مدير سجون الأحداث لـ «الشرق الأوسط»: التعليم معطل تماما داخل السجون

جدل بين التربية والتعليم ووزارة العمل يدفع ثمنه «أحداث» العراق بحرمانهم من التعليم

TT

رغم وجود قوانين عراقية تسمح للأحداث المودعين داخل الإصلاحيات بالتعليم داخل السجون والتقدم لأداء الامتحانات للمرحل التعليمية، إلا أن هذه القوانين عطلت منذ عام 2003، بسبب الأوضاع الامنية، وحرم بالتالي السجناء الأحداث من إكمال دراستهم. وتتقاطع وجهات النظر بين وزارتي التربية والعمل حول مسؤولية كل جهة عن تعطيل النشاط التعليمي داخل سجون الأحداث.

يقول ولي جليل الخفاجي مدير سجون الأحداث لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك ثلاث مدارس مختصة بإصلاح الأحداث (الصبيان، والفتيان، والشباب) ومن المفترض احتواؤها على مدارس داخلية تجرى فيها الامتحانات، وهذا ما كان معمولا به سابقا أي قبل أحداث 2003، وهو غير ما يحدث الآن، كما لدينا قانون يسمح للطلبة بالخروج خارج الإصلاحيات لأداء الامتحانات للمراحل النهائية أي الإعدادية، وكذلك في الكليات، وهذا القانون ما زال ساري المفعول، لكنه معطل». وبين انه «بموجب هذا القانون يسمح للأحداث المودعين في سجون وزارة العمل، إكمال دراستهم»، مشيرا الى وجود مودعين أحداث لديهم رغبة في إكمال دراستهم.

وتابع الخفاجي قائلا «لدينا في السابق من أكمل دراسته وأصبحوا أطباء وبياطرة ومحامين وتخصصات مختلفة وهم بالأصل نزلاء الإصلاحيات ونحن نفتخر بهم، وهو حق مشروع لهم كما يحدث في جميع البلدان الأخرى، غير أن الذي حدث بعد الحرب الأخيرة، توقفت الدراسة لعدة أسباب أهمها عدم وجود إصلاحيات للفئات العمرية، فجميع الفئات أي (الصبيان والفتيان والشباب) مودعون الآن في إصلاحية واحدة، والقانون لا يسمح بحدوث هذا الأمر، غير إن عدم توفر الأبنية أجبرنا على الدمج».

وأضاف «السبب الآخر وهو الأهم يكمن في تردي الحالة الأمنية؛ فسابقا أي (قبل سقوط النظام السابق) كانت التعليمات تسمح بوجود كفيل كأن يكون أخ المسجون الحدث أو أباه وأي قريب له، حيث يقوم الكفيل بتوقيع تعهد ينص على تكفله بإحضار الحدث بعد أداء الامتحانات، وفي حال حدوث العكس يلزم الكفيل بدفع مبلغ نقدي معين، أما الآن من سيكون الكفيل ومن الجهة التي يمكن أن تلزم الكفيل حتى لو وقع على كفالة بمليارات الدنانير، ومن سيحضرهم في ظل واقع ما زال يعاني الإرباك في كافة مفاصله».

كما تطرق الخفاجي إلى الوضع العام للدراسة في الجامعات، وبين ان «الجميع يعلم أن دوام طلبة الكليات غير منتظم هو الآخر، فكيف حال المسجون»، ومضى قائلا «من هذا الباب نقول إن الدراسة ومنذ سقوط النظام وحتى الآن معطلة تماما، ولم يؤد أي طالب نزيل في الإصلاحية امتحاناته لا بشكل داخلي ولا خارجي، ووزارة العمل حرصت بشكل ذاتي على تأمين صفوف لمحو الأمية ومحاضرات على نطاق ضيق داخل هذه الإصلاحيات ولا ترقى لتسميتها مدرسة».

وأشار الى انه من المستحيل فتح مدارس داخل الإصلاحية لضيق المكان وعدم وجود إمكانيات، «فنحن عندما نتحدث عن تأمين دراسة للأحداث علينا أن نأخذ بنظر الاعتبار وجود صفوف لثلاث فئات الابتدائية والمتوسطة والإعدادية حتى الكليات، ثم علينا أن نقسم الصفوف بحسب المرحلة ونحتاج على الأقل ست صفوف اثنين متوسطة وواحد إعدادية». وبشأن إمكانية تبني وزارة التربية لهذا الأمر، قال الخفاجي «إن وزارة التربية العراقية كانت من بين الأسباب التي ساهمت في حرمان هذه الشريحة من الدراسة، فبعد مخاطبات طويلة بين العمل والتربية أرسلت الأخيرة عددا من المدرسين للإصلاحية للقيام بتنظيم صفوف تعليمية، ما حدث بعدها هو أن المدرسين بدأوا يطالبون برواتب كموظفين تربويين، والمفترض أن تتحمل التربية هذه النفقات كونها مسؤولة عن القطاع التربوي بشكل عام لكنها رفضت تخصيص رواتب لهم بحجة أنهم يعملون في داخل إصلاحية تعود لوزارة العمل التي تعاني أصلا من عدم توفر الدرجات الوظيفية، وصار الاختلاف حول هذا الأمر، وهناك مساع للعام المقبل بان تبعث لنا التربية خمسة مدرسين فقط ونحن نأمل حل للمشكلة التي يعاني منها طلبة الإصلاحيات». وعندما اتصلت «الشرق الاوسط» بوزارة التربية، أكدت أنها تولي القضية اهمية كبيرة، لكنها لم تنف أو تؤكد ما يجري حاليا. وقال المتحدث الرسمي للوزارة وليد حسين، ان هذه القضية مهمة للغاية وستطرح للنقاش مجددا في لقاء سيتم مع وزير التربية اليوم الأحد للبت فيها.    وبشأن أعداد المودعين، قال الخفاجي إن «أعداد الأحداث في تغير مستمر وما موجود لدى وزارة العمل اقل من 300 حدث وبأعمار مختلفة وما موجود لدى الأميركيين أقل من ألف». وبشأن شمولهم بقانون العفو العام، بين أن عدد الذين تم إطلاق سراحهم ومنذ تطبيق قانون العفو وحتى الآن بلغ 75 حدثا وهناك أكثر من 100 سيشملون قريبا، مشيرا إلى أن جميع الأحداث مشمولون بالقانون عدا المتهمين بحوادث القتل.