذاء العالمي. ففي تركيا تحولت التظاهرات التي نظمت في العاصمة اسطنبول الى مواجهات عنيفة مع قوات الشرطة التي تدخلت بقوة لتفريق المتظاهرين ومنعهم من الوصول الى «ساحة تقسيم» في وسط المدينة. وادت المواجهات بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب الى اصابة ثمانية اشخاص بجروح طفيفة، بينهم ستة من رجال الشرطة، واعتقال أكثر من 500 شخص خلال التظاهرات.

وكانت السلطات التركية قد اعلنت قبل ايام من عيد العمال انها ستقمع اي تظاهرة في «ساحة تقسيم» الواقعة على الضفة الاوروبية لاسطنبول. وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بان شرطة مكافحة الشغب التي نشرت المئات من عناصرها حول الساحة تساندهم عربات مصفحة ومروحيات، قامت بإبعاد 300 الى 400 متظاهر كانوا يرفعون أعلام الحزب الشيوعي التركي لدى محاولتهم الدخول عنوة الى الساحة هاتفين بشعارات معادية لحزب العدالة والتنمية الحاكم.

وبعد وقت قصير، فرقت الشرطة ـ باستخدام القوة ـ مجموعة تضم عشرات الشباب، كما ردت مجموعات اخرى صغيرة من المتظاهرين حاولت التقدم باتجاه الساحة من طرق عدة. وتدخلت الشرطة مرارا مستخدمة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين المتجمعين امام المقر.

وقالت وسائل الاعلام ان عدد رجال الشرطة الذين نشروا في اسطنبول فاق 30 الفا وتم استقدام تعزيزات من محافظات بعيدة. وفرضت حالة طوارئ فعلية على وسط المدينة منذ الفجر. وتؤكد السلطات انها تملك معلومات مفادها بان مجموعات متطرفة تستعد لإحداث اضطرابات خلال الاحتفالات. واتهم النائب اليساري افق اوراس، من داخل الساحة، الحكومة الاسلامية المحافظة بإقامة «جمهورية الخوف». ومنذ انقلاب 1980، لم يعد الاول من ايار يوم عطلة رسمية في تركيا، ورفض حزب العدالة والتنمية مطالب النقابات باعلانه يوم عطلة. وفي الاول من مايو 1977، عمد قناصة مجهولون، يشتبه بانهم ينتمون الى اليمين المتطرف واجهزة الاستخبارات، الى اطلاق النار على الجموع. ودب الذعر في صفوف المتظاهرين ما تسبب بمقتل ما لا يقل عن 34 شخصا في جو يشبه الحرب الاهلية ادى بعد ثلاثة اعوام الى انقلاب عسكري.

أما في صربيا، فقد نظم حوالي 10 آلاف شخص مسيرة في العاصمة بلغراد للمطالبة بتحسين مستويات المعيشة بمناسبة عيد العمال في تلك الدولة الواقعة بمنطقة البلقان والتي تعاني من صعوبات اقتصادية.

وأشار ممثلو نقابة العمال إلى «عملية التحول والخصخصة المؤلمة والطويلة في صربيا» قائلين إن حقوق العمال أصبحت مهددة بشكل لم يحدث من قبل. وحضر الإضراب الرئيس الصربي بوريس تاديتش ووزير العمل راسم لياليتش، الأمر الذي تسبب في حالة من الغضب بين بعض المتظاهرين.

واتهم المتظاهرون رجال الساسة بعدم تنفيذ وعودهم الانتخابية.

وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، شارك آلاف العمال في المسيرات التي نظمت في المدن الكبرى. وفي كينشاسا، نظمت المسيرة التقليدية لموظفي القطاعين العام والخاص في جادة النصر، وهي الجادة الرئيسية في العاصمة الواقعة بين البرلمان والملعب الكبير. وسار المتظاهرون امام اعضاء الحكومة وبعض ممثلي المجتمع الدولي. ونظمت مسيرات مماثلة في كبرى مدن البلاد من دون ان يسجل اي حادث. وفي براغ، انتهز نحو الفي ناشط ومناصر للحزب الشيوعي التشيكي المعارض فرصة الاحتفال بعيد العمال للاعتراض على المشروع الاميركي لنشر عناصر من الدرع المضادة للصواريخ في تشيكيا وبولندا. وقال رئيس الحزب الشيوعي التشيكي فويتيك فيليب في خطاب ان «الوحدة الاوروبية تتعرض لاختبار. فحيث تكون هناك مسيرة توحيد يظهر حذاء الجندي الاميركي». واضاف خلال تجمع ان حكومة رئيس الوزراء الليبرالي ميريك توبولانيك «تزحف أمام واشنطن».

وفي روسيا، شارك آلاف في احتجاجات على ارتفاع اسعار الغذاء ما كشف عن واحد من أكبر التحديات التي تنتظر ديمتري ميدفيديف الرئيس الروسي المنتخب لدى تسلمه السلطة الاسبوع المقبل. وتجمع نحو 1500 شخص في سان بطرسبرغ ثاني أكبر المدن الروسية وهم يرددون: «لا لارتفاع الاسعار»، و«خطة بوتين تعني ارتفاع الاسعار».

وارتفعت اسعار كل شيء من الخبز الى الوقود الى الشقق السكنية الى عنان السماء مع وصول اسعار النفط الى ارقام قياسية وتدفق البترو دولار على البلاد التي يحتل النفط مقدمة صادراتها.

وحذر بعض المحليين من ان الاستياء الشعبي من تصاعد التضخم قد يتحول الى مشكلة سياسية كبرى لميدفيديف الذي يؤدي اليمين الدستورية في السابع من مايو (ايار) ويحل محل الرئيس الحالي فلاديمير بوتين.

وفي الفلبين، خرج آلاف العمال إلى شوارع العاصمة مانيلا وغيرها من المدن الكبرى للمطالبة بزيادة الاجور في ظل ارتفاع أسعار الغذاء. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «الغذاء والوظائف والعدالة والحرية» و«نطالب بزيادة شاملة في الاجور الان» أثناء توجههم لقصر مالاكانج الرئاسي في مانيلا.

لكن الاجراءات الامنية شددت حول مالاكانج حيث حاصر 1200 ضابط شرطة و400 جندي المبنى. وشارك نحو ستة آلاف محتج من مختلف الجماعات اليسارية لثلاث مسيرات منفصلة على الاقل بمانيلا انتهت عند مطلع جسر يؤدي إلى مالاكانج. وتابعت الرئيسة جلوريا ماكباجال أرويو جلسات استماع موسعة عقدها مجلس تحديد الاجور ووافقت على زيادة رواتب موظفي الحكومة بنسبة عشرة بالمائة.

وفي المانيا، ألقت الشرطة القبض على أربعة من مثيري الشغب إثر مصادمات اندلعت بينهم وبين عناصر من الشرطة في مدينة هامبورغ شمال ألمانيا. وذكر متحدث باسم الشرطة أنه تم القبض على الاشخاص المذكورين بعدما ألقوا الحجارة على رجال الشرطة في محيط مبنى «روته فلورا»، المقر الرئيسي لإحدى الجماعات اليسارية في حي شانتسنفيرتل.

وأسفرت المصادمات عن إصابة شرطي بجروح طفيفة في اليد كما حطم المشاغبون زجاج أحد البنوك بالحجارة وأضرموا النيران في حاويات للقمامة. وكثفت الشرطة وجودها في المنطقة للتصدي لعمليات الشغب واستخدمت خراطيم المياه لتفريق المشاغبين.