أولمرت يعترف بالحصول على أموال أميركية.. لكنه رفض اعتبارها رشوة

قال إن أحد أصدقائه جمعها وتصرف فيها.. مطالبات جادة باستقالته .. وسيناريوهات لخلافته

TT

اعترف رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، بأنه حصل على تبرعات مالية من الولايات المتحدة، لتمويل معاركه الانتخابية، طيلة حوالي عشر سنوات، لكنه رفض الشبهات التي تحقق فيها الشرطة حول تلقيه رشوة. وقال: لم أتلق رشوة في عمري. ودفع أولمرت بالشبهات نحو صديقه ومحاميه، أوري ميسر، الذي تلقى هذه الأموال وتصرف بها «وفقا لأحكام القانون». وفيما طالب نواب في اليمين واليسار منه تقديم استقالته، وبدأوا طرح سيناريوهات لخلافته، أكد أولمرت استعداده للاستقالة ولكن فقط في حال توجيه اتهام رسمي ضده. وكان قاض في محكمة الصلح في تل أبيب قد أصدر من بيته أمرا بالسماح بنشر بعض المعلومات عن التحقيق، فقالت الشرطة ما كان نشر في الصحافة العالمية، وبينها «الشرق الأوسط»، وما كان خافيا على الجمهور في اسرائيل، بأن دائرة التحقيق في قضايا النصب والاحتيال في الشرطة تحقق مع أولمرت ومع مديرة مكتبه السابقة، شولا زاكين، وصديقه المحامي ميسر، حول شبهات بتلقي رشوة. وأكدت الشرطة ان التحقيقات مازالت في بدايتها، وانها لا تعني ان اولمرت بات متهما. ولمح المحققون بانهم نجحوا في إحداث شرخ بين أولمرت والمحامي ميسر، وانهم سيحققون مرة أخرى مع أولمرت في غضون الأسبوع القادم. وانهم سيعملون على تقديم شهادة مبدئية أمام المحكمة لرجل الأعمال الأميركي الاسرائيلي، موريس طالنسكي ،75 عاما، الذي جمع الأموال المذكورة في الولايات المتحدة ويحتفظ، كما قال المقربون منه، بوصولات ومستندات تبين حجم تلك الأموال، والتي تقدر الشرطة قيمتها بمئات ألوف الدولارات، وهناك من يتحدث عن ملايين.

ويتضح أن طالنسكي، هو مواطن أميركي عرف بتجنيد مئات ملايين الدولارات لمؤسسات اسرائيلية وصهيونية، أهمها مستشفى «شعري تسيدق» في القدس الغربية. وهو رجل دين يهودي ينتمي الى تيار متزمت. وهو يمثل مؤسسة «الصندوق الجديد للقدس»، التي كان أولمرت قد أسسها لخدمة نشاطات تعاون في القدس عندما انتخب رئيسا لبلدية القدس في سنة 1993. وحالما سمح بالنشر الجزئي، استدعى أولمرت الصحافيين، وألقى عليهم خطابا يرد فيه على اتهامات الشرطة ولم يسمح للصحافيين بتوجيه الأسئلة. واستهل أولمرت خطابه باستدرار العطف عليه، فقال ان أياما صعبة مرت عليه وعلى المقربين منه وعلى الجمهور بسبب فرض السرية على التحقيق، مما تسبب في نشر الاشاعات والتكهنات الخطيرة ضده. وانه التزم الصمت احتراما لقرار المحكمة، لكن هذا الصمت زاد من تشويه الصورة الحقيقية حول القضية وشدد من حدة العاصفة.

