ميانمار تجري استفتاء على الرغم من كارثة الإعصار

خبراء صحة يحذرون من «كارثة ثانية» بسبب أمراض كالإسهال والملاريا

TT

بعد أسبوع على إعصار مدمر أسفر عن عشرات آلاف القتلى، فتحت مكاتب التصويت أبوابها أمس في بورما، حيث طلب المجلس العسكري من المواطنين الموافقة على دستور جديد.

وكان الاستفتاء قد أرجئ الى 24 مايو(ايار) في المناطق الجنوبية الاشد تأثرا بالإعصار نرجس، ولاسيما منها منطقة ايراوادي ومدينة رانغون الكبرى، لكنه استمر في مناطق اخرى من بورما، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي نفس الوقت، حذر خبراء صحة من أن «كارثة ثانية» تلوح في الأفق بسبب أمراض كالاسهال والملاريا حتى لو تمكن الناجون من الاعصار الذي خلف عشرات الآلاف بين قتلى أو مفقودين من العثور على طعام ومأوى.

وقال التلفزيون الذي تديره الدولة للمواطنين مرارا إن الموافقة على دستور جديد يكفل دورا مهيمنا للجيش الذي يحكم البلاد التي يسكنها 53 مليون نسمة منذ انقلاب في عام 1962 «واجب وطني».

وقال يو كيينج،57 عاما، في هليجو التي تقع على بعد 50 كيلومترا شمال شرقي يانجون العاصمة السابقة التي دمرها الإعصار لرويترز «نعم أدليت بصوتي. ذلك ما طلب مني أن أفعل». وحتى قبل أن يضرب الإعصار نرجس في ليل الثاني من مايو (ايار)، نددت جماعات معارضة للحكم العسكري وحكومات أجنبية تتصدرها الولايات المتحدة بالدستور والاستفتاء كمحاولة من قبل الجيش لإضفاء الشرعية على سيطرته على السلطة منذ 46 عاما.

وغذت استجابة الحكومة الضعيفة للكارثة الشكوك واسعة النطاق في جهود الجنرالات للمضي قدما في «خريطة الطريق للديمقراطية» التي تتجه لأن تتوج بإجراء انتخابات متعددة الأحزاب في بورما السابقة في عام 2010.

ووجهت الأمم المتحدة نداء لتقديم 187 مليون دولار كمساعدات رغم أنها لا تزال غير واثقة من أن الطعام والمياه والخيام التي نقلت جوا لميانمار ستصل إلى الأشد احتياجا نظرا لرفض المجلس العسكري الحاكم السماح بدخول موظفي الإغاثة الدوليين.

وعبر عشرات المبعوثين للأمم المتحدة خلال اجتماع طارئ في نيويورك عن قلقهم للصعوبات التي يواجهها موظفو المعونة. لكن مبعوث ميانمار أصر على أن الطعام والإمدادات الاخرى يتم إرسالها لمن يحتاجونها بمجرد وصولها.

وقال السفير كياو تينت سوي في الاجتماع «نحن مستعدون لأن نتعاون بشكل كامل». وتابع قائلا «وفيما يتعلق بحرية الوصول استمعنا لكم، ومن المؤكد أنني سأقدم تقريرا للسلطات».

وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد أوقف لفترة قصيرة عملية النقل الجوي للمساعدات بعد أن قال إن 38 طنا من البسكويت وإمدادات طبية محتجزة في مطار يانجون.

ولا يزال عشرات من خبراء الإغاثة المعتادين على الوصول لمنطقة الكارثة في غضون 48 ساعة في بانكوك ينتظرون الحصول على تأشيرات دخول. ووافق الجنرالات على السماح لطائرة مساعدات أميركية من المقرر أن تصل اليوم على أقرب تقدير بعد عشرة أيام من هبوب الإعصار نرجس.

وقال مسؤولون أميركيون إن طائرة شحن عسكرية ستغادر قاعدة جوية تايلندية تحمل شبكات لتنقية المياه وإمدادات لمحاربة الأمراض التي تنقلها المياه.

ومع كل يوم يمر تتزايد الضغوط على المجلس العسكري الحاكم كي يوافق على عملية إغاثة دولية كبيرة قبل أن يزيد الجوع والأمراض أعداد الوفيات.

وقال جريج بيك مدير برنامج جنوب شرقي آسيا في لجنة الانقاذ الدولية لرويترز «هذه هي الكارثة الثانية.. الكارثة الأولى هي الإعصار وارتفاع المد والثانية ستأتي اذا لم يصل الطعام والمياه والمأوى. سيبدأون في الموت».

ولم تحدث ميانمار تقدير أعداد القتلى منذ الثلاثاء الماضي عندما أعلنت أن ما يقرب من 23 ألفا لاقوا حتفهم، وأن 42 ألفا في عداد المفقودين. وحتى هذه الأرقام التي من المرجح أن ترتفع تجعل الإعصار نرجس أسوأ إعصار يضرب آسيا منذ عام 1991 عندما قتل 143 ألفا في بنغلادش المجاورة.

وكان شاري فيلاروسا القائم بالأعمال في السفارة الاميركية بميانمار قال ان عدد الوفيات قد يصل الى 100 ألف. وأرسلت البحرية الاميركية أربع سفن حربية الى تايلند لإجراء تدريبات في اتجاه ميانمار، وقال برنار كوشنر وزير الخارجية الفرنسي انه أرسل سفينة حربية تحمل 1500 طن من المعونات من المقرر أن تصل في منتصف الاسبوع المقبل.

وحذر تلفزيون ميانمار من «تدخل أجنبي» في رسالة أذاعها مرارا حث فيها الناس على الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور الجديد. وتأجل التصويت في المناطق التي دمرها الإعصار ومن بينها يانجون لأسبوعين.

وجاء في رسائل دعائية كتبت باللغة البورمية والانجليزية «الموافقة على دستور الدولة واجب قومي على الشعب كله اليوم». وجاء في رسالة نصية على شاشة التلفزيون «لنصوت بنعم نحن الذين يعارضون التدخل والنفوذ الأجنبيين ونعارض الحكومة التي يحركها الاستعماريون كدمية».

ومن المؤكد تقريبا أن غالبية الناس فعلوا ذلك. فمن بين 20 شخصا التقت بهم رويترز أمام مراكز الاقتراع في هليجو، لم يقر سوى اثنين بأنهم صوتوا بلا. وقد قالا ذلك همسا وبعد أن نظروا خلفهم بتوتر.