سكان البصرة: عاد الأمن إلى المحافظة بعد تعاون الأهالي مع الأجهزة الأمنية

عملية «صولة الفرسان» فتحت الباب أمام دعاوى المواطنين وبلاغاتهم ضد المسلحين

TT

«أبو سامر» واحد من سكنة منطقة القبلة غرب مركز محافظة البصرة، وهي منطقة شعبية معظم سكانها من الحرفيين وصغار الموظفين، حصل على وظيفة في الموانئ بعد أن أصبحت وزارة النقل من حصة التيار الصدري. ويشارك ولده بالعمل مساء في ورشة لتصليح ميكانيك المولدات الكهربائية التي باشرها من داره . لكن الأب وولده اختفيا بعد ساعات من تنفيذ عملية «صولة الفرسان» في 25 مارس (آذار) الماضي الرامية الى مطاردة المسلحين والخارجين عن القانون ولم تنفك مفارز الأجهزة الأمنية من مداهمة مسكنه بعد ورود معلومات مصادرها من أهل المنطقة بتحويل الورشة الى مكان لتحوير قنابل المدفعية إلى عبوات ناسفة شديدة الانفجار. وقال مازن عبد الله (حرفي في منطقة القبلة) لـ«الشرق الأوسط» انه «لم يكتف سكان المنطقة بالإخبار عنه بعد زوال حاجز الخوف بل تعدت إلى مطالبة عائلته بمغادرة المنطقة بعد أن أصبحوا مصدر قلق للسكان»، مشيرا إلى أن هذا التعاون «هو حالة جديدة لم يمارسها المواطن منذ سقوط النظام السابق لتداخل الخنادق بين الأحزاب الدينية والعصابات المسلحة التي جعلت من ارتداء الزي الأسود وعصائب الرأس علامة توحي للآخرين بارتباطهم بالتيار الصدري».

من جانبه أشاد الفريق أول الركن موحان حافظ قائد العمليات بدور المواطنين وشيوخ العشائر في رفد الأجهزة الامنية بالمعلومات عن المطلوبين للعدالة وهذا ما ساعد القوات النظامية على القبض على المطلوبين للعدالة قبل تمكن الكثير منهم من الفرار والاختفاء»، مشيرا الى أن «النجاحات التي حققتها الأجهزة الأمنية في معظم مناطق المحافظة هو نتيجة التعاون بين الأهالي والأجهزة بهدف التخلص من الجماعات المسلحة التي باتت تمارس القتل والخطف والابتزاز بدم بارد وتوظف الخبرات للعبث بأمن المواطنين». وأضاف «ان من النتائج المهمة التي حققتها العملية العسكرية التي قادها ميدانيا رئيس الوزراء هو إقبال ذوي الضحايا على تسجيل الدعاوى والإخبار عن هويات المجرمين الذين ارتكبوا جرائم القتل والاختطاف بعد ان كانوا يخشون من بطش أفراد هذه العصابات، وهذه نقلة نوعية لفرض القانون بالمدينة» على حد تعبيره.

ولم يدر بخلد الأجهزة الأمنية ان يتحول مسكن عضو مجلس محافظة سابق تعرض الى القتل على أيد مسلحين قبل أكثر من عامين الى وكر للمسلحين وهو مجاور لدور عدد من المسؤولين المحمية برجال من الأجهزة الأمنية. وكشف إسماعيل خليل (مدرس) ان منطقة الجبيلة وسط المدينة تعد من الاحياء النظيفة «تقطنها عوائل معروفة ووجوه اجتماعية وشخصيات سياسية وخالية من الخروقات الأمنية وقد استفاد المسلحون من هذه الميزة باستئجار دار الشهيد عصام العينجي عضو مجلس المحافظة السابق وهو على مقربة من داري القاضي وائل عبد اللطيف عضو البرلمان وقحطان الموسوي مدير عام التربية وتحويله الى وكر لإخفاء المخطوفين ومن بين الذين عثر عليهم في هذه الدار بتلر ريتشارد الصحافي البريطاني الذي يعمل في وكالة «سي بي اس» الأميركية والذي تعرض الى الاختطاف في شهر فبراير (شباط) الماضي». وإذا كانت المصادفة أو معلومات مسبقة هي التي قادت الأجهزة الأمنية الى مداهمة هذه الدار وتحرير الصحافي البريطاني بعد اعتقال اثنين من الخاطفين فان سكان منطقة الجمعيات اصيبوا بالذهول عندما داهمت الأجهزة الامنية مسكن يحيى العبودي عضو قيادة قطر العراق مسؤول تنظيمات البصرة في النظام السابق واخرجت منه كميات كبيرة من الصواريخ والقذائف والهاونات بعد ان استحوذت على هذه الدار احدى العوائل التي هبت للسيطرة على بيوت كبار المسؤولين اثر اعتقالهم أو هروبهم الى الخارج بعد سقوط النظام.  ولم يكن حال منطقة الحيانية الشعبية مثل منطقة الجبيله التي لا يعرف الكثير فيها عن جاره سوى نوع وموديل سيارته. اذ ان سكان الحيانية لا يكتفون بمعرفة أسماء وطبيعة أعمال ومواليد وعدد أفراد كل أسرة بالمحلة وانتمائهم العشائري بل يعرفون أيضا تفاصيل خصوصياتهم. وأثارت هذه المنطقة في وقت مبكر اهتمام السلطات الأمنية والقوات المتعددة الجنسيات ليس لكونها معقلا معروفا للتيار الصدري بل ما كشفته القوات الأميركية عندما داهمت احد الدور السكنية في مارس من العام الماضي بقصد اعتقال قيس الخزعلي المتورط في تنفيذ عملية قتل خمسة من الجنود الاميركيين بمدينة كربلاء. اذ أنها اعتقلت مع الخزعلي في نفس الدار عن طريق المصادفة علي موسى دقدوق ،24 عاما، لبناني الجنسية، وهو مسؤول كبير في حزب الله اللبناني واعترف ـ حسب المصادر الأميركية ـ بأن الوثائق التي وجدت بحوزته تشير إلى قيامه بتدريب مجموعة يتراوح عددها من 20 ـ 60 عنصراً للقيام بمهام وعمليات نوعية، وبميزانية شهرية تتراوح بين 750 ألفا إلى ثلاثة ملايين دولار. ويعد اعتقاله احد الأدلة التي قدمها الوفد العراقي الذي يزور طهران إلى الجانب الإيراني حول تورطه في إثارة أعمال العنف في داخل البلد.. وقال مصدر امني طلب عدم الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط» انه «من خيط دقدوق وخيوط أخرى وبالتعاون مع أهالي المنطقة تم تحديد أكثر من 200 مطلوب للعدالة حيث صدرت أوامر قبض قضائية بحقهم قبيل تنفيذ عملية صولة الفرسان إضافة الى العثور على كميات من الأسلحة بينها مدافع هاونات إيرانية حديثة الصنع وكميات كبيرة من العبوات الناسفة والألغام داخل بعض البيوت».