الرباعية تنتظر نتيجة الوساطة المصرية وتتمسك بدولة فلسطينية قبل نهاية ولاية بوش

ليفني تغيب عن مؤتمر صحافي في ختام اجتماعات لندن بعد بيان ختامي شديد إزاء إسرائيل ورايس تحذر من أن فرصة الدولتين لن تبقى للأبد

مؤتمر صحافي للرباعية الدولية في لندن أمس (إ.ب.أ)
TT

دارت تساؤلات كثيرة في العاصمة البريطانية أمس حول الوساطة المصرية بين الفصائل الفلسطينية واسرائيل من اجل التهدئة واعطاء عملية السلام فرصة من جديد. وشهدت لندن أمس جملة من الاجتماعات الرفيعة المستوى لبحث الوضع الفلسطيني وجهود عملية السلام في اجتماعات للرباعية الدولية ووزراء خارجية عرب ولجنة المتابعة لدعم السلطة الفلسطينية. واعلنت الرباعية في بيان ختامي أمس بأنها تتمسك بـ«الهدف المشترك للتوصل الى اتفاق على قيام دولة فلسطينية بحلول نهاية عام 2008»، أي نهاية ولاية ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش. واطلع وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط نظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني في لندن امس على تفاصيل الجهد المصري لتحقيق التهدئة بين الجانبين. وقال بيان صحافي للناطق الرسمي للخارجية المصرية السفير حسام زكي عقب مباحثات أبوالغيط وليفني «إن الجهد المصري يستهدف تحقيق تهدئة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني تبدأ من غزة وتتشكل من عدة عناصر تسمح بتحقيق انفراجة بهدف حقن دماء المدنيين والتركيز على الحوار السياسي بينهما وتعزيز فرص نجاحه».

وعبر مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ولش عن ارتياح بلاده لاجتماع الرباعية، قائلاً: «انها مشجعة»، لكنه اردف قائلاً: «هناك بعض القلق حول عدم التزام بعض الدول بالتعهدات المالية للفلسطينيين». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «نشيد بالامارات العربية المتحدة التي اعطت اكثر من الذي التزمت به سابقاً» في باريس. وعن الاوضاع المتدنية في غزة، قال ولش: «ندعم جهودا تسعى لاحراز تقدم في غزة»، مضيفاً: «الاوضاع في غزة مصدر توتر على المسارين» السياسي والاقتصادي. وعن المساعي المصرية، قال مصدر دبلوماسي اميركي ان واشنطن «تشجع المسار المصري ولكن لم نطلع على تفاصيل الاتفاق»، واضاف المصدر الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الكشف عن هويته: «الاسرائيليون يستمعون للتقارير عن احتمال التهدئة ولكن ينتظرون زيارة (رئيس المخابرات المصرية) عمر سليمان اولاً». واوضح ان هناك «شعورا واسعا بأن اذا استطاع احد ان يحرز تقدما في ما يخص التهدئة بين الطرفين فهي مصر التي تملك العلاقات الضرورية مع الطرفين». واشار مصدر دبلوماسي اوروبي الى انه من المحتمل قيام سليمان بهذه الزيارة الاسبوع المقبل، الا ان الزيارة لن تعلن رسمياً. واضاف المصدر ان كل الاطراف تنتظر نتيجة هذه الزيارة، على امل ان التوصل الى هدنة ممكن لدفع عملية السلام الى الامام.

وتتجدد الجهود الاميركية لانجاح عملية انابوليس مع بقاء 8 اشهر فقط على ولاية بوش بعد ان اعلن انه يريد الاشراف على اتفاق لبناء دولة فلسطينية. وأكد مصدر دبلوماسي بريطاني لـ«الشرق الأوسط» ان الاسابيع الستة المقبلة ستشهد بذل اطراف مختلفة جهودا واسعة لتحقيق تقدم سياسي لبناء دولة فلسطينية. واضاف المصدر الذي طلب عدم كشف هويته ان الوساطة المصرية للتهدئة عنصر مهم لهذه الجهود، بالاضافة الى زيارة بوش الى المنطقة نهاية الشهر الجاري. ولفت الى ان ممثل الرباعية توني بلير قدم لائحة الى الاسرائيليين بـ«خطوات ملموسة وخطط محددة لمساعدة الفلسطينيين» على الامل بان تشكل هذه الخطوات خلال الاسابيع المقبلة ارضية لدفع مفاوضات السلام.

