المفتي قباني يدعو إلى تحكيم العقل.. والبطريرك صفير: ما يحدث «تنفيذ أجندات خارجية»

عودة الهدوء الحذر إلى بيروت يحرك الدعوات للمعالجات السياسية

عناصر من ميليشيا حركة أمل في وضع قتالي في الشويفات أمس (أ.ف.ب)
TT

أفسح الهدوء الامني الحذر الذي ساد احياء القسم الغربي من بيروت امس، في المجال امام تحرك مرجعيات دينية وفاعليات سياسية في اتجاه الدعوة الى التهدئة والمعالجة السياسية للأزمة. وفي حين نقل عن مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني اطلاقه «دعوة صادقة الى التهدئة والعودة الى تحكيم العقل في كل تصرف» توقع البطريرك الماروني نصرالله صفير عودة الاوضاع الى طبيعتها وانتصار الوحدة اللبنانية «في القريب العاجل» واصفاً ما يحدث بأنه «عملية تنفيذ اجندات خارجية». ودعا «جميع الفرقاء للتوجه الى طاولة الحوار والمفاوضات السلمية».

موقف المفتي قباني نقله عنه نقيب الصحافة محمد البعلبكي الذي زار دار الفتوى امس. وقال عقب اللقاء: «كانت لنا جولة افق مع سماحته. ومن ناحيتي كنت حريصا على ان اؤكد ان التطاول على رجال الدين أياً كانوا أمر غير مسموح به أيا كان مصدره. لرجل الدين في هذا البلد وعندنا جميعاً، مسلمين ومسيحيين، احترام في كل ما يصدر عنه من اقوال وتصريحات». وأضاف: «اطلعنا على رأيه في ما هو حاصل وفي ما حصل في الايام الاخيرة، فسمعت من سماحته دعوة صادقة الى التهدئة والعودة الى تحكيم العقل في كل تصرف. وهذا التوجه من قبل سماحته مستوحى من ايمانه العميق بالله سبحانه وتعالى وبهدي القرآن الكريم. وسمعت ايضا من سماحته شجبا لما تعرضت له الصحافة اللبنانية والاعلام اللبناني من عدوان ليس له اي مبرر، انما هو يشكل اعتداء على حرية الرأي والتفكير والعقيدة».

أما موقف البطريرك صفير الذي يواصل زيارة الى جنوب افريقيا فورد في حديث صحافي حيث قال: «ان ما يحدث الان في لبنان هو عملية تنفيذ أجندات خارجية تخدم اكثر من دولة. ولو ان الامر ترك للبنانيين وحدهم فقط لما حصل ما نراه اليوم في لبنان». واضاف: «انا على ثقة كبيرة بأن الشعب اللبناني قادر على اختيار رئيسه وبالتوافق بين الجميع. وإن الشعب اللبناني لديه الرغبة في العيش بسلام وأمان مع بعضه البعض ومع جيرانه. لكن هذا الامر يتطلب الحيلولة دون تدخل الجهات الخارجية التي تعمل من اجل مصالحها الخاصة». واشار الى «ان الاجندات الخارجية ليس وليدة اليوم، بل انها تعمل منذ زمن طويل في لبنان. ولدينا محطات حول ذلك». ووجه صفير نداء الى «جميع الفرقاء اللبنانيين» أن يتوجهوا الى طاولة الحوار والمفاوضات السلمية.

وعن الدور الاردني والسعودي في لبنان، اكد البطريرك صفير انه «يتميز بالايجابية من اجل دعم موقف السلام ونشر الامان في جميع انحاء لبنان. كما ان الاردن دولة مجاورة لنا وتتأثر بهذه الاحداث. ويجب على لبنان والأردن منع كل من يفكر في تخريب المنطقة من اجل اجندات خارجية». وتوقع عودة الاوضاع الى طبيعتها، معتبراً «ان ما يحدث ليس الا زوبعة قصيرة لا مدى لها. وإن الوحدة اللبنانية سوف» «.

