جنبلاط لـ«الشرق الأوسط»: استقالة الحكومة غير واردة والأكثرية تطرح علامات استفهام حول موقف الجيش

قوى «14 آذار»: هدف الانقلاب إعادة سورية إلى لبنان وإيصال إيران إلى المتوسط

TT

أما وقد سقطت العاصمة اللبنانية عسكريا بيد مسلحي المعارضة بشكل شبه كامل، فقد بدأت الاسئلة تطرح نفسها حول ماهية المرحلة المقبلة سياسيا وحول كيفية استثمار المعارضة «الانتصار» العسكري في ظل تمسك الاكثرية بمبادرة النائب سعد الحريري التي اعلنها أول من أمس وتتضمن وضع القرارات الحكومية التي أثارت المواجهات في عهدة الجيش اللبناني وانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا ثم الانتقال الى طاولة الحوار، فيما كانت المعارضة تتمسك بما أعلنه الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله من طلب التراجع عن القرارات والانتقال الى الحوار، وهو ما قال مصدر معارض لـ«الشرق الاوسط» أمس انه «عرض ليوم واحد تنتهي مفاعيله صباح غد (اليوم)».

غير ان الاكثرية التي تمسكت بمبدأ «الصمود السياسي» كانت تحذر «حزب الله» من «الغد الآتي» بعد السيطرة العسكرية، رافضة التنازل عن «المبادئ الديمقراطية». وهي كانت في الوقت نفسه تطرح علامة استفهام كبيرة حول موقف الجيش اللبناني الذي التزم الحياد في المعركة و«قبل بتسلم المراكز التي احتلتها المعارضة» التي أشادت أمس بـ«حكمة» قائده العماد ميشال سليمان، اذ وجه اليه رئيس الحزب الديمقراطي الوزير السابق طلال ارسلان «تحية صادقة باسم أبناء الجبل» مؤكدا له «ان كل قرى الجبل مفتوحة امام الجيش اللبناني». وفي هذا الصدد، قال وزير بارز في الحكومة لـ«الشرق الاوسط»: إن «السؤال الكبير هو أين العماد سليمان؟». فيما أبدى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط «رضاه عن أداء الجيش على رغم بعض الملاحظات»، وقال لـ«الشرق الاوسط» أمس ان الاكثرية لاتزال تنتظر الجواب عن المبادرة التي أطلقها النائب الحريري. واضاف، ردا على سؤال عن رفض المعارضة لها، ان بالامكان «ايجاد تسوية ما بين ما نطرحه وما يطرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري» متحدثا عن امكانية «القبول بصفقة شاملة اذا تضمنت ضمانات مؤكدة حول انتخاب الرئيس». وشدد على ان لا مجال لاستقالة الحكومة، معتبرا ان «من الغباء رفض هذه المبادرة».

وأوضح جنبلاط انه والنائب الحريري اتخذا «قرارا حكيما» باعطاء التعليمات للمحازبين لتسليم مكاتبهم الى الجيش اللبناني لمنع اي احتكاكات. وقال: «نحن انطلقنا من مبدأ التحرك السلمي الديمقراطي. وقد تبين ان ليس هناك لدى وليد جنبلاط وسعد الحريري ميليشيا عسكرية رغم كل الحديث السابق عن اعداد ميليشيا وتدريبات في الأردن وغيره». وأضاف: «كنا نتمنى ان لا يسقط هذا العدد من الشهداء والجرحى والأضرار، فهناك عدد من المواطنين الذين فضلوا الدفاع عن أنفسهم».

وأقر بأن «حزب الله» سيطر عسكريا وأمنيا، سائلا: «ماذا بعد؟». وقال: «هل هذه هي صورة المقاومة التي يريد السيد حسن (نصرالله) ان يبرزها في أزقة بيروت؟».

وفي الإطار نفسه، قال وزير الاتصالات مروان حمادة لـ«الشرق الاوسط»، إن «الوضع السياسي سيكون رماديا جدا لان الاوراق السياسية ليست في يد حزب الله الذي يمتلك القرار العسكري والأمني الآن في بيروت» متوقعا «انطلاق الأزمة بصيغة جديدة». ونفى بشدة امكانية استقالة الحكومة، «فبعد الاستقالة يمكن ان يفلت زمام البلاد دستوريا». مشددا على «ان الحكومة ستمارس شرعيتها على الاقل اذا لم تستطع ان تمارس سلطتها».

وفي بلدة معراب اجتمع عدد من أركان قوى «14 آذار»، مطولا وأصدروا بيانا تلاه رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي وجه تحية الى بيروت والنائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط. ودان «الانقلاب المسلّح الذي نفذه حزب الله ... ضد الدستور والعيش المشترك والقرارات الدولية»، معتبرا أن «هذه المحاولة الانقلابية أسقطت شرعية سلاح «حزب الله».

ودعا البيان «قيادة الجيش اللبناني بكل إلحاح الى الاضطلاع بالواجبات الاساسية للمؤسسة العسكرية» في حماية المواطنين والسلم الأهلي. كما دان «استهداف الوسائل الاعلامية والاعلاميين». وناشد «الدول العربية تحمل مسؤولياتها حيال لبنان لأن الانقلاب هدفه إعادة سورية الى لبنان وإيصال ايران الى المتوسط». وقال النائب مصباح الأحدب الذي شارك في الاجتماع: «اليوم النائب سعد الحريري موجود في قريطم لأنه مطوق، كذلك الحال بالنسبة الى النائب وليد جنبلاط ورئيس الحكومة»، مؤكداً على «وجوب اثارة كل هذه الامور، اذ من يريد التعاطي في الشأن السياسي لا يجوز في الوقت ذاته ان يملك ميليشيا امنية على الارض. وفي حال كان التعاطي على مستوى الأمن فنحن خيارنا المؤسسات اللبنانية». وفي المقابل، قال رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون انه نبه سابقا دول العالم ومجلس الأمن الى «اننا سنصل الى حال التصادم. ولكن مع الاسف لم نلق اصغاء كاملا. كنت قد توجهت الى كل اللبنانيين بان لا يأتوا بالسلاح لانه خردة وسيرمى». واضاف: «سوف نعود اليوم (امس) الى حياتنا العادية. وطرقاتنا ستكون آمنة وكذلك مدينتنا. وسنتطلع الى كيف سنبني لبنان مستقبلا». واعتبر «ان هذه الاحداث اعادت القاطرة الى السكة الصحيحة». مطمئنا كل الناس الى «ان احدا لن يتم التعرض له. ولكن على مستوى بعض المسؤولين فالبعض منهم معرض لتحمل مسؤوليته السياسية». ورأى الرئيس السابق امين الجميل ان «هذا الانتصار سينقلب على اهله ولن يغير منحى السياسة». داعيا الجميع الى «العودة الى الصواب والمنطق والحوار لمعالجة الامور». وتساءل: «لماذا لا ينتظر حزب الله الفترة المتبقية للانتخابات طالما انه يعتقد انه سينتصر فيحل عندها كل الاشكالات بالسبل الديمقراطية. أما اقتحام بيروت واول ما قاموا به هو اقتحام تلفزيون، اي الحرية الاعلامية، فهذا يدل على المنحى الديكتاتوري. اذا كان هذا البديل الذي يبشروننا بها فآسف ان اقول انهم مخطئون لأن هذا المنحى انتحاري سينقلب على اصحابه. هذه بداية نهاية المطاف. ولبنان لا يقوم الا بتركيبته المتنوعة».