وشدد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض في مؤتمر صحافي أمس على ان اسرائيل تعيق عملية السلام. وشرح ان «السلطة الفلسطينية قامت بما كان مطلوباً منها وقامت باصلاحات داخلية»، مضيفاً ان «المجتمع الدولي قام بما كان مطلوباً من خلال التعهد بـ7.7 مليار دولار من المنح»، وتابع: «اسرائيل قامت بالقليل من خلال التوقعات والالتزامات»، مشدداً على اهمية ازالة الحواجز، وهو ما شددت عليه الرباعية في بيانها الختامي. وشدد فياض على اهمية العمل لاحياء عملية السلام، قائلاً: «من غير المتوقع ان نتوصل الى هدفنا» باتفاق على دولة فلسطينية قبل نهاية العام.

ومن جهتها، قالت رايس في تصريحات للصحافيين الاميركيين: «الامر ملح لانني (...) مقتنعة بان فرصة الحل باقامة دولتين لن تبقى مفتوحة الى الابد». واضافت «في الواقع يمكننا القول انها تتقلص يوما بعد يوم». وأضافت: «أعتقد أن خيار إقامة دولتين لن يبقى مطروحا للابد.. أعتقد أنكم تلاحظون أن مساحة الفرص المتاحة تتضاءل مع مرور الوقت». وشددت على انه يجب أن يرى الفلسطينيون تحسنا في مستوى معيشتهم كي يشعروا بالامل والثقة في التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل.

وأوضحت رايس إن المفاوضات تشهد تقدما قد يكون بطيئا ولا يشعر الكثيرون به نظرا لعدم الكشف عن الكثير من المعلومات الخاصة بالمفاوضات لهم. وأضافت رايس: «لا أقبل.. ولن تقبل الحكومة الاميركية أن تصبح أية خطوة اتخذت قبل الاتفاق أمرا واقعا.. أو أن تحدد النتيجة النهائية».

وكان من اللافت ان وزيرة الخارجية الاسرائيلية غابت عن المؤتمر الختامي لاجتماع لندن، على الرغم من ان اسمها كان مدرجاً ضمن قائمة الاعلاميين للمؤتمر الصحافي. وبعد وضع شارة باسمها على منصة في قاعة المؤتمر الصحافي، قام مسؤولون من وزارة الخارجية البريطانية بازالة هذه الشارة والكرسي المخصص لليفني قبل ربع ساعة من بدء المؤتمر الصحافي. وصرح مسؤولون في الخارجية البريطانية بان ليفني كانت قد ارتبطت بمؤتمر صحافي في السفارة الاسرائيلية، الا ان مصادر دبلوماسية اشارت الى ان ليفني لم تكن راضية عن مطالبة الرباعية في بيانها الختامي بازالة الحواجز ومن الفلسطينيين حرية الحركة. ولفت عدد من الدبلوماسيين الذين شاركوا في اجتماعات امس ان لهجة البيان الختامي للرباعية كانت اشد لهجة حيال اسرائيل مما كان متوقعاً. وجاء في البيان ان الرباعية «تعبر عن قلقها العميق من مواصلة الحركة الاستيطانية وطالبت اسرائيل بتجميد كل الحركة الاستيطانية بما في ذلك النمو الطبيعي». وبينما ادانت الرباعية كما هو معتاد في بياناتها السابقة اطلاق الصواريخ من غزة على جنوب اسرائيل، شددت الرباعية لهجتها ضد اسرائيل، معلنة «قلقها الشديد ازاء الضحايا الفلسطينيين بما فيها الموت الحديث لأم واربعة من اطفالها في غزة». وخصص البيان الختامي فقرة طويلة لـ«الوضع الانساني في غزة»، مؤكدة ضرورة تزويد «المساعدات الطارئة والانسانية والخدمات الاساسية لغزة من دون عرقلة». وطالبت الرباعية مصر وفلسطين واسرائيل بـ«العمل سوياً لوضع معالجة جديدة للوضع في غزة تزود الامل لكل اهل غزة وتنهي اعمال الارهاب وتزود الفتح المنتظم والمستدام لنقاط العبور في غزة لكل الاسباب الانسانية والتجارية». وبعد ختام اجتماع الرباعية صباح أمس واجتماع ثان موسع لوزراء خارجية عرب مع ممثلين الرباعية، عقد اجتماع موسع للجنة المتابعة لدعم السلطة الفلسطينية. وشرح وزير التنمية الدولية البريطانية دوغلاس اليكساندر ان التركيز على الجانب الاقتصادي للسلطة الفلسطينية سببه «اننا نريد أن نبذل كل ما في وسعنا لأجل أن يكون عام 2008 عام إيجابيات، وتغيير المواقف على الأرض لأجل أن يرى المواطنون العاديون الإسرائيليون والفلسطينيون فوائد دعم السلام ونبذ العنف. نريد أن نشهد تغييرا ملموسا على أرض الواقع». واكد وزير الخارجية النرويجي يوناس ستور، الذي ترأس بلاده لجنة المتابعة، ان هذا اكبر اجتماع للجنة المتابعة من حيث مستوى التمثيل العالي والمشاركة بالمقارنة مع المؤتمرات الـ27 التي عقدت منذ تفعيل هذه الالية بعد اتفاق اوسلو. وكان الهدف من الاجتماع تقديم السلطة الفلسطينية تفاصيل عن احتياجاتها لدعم ميزانيتها. وشرح رئيس الوزراء الفلسطيني ان حكومته تحتاج الى 1.6 مليار دولار لسد ميزانيتها لعام 2008-2009 ولكن لديها فقط 700 مليون من هذه الاموال من المانحين. وتفيد ارقام وزارة الخارجية الاميركية ان 717 مليون دولار دفعت حتى الآن منها 500 مليون من الاتحاد الاوروبي وبريطانيا والنرويج وفرنسا والولايات المتحدة. وتبلغ مساهمات بلدان الجامعة العربية 215 مليون دولار.

