الشرطة الإسرائيلية تتوقع صدامات بين اليهود المحتفلين والفلسطينيين المُحدِّين في ذكرى النكبة

TT

أعلنت الشرطة الاسرائيلية عن نشر قوات كبيرة في الأحراج القائمة على أطلال قرية صفورية في الجليل (شمال اسرائيل)، اليوم، خوفا من صدامات متوقعة بين فلسطينيي 48، الذين يحيون في المكان الذكرى السنوية الستين لنكبة فلسطين، وبين مجموعة من اليهود اليمينيين، المحتفلين بالذكرى الستين لتأسيس إسرائيل.

وكانت القيادات السياسية الوطنية لفلسطينيي 48، كما في كل سنة، قد قررت إحياء ذكرى النكبة في نفس اليوم الذي يحتفل فيه الاسرائيليون بالاستقلال، حسب التقويم العبري (حسب التقويم الميلادي، تم الاعلان عن قيام اسرائيل في 14 مايو (أيار) 1948). واختاروا احياء ذكرى النكبة هذه السنة على أطلال قرية صفورية، وهي قرية عربية كبيرة تم تشريد سكانها سنة 1948 وهدم جميع بيوتها وبناء مستوطنة يهودية عليها تدعى «تسيبوري» وتحويل قسم كبير من أراضيها الى حرج للاستجمام. وكان عدد سكان هذه القرية في زمن النكبة 8500 نسمة، رحل غالبيتهم الى لبنان ويعيشون اليوم في مخيم عين الحلوة وغيره، فيما اختار قسم آخر منهم البقاء على مقربة منها. وهم يسكنون اليوم فوق أحد جبال مدينة الناصرة، الذي يطل على بساتين صفورية.

وقال عضو الكنيست، محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، المتحدر من عائلة صفورية أصيلة، «ان الجماهير العربية في اسرائيل هي جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وكونها تحمل الجنسية الاسرائيلية نتيجة للظروف الجيوسياسية في المنطقة، لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن الجذور. وطالما ان هناك قضية فلسطينية عالقة ولاجئين فلسطينيين مشردين في شتى أرجاء المعمورة، سيظل فلسطينيو 48 يحيون ذكرى النكبة. وطالما ان الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ولا يحظى بالاستقلال الوطني الكامل، فإنه لا يمكن اعتبار اسرائيل مستقلة ولا يمكن قبول احتفالات الاستقلال فيها. ولذلك، فإننا سنواصل احياء ذكرى النكبة وشهدائها على أطلال قرانا المهدومة (531 قرية فلسطينية هدمتها اسرائيل بعد قيامها)، حتى يتم تسوية الصراع ويتحقق السلام».

ويحاول فلسطينيو 48 إقناع المؤسسة الإسرائيلية بضرورة الاعتراف بالنكبة وتحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية عنها، حيث ان اسرائيل عملت كل ما في وسعها لترحيل أكبر قدر من الفلسطينيين عن وطنهم في حينه. وحسب مؤرخين عديدين، بينهم إسرائيليون، فإنه لا توجد قرية فلسطينية واحدة، إلا ونفذت فيها مجزرة بأيدي التنظيمات اليهودية المسلحة، ولاحقاً الجيش الاسرائيلي. وتطرق الناطق بلسان رئيس الوزراء الاسرائيلي، مارك ريغيف، الى هذا الموضوع في لقائه مع بعض ممثلي وسائل الاعلام الصادرة في العالم العربي، فقال: «نحن عندما نحتفل باستقلال اسرائيل لا نتجاهل حقيقة النكبة الفلسطينية، بل نؤكد أننا نعرف الألم الفلسطيني ونشعر به ونتماثل معه. ولكن اسرائيل ليست وحدها مسؤولة عن تلك النكبة. ففي حينه أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بتقسيم فلسطين، الذي تقوم بموجبه دولتان للشعبين. ووافق اليهود على القرار ورفضه الجانب العربي. ولو لم يرفضه العرب لكان الشعب الفلسطيني يحتفل اليوم مثلنا بمرور ستين سنة على استقلاله». إلا ان النشاطات التي يقيمها فلسطينيو 48 في هذه المناسبة، تواجه بمعارضة واسعة في أوساط اليمين وحتى بعض الأوساط الليبرالية في المجتمع الاسرائيلي، ويراها البعض تهديدا لوجود اسرائيل من داخلها. وتنشر وسائل الاعلام الاسرائيلية عشرات البيانات والتصريحات من شخصيات ومؤسسات يهودية تحتج على نشاطات النكبة الفلسطينية وتطالب العرب بالاختيار الواضح ما بين الإخلاص لدولتهم اسرائيل أو الانتماء لشعبهم الفلسطيني. وأقامت حركات اليمين المتطرف تنظيما باسم «الحارس الجديد»، على نسق تنظيم «الحارس»، الذي أقامه المستوطنون في فلسطين قبل قيام اسرائيل بمحاربة العرب الذين كانوا يهاجمون المستوطنات. وبادر هذا التنظيم الى دعوة الجمهور الاسرائيلي الى الاحتفال بالذكرى هذه السنة في أحراج صفورية بالذات، في الوقت الذي يقيم فيه فلسطينيو 48 مسيرتهم ومهرجانهم بذكرى النكبة. ولكي يشجعوا الجمهور اليهودي على المشاركة، أعلنوا عن تغطية كافة مصاريف السفر والطعام والشراب وشي اللحوم. وأعلن العديد من السياسيين في اليمين انهم سيشاركون فيه، وفي مقدمتهم نائب رئيس جهاز المخابرات العامة السابق، يسرائيل حسون، الذي انتخب عضوا في الكنيست عن حزب اليمين المتطرف «اسرائيل بيتنا». وتتوقع الشرطة أن يؤدي هذا النشاط الى صدامات بين الطرفين، ولذلك أعلنت عن رفد شرطة المنطقة بقوات كبيرة في المكان منذ مساء أمس.