وزراء الخارجية العرب يكلفون لجنة وزارية سباعية بالسفر فورا إلى لبنان

رفض سورية إدانة حزب الله يؤخر البيان الختامي

الأمير سعود الفيصل في الاجتماع الطارئ بالقاهرة أمس (ا.ب) وطارق متري وزير الخارجية اللبناني بالإنابة يرأس وفد بلاده في الاجتماع الطارئ (ا.ف.ب)
TT

بعد يوم ماراثوني ومباحثات استمرت طوال يوم امس قرر مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماعه الطارئ تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، وتضم الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وعددا من وزراء الخارجية العرب يمثلون الجزائر واليمن وجيبوتي والأردن والإمارات والمغرب للسفر إلى بيروت فوراً، وطلب من الجيش اللبناني تسهيل دخول اللجنة إلى بيروت. وعبر بيان أصدره المجلس في ختام اجتماعه في ساعة متأخرة من مساء أمس في القاهرة عن انزعاجه الشديد للتطورات الخطيرة الأخيرة في لبنان، وطالب بوقف الأعمال العدوانية فوراً، وأثنى في ذات الوقت على دور الجيش اللبناني وأكد دعمه له.

وأعاد البيان التأكيد على المبادرة العربية بعناصرها الثلاثة (انتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ووضع قانون جديد للانتخابات).

ودعا الوزراء العرب في بيانهم كلا من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، والعماد ميشيل عون، والسيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، والرئيس أمين الجميل، لحضور جلسة خاصة مع اللجنة الوزارية المشار إليها لرسم خارطة طريق عاجلة لتنفيذ المبادرة العربية، والإحاطة بالوضع الخطير الذي يهدد لبنان وكذلك التطورات الجارية.

وأكد المجلس الوزاري للجامعة العربية رفضه استخدام العنف المسلح لتحقيق أهداف سياسية خارج إطار الشرعية الدستورية، والتأكيد على ضرورة سحب جميع المظاهر المسلحة من الشارع اللبناني. كما رحب بتفويض الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني التعامل مع القرارات الخاصة بجهاز أمن المطار وشبكة الاتصالات اللاسلكية.

ورحب البيان بتفويض الحكومة للجيش تولي الأمن وتهدئة الأوضاع، وأكد على ضرورة فتح وتأمين طريق مطار بيروت الدولي فوراً من قبل الجيش لعودة حركة الملاحة الجوية وفتح ميناء بيروت وتأمين الحركة للبنانيين، وأدان استهداف المؤسسات الإعلامية بالتخريب والإحراق المتعمد.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب تأخر كثيراً بسبب الاعتراضات على البيان الخاص بشأن لبنان حيث أعدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بياناً، اعترضت عليه مصر ودول الخليج، التي قدمت بياناً آخر يتضمن إدانة مباشرة لحزب الله، لكن سورية اعترضت على الإدانة، من منطلق أن الإدانة تؤدي إلى تخريب جهود تسوية الأزمة اللبنانية سلمياً، وتم الاكتفاء بإدانة تخريب المؤسسات الإعلامية.

وقالت المصادر إن سورية ممثلة بمندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية يوسف الأحمد اعترضت أولا على مشروع قرار يدين ضمنيا حزب الله وقدم باسم سبع دول هي مصر والإمارات والأردن والكويت والبحرين السعودية ولبنان.

وكانت اللجنة التي شكلها الوزراء مثار مناقشات وخلافات أيضا حيث جرت اعتراضات على دعوة قطر لإجراء الحوار بين الفرقاء اللبنانيين في الدوحة على أساس أن يجري الحوار أولا في لبنان ثم يمكن أن ينتقل الى الدوحة إذا رأت الأطراف اللبنانية ذلك.

وجرى خلاف آخر بين المجتمعين على رئاسة الوفد العربي الذي اتفق على إرساله الى لبنان. وأوضح وزير خارجية الجزائر، مراد مدلسي، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» لدى خروجه من الاجتماع، بأن مهمة الوفد العربي في بيروت «هي فتح حوار في الفضاء اللبناني يؤدي إلى التوافق وتقريب وجهات النظر وعدم استخدام العنف مهما كانت الظروف، وأياً كان مصدره».

ووجه الاجتماع خلال مناقشاته نداء عاجلاً إلى مختلف القوى اللبنانية لوقف العنف في جبل لبنان هذا نصه: «في ضوء ما ورد من أنباء بشأن تصاعد العنف والاشتباكات في جبل لبنان يوجه المجلس نداءً عاجلاً بالوقف الفوري لكل أشكال ومظاهر العنف وانسحاب الجماعات المسلحة لتسهيل مهمة الجيش اللبناني حقناً للدماء».

وكانت المشاورات بين الوزراء العرب قد طالت الى اكثر من ست ساعات سبقتها اجتماعات ثنائية وثلاثية، لم يتمكن خلالها المجتمعون من التوصل الى اي قرار موحد، فيما كانت مشاركة وزير خارجية لبنان بالانابة طارق متري هو مفاجأة الاجتماع، حيث استطاع الوصول إلى القاهرة عبر قبرص، وذكر انه استقل مروحية الى هناك قبل ان يأتي بطائرة الى القاهرة، بينما غاب وزير خارجية سورية وليد المعلم عن الاجتماع.

