بوتين يغادر الكرملين إلى مقر رئاسة الحكومة ويسلم الرئاسة إلى ميدفيديف

الرئيس الجديد يقول إن إعلاء القانون ومكافحة الفساد من أهم أولوياته

TT

لاول مرة في تاريخ روسيا الحديث، شهد الكرملين مراسم نقل السلطة من رئيس الدولة الروسية الى خلفه المنتخب في حضور اعضاء المجلسين النيابيين واعضاء المحكمة الدستورية وحكام الاقاليم والضيوف الاجانب. فلم يسلم احد السلطة الى اول رئيس للاتحاد السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف الذي انتخب من جانب اعضاء مؤتمر نواب الشعب، فيما كان الرئيس الاسبق بوريس يلتسين اول رئيس لروسيا الاتحادية وترك السلطة طواعية في نهاية عام 1999 قبل انتهاء موعد ولايته الدستورية ما جعل الرئيس فلاديمير بوتين يتولى مهام منصبه في مايو 2000 من منصبه كقائم بأعمال الرئيس. وكانت مراسم التنصيب سريعة القى بوتين بعدها كلمة مقتضبة، اكد فيها اضطلاعه بما تعهد به خلال سنوات حكمه الثماني وضرورة استمرارية النهج السابق بما «يخدم مصالح الوطن والمواطن». ودعا رئيس المحكمة الدستورية فاليري زوركين بعد ذلك الرئيس الجديد دميتري ميدفيديف للقسم على الدستور بعد أن سلمه بوتين مقاليد السلطة وشيفرة التحكم في السلاح النووي.

وفي 33 كلمة اوجز الرئيس قسمه على مراعاة واحترام الدستور والقانون وحماية سيادة واستقلال ووحدة اراضي الدولة وخدمة مواطنيها، ليصدح السلام الوطني معلنا البداية الرسمية لولاية الرئيس الجديد. بدوره، رد ميدفيديف بكلمة قصيرة أيضا أوجز فيها اولويات المرحلة الجديدة مؤكدا على اهمية اعلاء القانون وتجاوز ما وصفه بالجهالة القانونية والالتزام بحماية حرية وامن الموطن. واشار الى اولويات مكافحة الفساد وإيلاء اهمية خاصة لتطور القطاع الخاص وتوفير الظروف المناسبة للاستثمارات المحلية وتحديث قطاعات الزراعة والصناعة. وقد توجه الرئيسان السابق والجديد بعد ذلك سوية لاستعراض حرس الرئاسة في فناء الكرملين بعد ان اطلقت المدافع 30 طلقة اعلانا وابتهاجا بتنصيب الرئيس الجديد. ومن اللافت ان كاميرات التلفزيون المحلية التي اقتصر عليها نقل مراسم الاحتفال، توقفت اكثر من مرة عند لودميلا بوتينا وسفيتلانا ميدفيديفا قرينتي الرئيسين السابق والجديد وكأنما تريد تأكيد عدم صحة ما تناقلته بعض وسائل الاعلام المحلية والأجنبية من شائعات حول قرب زواج بوتين من الينا كابايفا بطلة الجمباز الاوليمبية وهو ما نفاه بوتين. وكانت مناسبة الامس اول ظهور رسمي لزوجة الرئيس السابق بعد ان غابت عن اكثر من مناسبة رسمية كان آخرها استقبال الرئيس الاميركي جورج بوش وقرينته في سوتشي على ضفاف البحر الاسود. وبموجب المادة 116 من الدستور الروسي تقدمت الحكومة الروسية امس باستقالتها الى الرئيس ميدفيديف الذي قام بدوره بارسال خطابه الى مجلس الدوما باسم  فلاديمير بوتين الذي يرشحه رئيسا للحكومة الجديدة حسب نص الدستور الذي يقضي بضرورة مناقشة الترشيح في غضون اسبوعين من تاريخ وصول خطاب الرئيس.

من جانبه اكد رئيس مجلس الدوما بوريس غريزلوف ان المجلس يعقد اليوم جلسة طارئة لإقرار ترشيح بوتين الذي تولى اعتبارا من الامس رسميا رئاسة حزب الوحدة، صاحب الاغلبية الدستورية في مجلسي الدوما والاتحاد، ما يعني ان الترشيح سيحظى بموافقة الاغلبية الساحقة من نواب المجلس النيابي. ومن المقرر ان يتقدم رئيس الحكومة الجديد بمرشحيه لعضوية الحكومة الى الرئيس المنتخب في غضون اسبوع من تاريخ اقرار مجلس الدوما لترشيحه. وكان بوتين اعلن انه سيزيد من عدد نواب رئيس الحكومة فيما قالت المصادر ان العدد قد يبلغ 11 نائبا في محاولة لتحميلهم اكبر قدر من المسؤولية كـ«كباش فداء» حسب تعبير الكثير من الصحف الروسية في اطار تناولها لعلاقة الرئيس الجديد بمرؤوسه.

وفي الوقت الذي يواصل فيه المراقبون تعليقاتهم حول مستقبل العلاقة بين قطبي الساحة السياسية الروسية ومناقشة ما يقال حول احتمالات انتقال مركز السلطة من الكرملين الى البيت الابيض ـ مقر الحكومة الروسية، يقول آخرون ان القول الفصل بهذا الشأن يظل سابقا لأوانه، فيما يتوقع البعض تزايد احتمالات ظهور شخصيات جديدة قد تقلب كل التوقعات بما في ذلك ما يتعلق بمستقبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2012.  ومن المعروف ان الرئيس السابق بوتين يتمتع بموجب القانون بالكثير من الامتيازات التي سبق واقرها للرئيس الاسبق بوريس يلتسين ومنها توفير الحماية والحصانة الى جانب الكثير من الامتيازات المادية ومنها السكن والطائرة الخاصة وطاقم المساعدين والمراسم والحراسة الى جانب 75% من راتبه كرئيس للدولة.