سعود الفيصل لـ«الشرق الاوسط»: الوضع الفلسطيني كما هو لا يساعد.. ونأمل باستجابة الفصائل لجهود مصر

وزير الخارجية السعودي يحذر من أن الوضع في الشرق الأوسط كئيب ويدعو الرباعية إلى نهج جديد للخروج من «المستنقع»

TT

جدد وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل مناشدة بلاده الفصائل الفلسطينية الى التوحد من اجل ضمان حقوق الشعب الفلسطيني. وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الاوسط» على هامش اجتماعات الرباعية ولجنة المتابعة حول فلسطين في لندن أمس، قال الأمير سعود الفيصل: «الوضع الفلسطيني كما هو لا يساعد على وصول الفلسطينيين انفسهم الى حقوقهم المشروعة» . ورداً على سؤال حول المساعي المصرية للوساطة في تهدئة غير رسمية بين اسرائيل وناشطين فلسطينيين، قال الامير سعود الفيصل: «لا استطيع ان اتحدث عن هذه الفصائل ولكن كل ما نستطيع ان نقوله ان مصر تبذل مجهوداً كبيراً ومشكورة عليه في هذا الاطار، ونأمل ان تستجيب هذه الفصائل للمجهود الذي تقوم به مصر». وعبر الأمير سعود الفيصل عن ضرورة احراز تقدم في توحيد الصف الفلسطيني، قائلاً: «نأمل النجاح لمصر ونأمل من الفلسطينيين ان يستجيبوا الى المساعي» المبذولة من قبل القاهرة . وفي ما يخص امكانية قيام دولة فلسطينية بحلول نهاية عام 2008، لم يوضح الامير سعود الفيصل ما اذا كان يتوقع انجاز هذا الوعد الاميركي. واكتفى الامير سعود بالقول: «نسمع من راعية مؤتمر انابوليس، وهي الولايات المتحدة، ان هناك يوجد تقدم في المحادثات بين الفلسطينيين والاسرائيليين». ولكنه اردف قائلاً: «لا نعلم ما هو هذا التقدم لأن هناك ضبطا كاملا على الصحافة لعدم التعرف على ما يجري»، قبل ان يضيف ضاحكاً: «ربما تجلبين انت اخباراً افضل منا». وقام الامير سعود الفيصل بزيارة قصيرة الى العاصمة البريطانية بدات مساء أول من أمس لحضور اجتماع للرباعية الدولية مع عدد من وزراء الخارجية العرب. وفي تصريحات في اجتماع الرباعية المغلق بحضور امين عام الامم المتحدة بان كي مون ووزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ونظيرها الروسي سيرغي لافروف والمنسق الاعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي وممثل الرباعية الدولية توني بلير، حذر الامير سعود الفيصل الرباعية من ان «الوضع في الشرق الاوسط كئيب وتعصف به المخاطر»، مشيراً الى انه «يبدو اننا قد وصلنا الى مرحلة يمكن وصفها بالمستنقع». وأضاف، ان طريقة الخروج من هذا المستنقع تعتمد على اتخاذ الرباعية نهجا جديدا في التعامل مع النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، موضحاً ان «المفاوضات من اجل ايجاد حل لهذا النزاع اخذت حيزا كبيرا من الزمن امتد لنحو ستين عاما وبدلا من تبسيط او ايضاح هذه القضية وتحديدها وفقا لقرار الامم المتحدة رقم 181 الذي شرع قانونية اقامة وطن قومي للفلسطينيين بجانب دولة اسرائيلية فان الكثير من العناصر غير المرتبطة وغير الضرورية جرى اقحامها في هذا النزاع خاصة بعد حرب 1967».

واكد الامير سعود امام الاجتماع الذي حضره وزير خارجية مصر احمد ابو الغيط ووزير خارجية دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد ال نهيان ووزير خارجية الاردن صلاح الدين البشير وممثلان عن وزيري خارجية دولة الكويت وتونس ان «حل النزاع على هذه الاراضي يجب ان يتم إما من خلال المفاوضات او التحكيم».

