سكان بيروت استفاقوا على مسلحي المعارضة في شوارعهم.. وصور الحرب الأهلية تتكرر

ليل العاصمة الطويل يبدأ بترقب وينتهي بمدافع واستسلام واحتلال

TT

انتهى ليل بيروت الطويل... أحياء تيار المستقبل في العاصمة بيروت، أنزلت عن أبنيتها وحيطانها صور زعيمها سعد الحريري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة. عناصر من تيار المستقبلسلموا أنفسهم إلى الجيش اللبناني بعدما أُخرجوا من مكاتبهم التي بعثر أثاثها على الطريق. استفاقت بيروت أمس على مسلحي المعارضة في شوارعها. عناصر من حركة أمل وآخرون من حزب الله بأسلحتهم الرشاشة والصاروخية يتجولون سيرا على الأقدام. يطلبون من المواطنين الذين يطلون من الشرفات البقاء في الداخل. إطلاق نار متقطع يسمع بين الحين والآخر. مواطنون يتفقدون سياراتهم المركونة إلى جانب الطريق. هنا سيارة محترقة. هناك سيارة أخرى زجاجها محطم. وها هو رجل يدير محرك سيارته وينطلق مغادرا من دون سؤال. وامرأة خمسينية تشتم المسلحين وتطالبهم بترك بيروت... ولكنهم لا يردون.

بدأ ليل أمس الأول في منطقة الصنائع ـ الحمرا في بيروت باستنفار عناصر تيار المستقبل الذين انتشروا في الشوارع الخلفية، فيما تمركزت قوى الأمن الداخلي ومكافحة الشغب ووحدات من الجيش اللبناني في الطرقات الرئيسية وفي محيط وزارة الداخلية. عناصر مسلحة تقفل بعض الطرقات. أجواء ترقب وتوتر أعقبت المؤتمر الصحافي للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، بانتظار إطلالة رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري لمعرفة الخطوات المقبلة. من بعيد أصوات إطلاق نار وانفجارات القذائف الصاروخية لم يتوقف.

شبان في الشارع يقولون «نصر الله أعلنها حربا ونحن بانتظار كلمة الشيخ سعد"». الوجوه لا توحي بأن المقبل من الساعات سيكون أفضل. على الطريق قلة من المارة بعضهم يبحث عن متجر تأخر في إقفال أبوابه. المطلوب علبة سجائر أو أكثر. أما المواد الغذائية فتم تخزين الكثير منها مسبقا. ومع بث كلمة زعيم تيار المستقبل عبر شاشات التلفزة أطلقت النيران ابتهاجا كما جرت العادة وسمعت صرخات «ألله معك شيخ سعد الدين». وما كاد رئيس كتلة تيار المستقبل ينهي كلمته حتى اندلعت المواجهات وعنفت. وازداد عنفها مع أخبار رفض المبادرة التي تحدث عنها الحريري. وبدأت أبنية بيروت تهتز مع دوي الإنفجارات. واستمرت المعارك حتى الفجر وما بعده وإن اختلف وقعها وانحسرت مساحتها. ولم يعد يسمع سوى أصوات قنص أو رشقات متباعدة.

بالأمس استعاد السكان ذكريات حرب تموز وسنوات الحرب الأهلية، نزلوا إلى الطبقات السفلى، تسمروا أمام شاشات التلفزة يترصدون آخر المستجدات. الأطفال عاشوا تجربة كنا اعتقدنا أنها لن تتكرر، أزيز الرصاص ودوي القذائف الصاروخية ومشاهد الاقتتال الداخلي. الكل كان خائفا فالرصاص لا يعرف هوية. التخوف كان من اقتحام الأبنية السكنية. البعض كان يتنصت لعله سمع طرقات على باب المنزل. ذكريات الحرب دفعت السكان إلى تخيل الأسوأ الذي خبروه سابقا. لكن الحال لم تكن كذلك. المدنيون حيدوا، لم يدخل أحد إلى مبنى سكني، لم يدقق أحد في هوية أحد، حتى الصباح كانت المداهمات بحسب ما بينت محطات التلفزة منحصرة بالمكاتب الحزبية والسياسية ووسائل الإعلام التابعة لقوى الأكثرية.

وحده القلق كان مشتركا ليل أول من أمس. كيف ستكون بيروت مع الصباح؟ إنه القلق من غد وبعد غد.