واشنطن: صراع بين سلطات التحقيق في قضايا الإرهاب

نزاع بين ضباط تطبيق القانون وسط منافسة حادة على الصلاحيات وحق الحصول على المعلومات والأدلة الحيوية

TT

حسب مصادر في السلطات المسؤولة عن تطبيق القانون خلال خمس سنوات، منذ دمج مكتب التحقيقات الفيدرالي ومكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات تحت وزارة العدل، للتنسيق في قضايا مكافحة الإرهاب، حاربت هذه الهيئات المسؤولة عن تطبيق القانون بعضها البعض، مما تسبب في تضييع المال والوقت. وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي، قد رفض طلبا من رئيس المكتبين الجديد، المحامي العام، بدمج قواعد البيانات القومية الخاصة بهما عن المتفجرات. وقد بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي في برنامج منافس لبرنامج يديره مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات لتدريب الكلاب على الكشف عن المتفجرات. وفي موقع الجريمة يهدد عملاء المكتبين بأن يلقوا القبض على بعضهما البعض، ويتنازعون على الصلاحيات وحق الحصول على الأدلة الحيوية. ويقول الكثيرون في مجال تطبيق القانون، إن هذه النزاعات على الأشياء البسيطة تتسبب في العديد من الأخطار، على الرغم من الحاجة إلى التعاون أكثر من أي وقت مضى لمنع أي هجوم إرهابي آخر على الأراضي الأميركية. ويقول مايكل ماسون، وهو رئيس سابق لفرع مكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن الذي ترك في ديسمبر (كانون الأول) الماضي منصبا بارزا في مقر مكتب التحقيقات، أنه قد لا تكون هناك حاجة إلى تدخل خارجي. ويضيف ماسون: «تحتاج الكثير من هذه الأشياء إشرافا يتسم بالنضج من قبل وزارة العدل أو الكونغرس لحل الكثير من المشاكل البسيطة بين المكتبين». وقال إنه على الرغم من أن كلا المكتبين يهتمان بأمن وأمان البلاد، فإن القلق يساوره من هجوم محتمل، ولن يهم حينذاك من المخطئ فالسبب هو عدم تبادل المعلومات. وكان مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات قد نقل من وزارة الخزانة إلى مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي في وزارة العدل، بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وكان من المفترض أن تحد هذه الهجمات من التوتر المستمر بين المكتبين. يقول السناتور تشالز جراسلي: «كنا نعتقد أنه سيكون هناك تعاون أفضل بين المكتبين اللذين يجب عليهما التنسيق في الحرب على الإرهاب». ولكن يبدو أن عملية الدمج مجرد شكل فقط، فما زال مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، يحتفظ بمكاتبه ومقراته. وقد عجز القانون الجديد عن إصلاح النزاع على الصلاحيات بين المكتبين، وقد وسع من صلاحيات مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات في قضايا الإرهاب الداخلية، مما جعله ينازع مكتب التحقيقات الفيدرالي في صميم مهماته. وقد اعترف مسؤولون من كلا المكتبين بالتوتر بينهم، وقالوا إنهم يعملون بجد من أجل حماية الأميركيين وضمان علاقات جيدة. وساقوا العديد من الأمثلة على التعاون المشترك بين المكتبين، من بينها الإجراءات التي اتخذت حيال التفجيرات التي وقعت في العراق، وجهود إعادة إصلاح الأوضاع بعد إعصار كاترينا والتحقيقات التي أجريت حول مذبحة جامعة فرجينيا للتقنية، تحت قيادة شرطة الولاية والجامعة. ولكن أشارت مصادر في سلطات تطبيق القانون إلى نزاع للسيطرة على التحقيقات التي تجرى حول المتفجرات وحوادث الإحراق المتعمد للمنازل والتبغ، خلال الأشهر الأخيرة في أعلى المستويات داخل الحكومة. وقالت المصادر إن النزاع حول دور مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات في القضايا المرتبطة بالمتفجرات، قد أدى إلى تأخر استراتيجية قومية لحماية الوطن من التفجيرات الإرهابية.