وعدد الامير سعود 3 أسباب رئيسية لعدم الوصول الى حل للقضية الفلسطينية، اولها «إصرار اسرائيل الواضح على استقطاع اراض مأهولة من الفلسطينيين لصالح توسيع الاراضي اليهودية وهذا ادى الى اقتلاع سكان الارض الحقيقيين من أراضيهم». واضاف ان ذلك «هدد بالتالي بقية الفلسطينيين بمواجهة نفس المصير، وحتمت تلك الظروف استمرار النزاع الذي انتهك حقوق الفلسطينيين وادى لمعاناتهم من القمع والعنف وسوء المعاملة تحت وطأة الرفض والحرمان».

وتابع ان السبب الثاني «يعود الى استمرار اسرائيل في ممارسة سياستها التي تقوم على تحقيق الامن الكامل لاسرائيل فقط مما ادى الى المزيد من الابعاد السلبية اي سياسة الأمن الكامل لطرف واحد في هذا النزاع وعدم توفير أمن مطلق للطرف الاخر».

وتابع ان السبب الثالث هو ان «مشاعر العداء الواسعة للسامية في الغرب والمحرقة النازية التي وقعت على اليهود أدت بلا شك الى تعاطف كبير معهم في الغرب وفي باقي دول العالم»، ليضيف انها «ساهمت في اعطاء اسرائيل اذنا باستخدام ما تريد من سياسات وان مثلت ظلما بينا للفلسطينيين، بينما ينظر الى اسرائيل كدولة محبة للسلام بغض النظر عن تصرفاتها المثيرة للتنديد ولردود الفعل العنيفة».

وشرح الامير سعود ان طرحه لهذه الوقائع لا يهدف الى القاء اللوم فحسب، بل «آمل بصدق في أن تتضافر جهودكم لإيجاد مخرج من هذا المستنقع». وأكد ان «الدول العربية بذلت كل ما في وسعها لتشجيع عملية التسوية وتبنت المبادرة العربية للسلام في بيروت»، مذكراً بأن هذه المبادرة تتضمن «منح اسرائيل الأمن الكامل الذي تطلبه من خلال التطبيع القائم على معاهدة سلام توقع عليها اسرائيل وكافة الدول العربية بالإضافة الى الدول الإسلامية التي أعلنت التزامها بالخطة العربية للسلام».

وعبر الامير سعود الفيصل عن اعتقاده بان عملية «انابوليس» بامكانها توفير المناخ الملائم للسلام، قائلاً: «ان المسعى الجاد والنزيه لتجسيد تعهدات أنابوليس على أرض الواقع سيمكننا من ازالة معظم العقبات والتعقيدات القائمة في الوضع الراهن»، لكنه ذكر بأن ذلك يجب ان يكون على مبدأ التساوي والعدالة. ولفت الى ان من بين «اسباب صعوبة المفاوضات الفلسطينية ـ الأسرائيلية حاليا هو المحاولات المستمرة لشق الصف الفلسطيني بدلا عن العمل لتوحيده من وراء عملية السلام».

وأكد ان «فلسطين الموحدة تشكل قوة حيوية ودافعة نحو المفاوضات كما تمثل بكل تأكيد عنصرا ضروريا لنجاحها». واعتبر ان «حكومة الوحدة الفلسطينية التي انبثقت من اتفاق مكة المكرمة تحولت الى فرصة ضائعة واذا ما عادت هذه الفرصة الثمينة من جديد دعونا نأمل الا تضيع منا مرة أخرى».  وبعد الانتهاء من الاجتماع مع الرباعية، التقى الامير سعود الفيصل بكل من امين عام الامم المتحدة بان كي مون وممثل الرباعية توني بلير ووزير الخارجية التركي علي بابجان في لقاءات ثنائية بحضور الامير محمد بن نواف بن عبد العزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة وأيرلندا. وطرحت خلال الاجتماعات القضايا الشائكة في الشرق الاوسط وضرورة التوصل الى حل سلمي لها.