من جهته، سأل النائب بطرس حرب امس: «كيف لنا ان نلبي الدعوة الى الحوار السياسي والسلاح مشهور في وجهنا والطرق مقفلة ومنها طريق المطار؟» داعيا «حزب الله» الى ان «يؤكد للبنانيين من جديد العودة الى التزام عدم استخدام سلاحه مطلقا وفي ظل اي وضع او خلاف. واذا لم يفعل حزب الله ذلك فكيف يمكن اجراء الحوار الحر؟». كما سأل: «لمن نحرر الارض اذا قضينا على الانسان وعلى النظام الديمقراطي وعلى القيم؟ فالأرض قيمتها مرتبطة بالانسان الذي يملكها ويقيم عليها. واذا قتلنا الانسان وحررنا الارض فمن يحافظ عليها؟ وهل السلطة اهم من الوطن؟». وقال: «انها المرة الاولى في لبنان التي نجد فيها فريقا لبنانيا يحاول حسم المسألة لمصلحته بقوة السلاح على حساب بقية اللبنانيين» طارحا السؤال: «اذا كان لدى فريق من اللبنانيين موقف رافض للصيغة التي نعيش في ظلها فلماذا لا تكون لديه الجرأة الادبية والافصاح صراحة عن ذلك من دون التسبب بقتل الناس وانزال المآسي بالوطن؟ واذا كان لدى حزب الله او حركة امل او لدى اي حزب في المعارضة او في الموالاة باي طيف من أطيافها اي مشروع لتغيير النظام، فلماذا لا يعلن ذلك لنجلس على طاولة للحوار للاتفاق دون اهراق الدماء وتدمير الوطن وتهجير ابنائه؟ واذا كانت الحكومة ـ فرضا ـ اتخذت قرارا سيئاً وان القرارين المشكو منهما في جلستها الاخيرة قراران خاطئان فهل تجوز مواجهتهما بالسلاح؟ ولماذا انشئت المؤسسات الدستورية من مجلس نواب وقضاء؟ ولماذا كان الاتصال السياسي بين الناس والحوار الديمقراطي وكيف يمكن تجاوز القانون وقوى الجيش والامن؟».

وحمَّل حرب «المعارضة بكل فصائلها، العسكرية التي شاركت في ما جرى والسياسية التي سكتت عما جرى، المسؤولية التاريخية عن الخطيئة التي ارتكبت». وقال: «إن قوى 14 آذار كانت تدرك الحالة التي يجتازها لبنان. وكنا نؤمن او نحاول فرض الايمان على نفسنا بأن حزب الله لن يحول سلاحه الى الداخل وهمه مقاومة اسرائيل. ودافعنا عن هذا السلاح. ولم يكن يتصور اي لبناني ما حدث من قبل حزب الله. ولا اريد ان اشكك بحزب الله. الا انه يبدو ان المشروع السياسي الذي يحمله لا يمكنه تحمل الديمقراطية، واصبحت القضية تستدعي اللجوء الى وسائل اخرى».

ورأى الرئيس السابق للحكومة اللبنانية عمر كرامي «ان الحال المتردية التي وصلت اليها البلاد سببها سياسة التعنت التي انتهجتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة». وقال: «ان هذا الامر بدا جلياً في المؤتمر الصحافي الذي عقد السنيورة امس (الاول)». واستنكر في مؤتمر صحافي عقده امس في طرابلس «الحملة التي تشنها وسائل الاعلام التي يملكها اصحاب المال والتي اسهمت بدورها في حقن الاجواء وتسعير الاحتقان» محذراً من «الاستمرار في هذه السياسات». واعتبر انه «لو كانت لدى الحكومة الحكمة والحكنة لما وصل الوضع الى هنا. ولو لم تقم المقاومة بما قامت به فما كان عليها الا الاستسلام». وشدد على «ضرورة حماية المقاومة ولبننة الحل» داعياً الى «تبني المبادرة العربية والوصول الى توافق على سلة واحدة للحل». وحذر من «وقوع فتنة سنية ـ شيعية» واثنى على دور الجيش اللبناني في الآونة الاخيرة، مستغرباً «الهجوم الذي شنه السنيورة على المؤسسة العسكرية». وقال وزير الخارجية والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ: «ان الوضع المؤسف الذي وصلت اليه البلاد اليوم هو نتيجة نهج مستمر ومتصاعد منذ وقت طويل، قوامه الاستئثار والشعور الخادع بالقوة والابتعاد عن مقومات العيش المشترك. وتطور هذا النهج بشكل خطير اخيراً باتجاه استباق الحوار الوطني حول سلاح المقاومة تحت عنوان الاستراتيجية الدفاعية من خلال قرارات احادية خطيرة الابعاد».