لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي تقر مشروع قانون يحمل العراق نفقات الحرب

التشريع يمنع تنفيذ مشاريع تزيد كلفتها على مليوني دولار.. ويطالب بغداد بدفع رواتب قوات الصحوة

طفل عراقي يحدق في وجه جندي اميركي في الرضوانية جنوب غرب بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي تشهد فيه أسعار الطاقة ارتفاعا كبيرا، يوشك العجز الفيدرالي الأميركي أن يبلغ 400 مليار دولار، مما دفع عددا من أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين إلى التحرك لإجبار العراق على تحمّل مزيد من التمويل اللازم لإعادة إعمار العراق والإجراءات الأمنية. فقد صوتت لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ على تشريع يحظر على وزارة الدفاع «البنتاغون» تمويل برامج عمليات إعادة إعمار أو تأسيس بنية تحتية في العراق تتكلف أكثر من مليوني دولار. ووافقت اللجنة على التشريع، ولكنه لم يحظ بالإجماع. وطبقا لما هو مخطط، فسيكون على العراق أن يدفع مقابل تدريب وتوفير المعدات لقواته الأمنية وتوفير المرتبات اللازمة لمجموعات «أبناء العراق» التي تسمى مجالس الصحوة المشكلة من السنّة. كما سيكون على الإدارة (الأميركية) مناقشة الاتفاقيات الخاصة بتكلفة العمليات العسكرية المشتركة التي تقوم بها قوات أميركية وعراقية، كي يقوم العراق بتحمل ثمن البنود مثل الوقود. ويقول أعضاء مجلس الشيوخ إنهم سيتحركون نهاية الشهر لمنع أي هيئة فيدرالية، بما فيها وزارة الدفاع، من تمويل أي مشروعات كبيرة لإعادة الإعمار في العراق. وقال كارل لفين، السيناتور الديمقراطي عن ولاية ميتشيغان ورئيس لجنة القوات المسلحة، «يتحمل دافعو الضرائب الأميركيون الكثير.. ويجب على العراقيين أن يدفعوا ثمن هذا من الفائض الموجود لديهم، فهم يصدرون 2 مليون برميل من البترول يوميا بسعر 120 دولارا للبرميل. هذا غير مقبول ولا أخلاقي. ومن غير المقبول أن تمتلك دولة كهذه كل هذه الثروة وهذا الفائض الموجود في بنوكنا وبعد هذا ترسل بنوكهم الفاتورة لنا كي ندفعها».

ويقول أعضاء مجلس الشيوخ الذين يمثلون كلا الحزبين أن هذه الجهود تهدف إلى حماية مليارات الدولارات التي يدفعها المواطنون الأميركيون في صورة ضرائب، وأثنوا على موافقة اللجنة كخطوة أولية في إطار ما يمكن أن يكون أول تحرك ناجح من قبل الكونغرس لفرض تغيير في سياسة البيت الأبيض في الحرب. وتقول السناتورة سوزان كولينز، العضو في الحزب الجمهوري «هذا أول تغيير في موقف الحزبين تجاه سياستنا حول العراق».

وفي ظل حرب كهذه بلغت تكلفتها أكثر من نصف تريليون دولار، سيكون حجم ما يتم توفيره لدافعي الضرائب الأميركيين متواضعا نسبيا. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض توني فراتو إن الولايات المتحدة لا تقوم بالمشروعات الكبيرة جدا في العراق، على الرغم من أنه خلال الشهر الماضي، حوّلت وزارة الدفاع الأميركية 420 مليون دولار لدفع تكلفة بعض المشروعات. ويدفع الجيش الأميركي نحو 300 دولار شهريا لكل فرد من أعضاء مجموعات «أبناء العراق» الذين يبلغ عددهم 90.000 شخص، ولكن بعض المسؤولين يقولون إنهم يأملون أن تتولى الحكومة العراقية مسؤولية هذه العقود المبرمة مع هذه المجموعات بنهاية هذا العام. وتستهدف الخطة الأصلية دمج هذه المجموعات التي يسيطر علها السنّة بشكل كبير مع القوات الأمنية العراقية، ولكن حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي تسيطر عليها أغلبية شيعية تعارض التعاقد مع هذه المجموعات. وأخيرا أعلنت القيادة الأميركية أنه سيُلحق نحو 20.000 فرد فقط بالقوات الأمنية ـ ويوجد معظمهم في محافظة الأنبار. وستتم تغطية أية مدخرات بفاتورة نفقات الحرب التي توشك على أن يتم تمريرها في آخر هذا الشهر. ومن المحتمل أن يتجاوز مشروع القانون، الذي تعدّه قيادات الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ والنواب، 200 مليار دولار. ومن المحتمل أن يتضمن المشروع 108 مليارات دولار طلبها الرئيس بوش خلال الفترة المتبقية من العام المالي الحالي، بالإضافة إلى 70 مليار دولار للأشهر الأولى من العام المقبل ونحو 20 مليار دولار للإنفاق المحلي يشمل إعانات للمحاربين القدماء وزيادات في تأمين البطالة وبعض الأولويات الأخرى للحزب الديمقراطي. وقالت رئيسة مجلس النواب النائبة الديمقراطية نانسي بيلوسي إنه من المحتمل أن يورد المجلس في مشروع القانون بعض النصوص التي تتناول تحميل الحكومة العراقية بعض المسؤوليات المالية. وأشارت الى: «نحن لدينا عجز، وهم لديهم فائض. وهم يربحون الكثير من أسعار البترول، بينما يضر سعر البترول اقتصادنا. لقد أنفقنا الكثير على البنية التحتية في العراق بينما لدينا عجز في مشروعات البنية التحتية في بلادنا».

وقال أعضاء مجلس الشيوخ إنهم قد ناقشوا نصوص مشروع القانون مع منسق البيت الأبيض لشؤون الحرب دوجلاس لوت، الذي طلب السماح بتمويل المشروعات الحيوية بالنسبة للأمن القومي العراقي. وتسعى قيادات الحزب الديمقراطي إلى تبني نهج عملي ضد تمويل الحرب، ولكن الصراعات داخل صفوف الحزب الديمقراطي تؤخر مشروع القانون، الذي كان من المفترض أن يتم عرضه على مجلس النواب الأسبوع المقبل، ولكن من المحتمل أن يتم تأجيله مرة أخرى.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»