في اليوم الذي تلا تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وصل أكثر من 30 عميلا لمكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات إلى مبنى وزارة الدفاع للمساعدة في أكبر تحقيقات في تاريخ الولايات المتحدة، ولكن طردهم قائد فريق مكتب التحقيقات الفيدرالي من الموقع. ويقول جيمس سكواتز رئيس شرطة الإطفاء في مقاطعة ارلنغتون بولاية فرجينيا الذي كان مسؤولا عن الحادث، إنه على الرغم من أن المقاطعة كانت المسؤولة عن الموقع خلال العشرة أيام الأول، فقد كان المكتبان يتنازعان على من ستؤول له التحقيقات في النهاية. ويضيف أن بعض عملاء مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات الذين استثارهم الغضب، أزالوا أحد الحواجز للاقتراب من موقع الحادث، ولكن أجبرهم مسؤولون برتبة مارشال على الابتعاد. ولكن يقول المتحدث باسم مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات روبرت برونينج، إن قادة المكتب قالوا له إن هذا لم يحدث. وقد كشف الخلاف في موقع وزارة الدفاع عن المشاكل بين المكتبين. وكان مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، الذي يعمل لديه 2500 عميل، جزءا من وزارة الخزانة، لأنه كان يجمع ضرائب التبغ والكحوليات، وبعد هذا امتدت سلطاته تدريجيا إلى جرائم الأسلحة النارية والمتفجرات. ويوجد لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي أكثر من 12.000 عميل، ويفخر بأنه يواجه الجرائم العنيفة منذ الثلاثينات. وقد أدت المنافسة بين المكتبين إلى الشكوك المتبادلة، ويشعر عملاء مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، بالحنق تجاه نظرائهم في مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين كانوا يتقاضون راتبا أكبر منهم حتى منتصف التسعينات. وبينما كان الكونغرس يناقش قانون عام 2002 المتعلق بالأمن الداخلي، أشارت مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي إلى احتمالية حدوث بعض المشاكل. وسخرت المذكرة من عملاء مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات وقالت عنهم إنهم سيئو التدريب وتعوزهم الرؤية الاستراتيجية. ومع أن القانون الجديد قد جمع المكتبين في وزارة العدل، لكن يبدو وكأنه قد زاد من الشقاق بينهما. ومن غير الواضح من هو الذي يقف وراء نقل مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات لوزارة الدفاع، ولكن يرى برادلي باكلز، وهو مدير سابق للمكتب، أن وزارة العدل هي المكان الطبيعي للمكتب، بعد أن أصبح هيئة مسؤولة بالأساس عن تطبيق القانون. وكان جراسلي يرى أن هذه ستكون وسيلة لتعزيز التعاون ضد الإرهاب. ويقول: «كنت على اطلاع بالنزاع بين المكتبين، ولكن كنت أظن أنهما سينحيان الأمر جانبا بمجرد أن يصبحا تحت وزارة واحدة». ولكن على الرغم من أن مشروع القانون النهائي قرر نقل مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات لوزارة العدل، إلا أن العملاء لم ينتقلوا وبقي مشرفوهم كما هم. وقد تغيرت أشياء قليلة، فقد أضاف الكونغرس كلمة «المتفجرات» على اسم المكتب الذي كان «مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية» فقط. ونص القانون على أن المكتب يمكنه التحقيق في أعمال الإرهاب الداخلية. وكان يتضح بمرور الوقت أن نقص التخطيط ستكون له تداعياته. من المسؤول عن قضايا المتفجرات؟ وكيف سيشارك مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية في الحرب على الإرهاب؟ ومتى يكون التفجير عملا إرهابيا؟ وبعد إعادة تسميته، سعى مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، كي يكون الجهة الأولى بالوزارة التي تتعامل مع كل حوادث التفجيرات التي تقع في الولايات المتحدة، والتي تقدر بـ3500 حادثة سنويا وإلى تنسيق التحقيقات الميدانية في حوادث الإرهاب الداخلي. ولكن، عارض مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي يتولى في المعتاد قضايا الإرهاب، هذا الأمر. وبعد هذا ظهرت كثير من المشاكل: من المسؤول عن تدريب الكلاب على الكشف عن القنابل، وتدريب فرق الكشف عن القنابل نفسها؟ وماذا سيحدث مع مراكز بيانات القنابل التابعة لكلا المكتبين؟

وفي أغسطس (آب) 2004 أصدر المحامي العام آنذاك جون أشكروفت مذكرة قال فيها، إن مراكز بيانات القنابل ومعظم التدريب على التعامل مع المتفجرات، سيكون تابعا لمكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، وأن المكتب سيكون مسؤولا عن تدريب كلاب وزارة العدل على الكشف عن القنابل. وقال أشكروفت إنه إذا كان هناك تفجير مرتبط بالإرهاب، فستكون فرقة الإرهاب المشتركة تحت قيادة مكتب التحقيقات مسؤولة عن إجراء التحقيق، وفي غير هذا سيكون مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات مسؤولا عن التحقيقات، طالما كانت القضية لا علاقة لها بالحقوق المدنية. وتركت المذكرة للقوة المشتركة تحديد مدى ارتباط الحادث بالإرهاب. وفي الواقع كان العملاء التابعون لكلا المكتبين يظهران في نفس الجرائم، وغالبا في نفس الوقت. وتشعر الشرطة المحلية ورجال الإطفاء، الذين يكونون في المعتاد أول من يصل إلى مكان الحادث، بالغضب من هذه النزاعات، حيث يقف العملاء التابعون لكلا المكتبين على جانبي الطريق في مكان الحادث ضد بعضهم البعض. وكان مكتب التحقيقات يعارض أوامر أشكروفت بخصوص قواعد البيانات والتدريبات على الكشف عن المتفجرات. ورفض أشكروفت، الذي غادر وزارة الدفاع في 2005، التعليق على هذا الأمر. ولم يناقش نائب المحامي العام مارك فيليب مذكرة أشكروفت، ولكنه قال إن على مكتب التحقيقات الفيدرالي، ومكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، العمل معا لتنظيم طريقة موحدة لتطبيق القانون، خاصة في مواجهة الأخطار من قبل المجرمين والإرهابيين المحتملين. ولم ينقل المسؤولون بمكتب التحقيقات مركز بيانات المتفجرات الذي يديره منذ عام 1972. وقال المكتب: «إن هذا النقل.. سيعيق بصورة خطيرة جهود المكتب في محاربة الإرهاب». وانتقد المكتب محاولات مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات لتعزيز دوره في مجال محاربة الإرهاب الدولي. ودعا المفتش العام في وزارة العدل إلى نسخ قواعد البيانات الخاصة بكلا المكتبين، ولكن غالبا ما تجد الشرطة المحلية نفسها مضطرة للنظر في كلتا القاعدتين عند التحقيق في أحد التفجيرات. وما زالت الهيئتان تديران مراكز وفصول تدريب منفصلة على الرغم من أنهما يشبهان بعضهما البعض بشكل كبير، ورغم دعوة لجنتين بالكونغرس في 2004 إلى دمج التدريب تحت إشراف مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات. أضف إلى هذا، فقد بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي عام 2005 تدريب الكلاب على الكشف عن قنابل البروكسيد، وأشارت ورقة أصدرها المكتب في بداية 2007 إلى أن البرنامج يفوق تدريب البروكسيد لمكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات.

* خدمة «واشنطن بوست»