وشددت الولايات المتحدة على قضية ضرورة صرف الدول العربية الاموال التي تعهدت بها في مؤتمر باريس في ديسمبر (كانون الاول) الماضي. وانتقدت رايس بعض البلدان العربية الغنية عن دفع الاموال التي وعدت الفلسطينيين بها، متهمة هذه البلدان بالسعي الى «دفع اقل ما يمكن». وقالت: «اعتقد انه على البلدان التي تملك الامكانيات، الا تسعى الى دفع اقل ما يمكن بل الى دفع اقصى ما يمكن»، في اشارة الى التعهدات التي اعطيت في اجتماع باريس للمانحين. ولم تسم رايس اي بلد في تصريحاتها، لكن وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية طلب عدم الكشف عن هويته انتقادا للكويت وقطر وليبيا. الا ان الكويت اعلنت في اجتماعات امس انها ستخصص 80 مليون دولار للسلطة الفلسطينية لدعم الميزانية الفلسطينية وخصوصاً لدفع رواتب الموظفين. ولكن اكد فياض أمس ان «القضية تخص كل الدول المانحة وليست فقط الدول العربية». وتضمن البيان الختامي اشارة الى هذا الموضوع، اذ جاء فيه: «عملاً بالدور الاساسي للدول العربية في دعم عملية السلام واهمية مبادرة الجامعة العربية للسلام، الرباعية تشجع الدول العربية على تحقيق ادوارها السياسية والمالية في دعم عملية السلام». واعلن وزير التنمية الدولية البريطاني في المؤتمر الصحافي الختامي امس ان هناك موعدين رئيسيين مقبلين بالنسبة الى فلسطين هما مؤتمر الاستثمار في بيت لحم في 21 و22 من الشهر الجاري ومؤتمر الامن المدني في برلين في يونيو (حزيران) المقبل. وقال: «لقد اجتمعنا (امس) بينما تواجه الأراضي الفلسطينية المحتلة ضغوطا اقتصادية هائلة، والأوضاع الإنسانية في غزة في حالة تدهور، بينما لم يطرأ على الوضع الأمني على كلا الجانبين أي تحسن. وبالتالي فإن عقد اجتماع دولي آخر لا ينجم عنه تحقيق أي شيء ليس خيارا أمامنا». واضاف وزير الخارجية النرويجي يوناس ستور ان اللقاء المقبل للجنة المتابعة التي ترأسها بلاده سيكون في نيويورك على هامش اجتماع مجلس الامن للامم المتحدة. ولكن لم تكن هناك اية اشارة الى اجتماع موسكو لبحث عملية انابوليس، الذي كان مرتقباً ان يعقد في يوليو (تموز) المقبل سوى اشارة من جملة واحدة في البيان الختامي تقول ان «الرباعية ناقشت اقتراحا لاجتماع دولي في موسكو لاعطاء الدعم المتواصل الى الاطراف في مفاوضاتها والجهود على الارض». ورداً على سؤال «الشرق الأوسط» حول احتمال عقد اجتماع موسكو لتقييم عملية انابوليس، قال فياض: «قياس التقدم ضروري وخاصة عندما لا تسير الامور كما نريد»، مضيفاً: «من الضروري عقد الاجتماع اذ قد تحتاج العملية الى تعديلات لانجاحها».

* لقطات

* قضى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فترات الاستراحة بين الاجتماعات في حدائق «لانكستر هاوس» حيث عقدت الاجتماعات، حتى يدخن، لمنع التدخين في المباني العامة.

* قررت وزارة الخارجية البريطانية إبقاء الصحافيين في مبنى «لانكستر هاوس» بينما انتقل وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وروسيا ووكيل وزير خارجية الصين الى مقر الخارجية البريطانية. وكي يبقى الإعلاميون بعيدين عنهم، بث البيان الختامي الى الصحافيين عبر نقل حي من وزارة الخارجية

* عقد وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، مؤتمره الصحافي في محطة قطار «سان بانكرس» قبل العودة الى باريس في قطار «يورو ستار»