وقال أولمرت ان معارك الانتخابات في اسرائيل تكلف الكثير من المصاريف، إن كانت انتخابات بلدية أو نيابية. ومن الصعب على مرشح لرئاسة بلدية أو نائب مثله، لا يملك المال الوثير، أن يدير هذه المعارك من دون دعم. ولذلك، فإن القانون الاسرائيلي يجيز تجنيد التبرعات وفق محاذير معروفة ومحددة. ولذلك قام صديقه بتجنيد التبرعات له في الولايات المتحدة، الساحة التي عرفها جيدا. ونقلت هذه التبرعات مباشرة الى حساب فتحه محاميه وشريكه السابق، ميسر، وقام هذا بإدارتها وصرفها كما يشاء. وقال أولمرت انه واثق تماما من أن ميسر تصرف فقط وفقا لأحكام القانون. وأوضح أولمرت انه لم يتلق الرشوة في حياته. وانه مستعد لمجابهة الشبهات حتى النهاية وبمنتهى الصدق ـ «فإذا وجد المستشار القضائي للحكومة مكانا لتقديم لائحة اتهام ضدي، فإنني لن أتمسك بالكرسي، بل سأستقيل فورا ومن دون استشارات ونصائح من أحد. إلا ان مصدرا في الشرطة قال ان «الشبهات حول أولمرت هي حول أموال سلمت اليه بيده نقدا، وهذا أمر محظور». وانها تحقق فيما إذا كان أولمرت دفع ثمنا مقابل هذه التبرعات، حيث ان طالنسكي رجل أعمال ولديه مصالح اقتصادية في اسرائيل.

وما أن خرجت هذه الأقوال الى الشارع، حتى هب النواب من اليمين واليسار لمهاجمة أولمرت.

فطالبه البروفسور أريه الداد، عضو الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) عن حزب الاتحاد القومي الصهيوني، وهو من غلاة المتطرفين، بأن يستقيل فورا وقال: «ليس من المعقول أن يحكم اسرائيل انسان متورط في الفساد بكل جوارحه، وها هو أولمرت قد بدأ يغطي على فضيحته بدفع عجلة المفاوضات مع الفلسطينيين وسيتنازل باسم اسرائيل عن أقدس مقدساتها لكي ينجح هذه المفاوضات». ودعا الداد الى اجراء انتخابات مبكرة. وقال زميله زبولون أورليف، ان الشبهات ضد أولمرت ستحدث زلزالا في الحياة السياسية في اسرائيل. وقال رئيس كتلة الليكود البرلمانية، جدعون ساعر: من العار ان يكون لاسرائيل رئيس حكومة مثل أولمرت. ومن جهة اليسار، قالت النائبة زهافا غلأون، من حزب «ميرتس»، انها لم تفاجأ بفساد أولمرت، لأنها تعرف أن أولمرت أبو الكوارث في هذه المنطقة. وتوجهت النائبة من حزب العمل بالدعوة الى رئيس حزب العمل، ايهود باراك، أن ينسحب من الائتلاف الحكومي. وقالت ان وجود هذا الحزب في الائتلاف سيفقده المصداقية. وتقول الشرطة انها قد تحتاج الى عدة شهور لاستكمال التحقيق لتوجيه تهمة من عدمه. وستحاول المعارضة ممارسة الضغوطات السياسية لدفع أولمرت للاستقالة وتقديم موعد الانتخابات، بدعوى ان أولمرت لن يستطيع ادارة شؤون الدولة في حالة كهذه. إلا ان هذه الامكانية ليست سهلة. فطالما لا توجد لائحة اتهام، يستطيع أولمرت البقاء في الحكم، خصوصا ان حلفاءه في الائتلاف، حزب العمل وحزب «شاس» وحزب المتقاعدين أعلنوا تمسكهم بالائتلاف. ولكن إذا استقال أولمرت، يفتح الباب أمام امكانيتين، الأولى ان يلقي رئيس الدولة، شيمعون بيرس، مسؤولية تشكيل حكومة على عضو كنيست آخر من حزب «قديما»، وفي الغالب ستكون تلك تسيبي لفني، وزيرة الخارجية، لتشكل ائتلافا جديدا، أو أن يحل الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) نفسه ويتوجهون لانتخابات جديدة، إلا ان الامكانية الأخيرة مستبعدة، لأن غالبية الأحزاب غير معنية بانتخابات جديدة.