اللبنانيون يتموّنون استعدادا.. والأسعار تواصل الارتفاع

TT

فيما كان أحد العاملين في مخزن كبير في إحدى ضواحي بيروت، يبدّل أسعار الحليب التي تواصل الارتفاع منذ فترة، كانت احدى السيدات اللبنانيات تتخذ «التدابير الاحتياطية» عبر شراء «الحليب للاطفال، فضلا عن الخضار»، خوفا من انقطاعها «بعدما سمعنا ان طريق البقاع ستقفل».

وما أن تعود بوادر الحرب الى الواجهة، حتى يسارع اللبنانيون الى التموّن تجنّبا لانقطاع المواد الغذائية الاساسية. المشهد أمس في أبرز المخازن الكبرى ومحال الخضار في بيروت، بدا فصلا من فصول «مألوفة» في أزمنة الحرب التي خبرها لبنان. وفيما كان بعض شوارع العاصمة تحت عدسات كاميرات التلفزيون، «تغلي» بفعل انتشار المسلّحين من الموالاة والمعارضة واشعال الاطارات، كانت ضواحي بيروت وكثير من المناطق «تستعد» تموّنا هي الأخرى. فصحيح ان النزاع تمركز في نقاط معيّنة، لكنّ الشلل أصاب غالبية المناطق. الكثير من المحال واصلت إقفال ابوابها، فيما تقاطر الناس الى المخازن الكبرى لشراء حاجياتهم.

تؤكّد ريما ع. لـ«الشرق الأوسط» أنها ليست خائفة من «انقطاع المواد الغذائية، لكن أفضّل شراء الحليب للاطفال، خوفا من انقطاعه أو ارتفاع اسعاره بشكل جنوني، عدا ذلك لست خائفة. لقد اعتدنا التعايش مع المراحل الصعبة، من الحرب الأهلية الى الحرب الاسرائيلية تموز (يوليو) الفائت، وقد حاصرتنا ومنعت عنّا الكثير من المواد.. وها نحن لا نزال احياء. عودنا صلب». وتشير الى ان «هناك الكثير ممن لم يستطيعوا التموّن، لأن لا مال في حوزتهم. فالقدرة الشرائية تتراجع في ظل الأسعار الجنوني لأسعار السلع الأساسية».

في المقابل، تبدي ليال فاعور تخوفها «من امكان جرّنا الى الوراء، الى حرب جديدة. لم نعد نتحمل. ها أنذا أشتري الخبز والمعلّبات بكميات كبيرة. هذا اول ما نركض اليه حين نشعر بالخطر. فماذا سنفعل ان اضطررنا لملازمة منازلنا والتوقف عن العمل بفعل قطع الطرق؟ ماذا سيحصل اذا قطعت طريق البقاع؟ كيف سنحصل على المواد الغذائية والخضار؟ لا ادري ما العمل»؟. وتؤكّد احدى المسؤولات عن قسم المحاسبة في احد مخازن بيروت سمر ع. أن «اليوم (امس) نعمل بشكل جنوني (كبير). الواقع انه في هذه الفترة من الشهر تنخفض نسبة العمل، لأن الناس يكونون قد سبق ان تموّنوا. أما اليوم فنعمل على ملء الرفوف باستمرار، لاسيما أجنحة الحليب والحبوب والسكر وسائر المواد الغذائية الأولية».

أما الأفران فأيضا شهدت تهافتا ملحوظا لتخوّف الناس من انقطاع الخبز. وفيما تؤكّد إحدى السيدات ان أحد الافران الكبيرة في إحدى ضواحي بيروت الجنوبية «يشهد تظاهرة كبيرة»، يروي على ان «مسلّحين كانا يحرسان أحد الافران شهد طابورا من المواطنين، منعا لشراء أكثر من ربطة خبز واحدة.. أيعقل اننا عدنا الى ايام الحرب؟».

ويفيد أحد أصحاب محال الخضار ممن تحدثت اليهم «الشرق الأوسط» بأن «الناس يتهافتون بكثرة على شراء كل أنواع الخضار والفاكهة، لكننا نطمئنهم الى ان البضائع متوافرة، ولن تنقطع الا إذا قطع طريقا البقاع والجنوب، كما حصل في حرب تموز».