وتحدثت مصادر مقربة من الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» عن اتجاه الوزراء لإعطاء الأولوية للانتخاب الفوري لرئيس الجمهورية المتوافق عليه وإجراء حوار بين جميع القوى السياسية لإنهاء كل مظاهر الخلافات السياسية ووضع آليات جديدة لتنفيذ مبادرة الجامعة العربية، خاصة بعد انتهاء أزمة الاشتباكات المسلحة في لبنان.

وحفل اجتماع الأمس الذي شارك فيه 18 وزير خارجية عربيا، بمناقشة أفكار قدمتها دول عربية عديدة، من بينها مصر واليمن وليبيا وتونس.

وأشارت المصادر إلى انه كانت هناك فجوة بين الأفكار اليمنية والأفكار المصرية، حيث ركزت الأفكار اليمنية على التعامل مع الأزمة اللبنانية في ضوء المستجدات على الأرض، وهو ما ترى القاهرة أنه يصب في مصلحة حزب الله، في حين تركز الأفكار المصرية على ضرورة الدعم والمساندة الحاسمة للشرعية الدستورية والقانونية في لبنان، وأن هذه الشرعية القانونية تمثلها الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة فؤاد السنيورة.

وحول ما تردد عن مشادة جرت في الجلسة المغلقة بينه وبين وزيري خارجية السعودية (الأمير سعود الفيصل)، ولبنان (طارق متري)، نفى مندوب سورية السفير يوسف الأحمد ذلك، قائلاً «لم تحدث مشادات، وإنما كان هناك حوار ساخن، تساءلت فيه سورية عن عدم إدانة إسرائيل، عندما دمرت قناة المنار، وكذلك عدم وجود تحمس عربي لإرسال قوات عربية عام 2006، أثناء حرب إسرائيل على لبنان.

وقام وفد كل من تونس وليبيا بتوزيع بيانين صدرا عن وزارتي الخارجية في البلدين حول الأزمة اللبنانية، وقد شدد بيان تونس على التوازن والحياد وعدم الانحياز لأي فريق في لبنان لصالح فريق آخر، حتى تهدأ الأزمة ويعطى فرصة للحوار والمطالبة بضبط النفس واستعادة الحوار وانتخاب الرئيس التوافقي من دون إبطاء، فيما نص البيان الليبي على «أهمية الحوار والدعوة إلى التهدئة وضبط النفس والتوجه نحو حوار سياسي شامل لكل القضايا وفق المبادرة العربية وإعطاء الفرصة لجهود الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى». وذكر البيان الليبي «أن تطويق الأزمة يقع على عاتق الزعامات اللبنانية ووجوب الولاء والانتماء للبنان وبناء توازن سياسي ايجابي يقطع الطريق على كل التدخلات الخارجية والابتعاد عن تصفية الحسابات». وأكدت ليبيا استعدادها للمساهمة بايجابية في كل مسعى عربي جماعي يستهدف إثراء الحوار الجاد الذي ينهي الأزمة. وكان وزراء الخارجية العرب قد استبقوا اجتماعهم الطارئ بمشاورات غير رسمية استمرت نحو نصف ساعة بمشاركة أعضاء الوفود، ثم دخلوا في اجتماع تشاوري رسمي اقتصر على عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية، ورؤساء الوفود، استمر نحو ساعة، تشاوروا خلاله حول خطوات سريعة ومحددة لعلاج الموقف المتأزم في لبنان وإبعاد البلاد عن الدخول في شبح حرب أهلية جديدة.

وأعقب الجلسة الافتتاحية لاجتماع الوزراء العرب الرسمي والتي لم تتجاوز مدتها نحو ربع ساعة، اجتماع مغلق شارك فيه رؤساء الوفود، ورافق كلا منهم عضوان فقط.

وعقد عمرو موسى، ووزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط اجتماعاً ثنائياً، قبل بدء الاجتماعات، كما التقى أبو الغيط كلا من الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، ويوسف بن علوي وزير خارجية عُمَان في اجتماع ثلاثي لبلورة الأفكار التي ستطرح أمام الاجتماع والخروج برؤية عربية موحدة لحل الأزمة، ودراسة إمكانية تطوير المبادرة العربية بضم بعض الأفكار الجديدة إليها اتساقا مع التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية.

واقتصر الاجتماع الرسمي على كلمة مقتضبة لوزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف، رئيس الدورة الحالية استهلها بالحديث عن مناقشة المجلس لسبل ابعاد شبح الحرب الأهلية عن لبنان وعودة الحوار السياسي الوطني هناك إلى مجراه الطبيعي والتمسك بالحل السلمي.

وذكر الوزير الجيبوتي أن السلاح كلف لبنان كثيرا ودفع الثمن الشعب اللبناني، ولذلك لا بد من الأخذ بزمام المبادرة للدخول فى مقاربة جديدة وعدم الاعتماد على بيانات الأسف والحزن لما حدث فى لبنان، وإنما ضرورة التوصل الى صياغات تمنع انتكاسة جديدة للوطن العربي، ودعا يوسف كل القوى السياسية فى لبنان إلى ضبط النفس والتجاوب مع التوصيات التي ستصدر عن الاجتماع، والتعاطي مع المبادرة العربية.