مسؤولون أميركيون: حزب الله أضر بنفسه ولم يكن ليقوم بخطوته من دون ضوء أخضر إيراني

بوش يواجه خطر إعادة ترتيب أولوياته قبل أيام من جولته الشرق أوسطية

TT

قبل ايام من بداية جولته في منطقة الشرق الاوسط يواجه الرئيس الأميركي جورج بوش خطر انهيار إحدى أولى اولوياته الثلاث في المنطقة وهو الحفاظ على استقرار لبنان الذي يمثل ديمقراطية نادرة في خضم تجدد أعمال القتال التي تضع الولايات المتحدة مجدداً في مواجهة إيران وسورية من خلال جماعة تعمل بالوكالة، وذلك وفقا لما قاله محللون أميركيون ولبنانيون.

وشددت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، على أن حزب الله لم يعمل بمفرده عندما قام مسلحوه بالسيطرة على غرب بيروت بالأمس، حيث أشارت في بيان لها إلى أنه «بمساعدة سورية وإيران، فإن حزب الله وحلفاءه يقتلون ويصيبون المواطنين ويعوقون السلطة الشرعية للحكومة اللبنانية ومؤسسات الدولة اللبنانية».

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية إن حزب الله لم يكن ليقوم بهذه الخطوة الجريئة من دون «نوع من الضوء الأخضر» من قبل إيران التي تدعمه سياسيا وعسكريا. وأفاد المسؤول كذلك بأن ظهور حلفاء سورية من اللبنانيين للمرة الأولى في شوارع بيروت يوم الجمعة الماضي لدعم حزب الله بعدما ظلوا بعيدا عن الصراع، يشير إلى أن دمشق «متورطة إلى حد كبير».

وسارعت إدارة بوش إلى تعبئة الرأي العام الدولي لصالح حكومة فؤاد السنيورة المحاصرة. كما اتصلت رايس بالسنيورة والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزيري الخارجية السعودي والفرنسي كذلك. وأعلنت الجامعة العربية عن عقد اجتماع طارئ اليوم لمناقشة الأزمة، ودعت وزارة الخارجية الأميركية الجامعة العربية لإدانة حزب الله والدول الداعمة له. وأنفقت إدارة بوش نحو 1.3 مليار دولار خلال العامين الماضيين لمساندة حكومة السنيورة، وقدمت نحو 400 مليون دولار كمساعدات لتعزيز قوى الأمن اللبناني. لكن مساعدات واشنطن تتعرض للخطر من قبل حزب الله المدعوم من إيران وسورية. وبالإضافة إلى العراق وعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، فإن لبنان كان مركزا لأجندة الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط، لاسيما فيما يتعلق بتطوير الديمقراطية. وقد كان من المقرر أن يجتمع بوش بالسنيورة في مصر مع اختتام جولته في الشرق الأوسط، لكنه بات من غير الواضح ما إذا كان السنيورة سوف يتمكن من مغادرة بيروت. فالمطار والميناء مغلقان. ويقول جيوفري كيمب وهو موظف سابق في مجلس الأمن القومي خلال فترة رئاسة دونالد ريغان والذي عمل في لبنان عام 1984: «من الواضح أن بوش لديه مشكلتان الآن: فعليه أن يبرر بطء التقدم في عملية السلام، وعليه معالجة الأزمة اللبنانية التي قد تعصف بحكومة السنيورة. كما أن هذه المشكلة الأخيرة تأتي في ظل الأخبار السيئة التي تأتي من العراق وارتفاع أسعار البترول الذي وصل إلى 126 دولارا للبرميل».

وصرح مسؤولون في وزارة الخارجية بأن التحالف الدولي ما زال يدعم الحكومة اللبنانية أكثر من أي وقت مضى في مواجهة حزب الله الذي رفض الانصياع لقراري الأمم المتحدة بنزع سلاحه. ولكن في كل هذه الأزمات الثلاث، تجد الولايات المتحدة نفسها أمام القوى المتنامية التي تدين بالولاء لكل من سورية وإيران. ويقول أغسطس ريتشارد نورتون، الذي عمل مع الأمم المتحدة في لبنان ومؤلف كتاب: «حزب الله: تاريخ قصير».: «لقد قدمت الولايات المتحدة الكثير من الأموال لدعم الجانب الأضعف سياسيا وعسكريا. كما أن الموقف الأميركي يقوم على اعتقاد أنه يجب أن يكون هناك طرف منتصر. وليس هكذا تسير الأمور. ففي هذا البلد، هناك نوع من السياسة الضمنية بين الأطراف، تسير الأمور وفقها. وإذا كان سيتم الوصول إلى حل لهذه الأزمة، فلا شك أنه سوف يتضمن بعض الحلول الوسط مع المعارضة، التي تتضمن حزب الله».

وحتى هذه اللحظة، فإن المسؤولين الأميركيين قد قالوا إنهم لا يعتقدون أن القتال يعتبر انقلابا أو حربا أهلية. وقد قال مسؤول رفيع بوزارة الخارجية: «إننا ننظر للوضع على أنه اقتتال سياسي وليس اقتتال حرب». وأضاف المسؤول أن معظم اللبنانيين لا يرغبون في تكرار الحرب الأهلية التي اندلعت بين عامي 1975 و1990. وقال المسؤول إن واشنطن تعتقد أن حزب الله «قد طمع أكثر من اللازم» كما أنه يعزل نفسه عن بقية الشعب اللبناني بما في ذلك حلفاؤه المسيحيون. ويقول: «إن حزب الله قد أضر بنفسه سياسيا بما فعل خلال هذا الأسبوع».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)