اشتباكات عنيفة بين «حزب الله» و«الاشتراكي» في الجبل

جنبلاط يطالب نصر الله بألا يدفع الدروز «ثمن ثأر شخصي عليه» * أرسلان يتمنى على الجيش اللبناني أن يأخذ دوره سريعا

مسلح من حزب الله يرتدي بنطالا عليه عبارة «الجيش الأميركي» يطلق النار على أحد انصار وليد جنبلاط في الشويفات (أ.ب)
TT

بلغت الحرب المتنقلة في لبنان مرحلة خطيرة امس، وضربت في منطقة الجبل حيث دارت اشتباكات ضارية بين مقاتلي المعارضة والحزب التقدمي الاشتراكي استخدمت فيها مختلف انواع الاسلحة. وسمعت اصوات قذائف المدفعية حتى اطراف بيروت، كما شوهدت اعمدة الدخان الناتجة عن القصف الثقيل. وتمددت الاشتباكات من محيط بلدة الشويفات الساحلية صعودا في الجبل حتى بلدة عيتات وتلال عرمون واطراف شملان وسوق الغرب وكيفون وعين عنوب وصولا الى بلدة بيصور، حيث ذكرت معلومات امنية ان قصر وزير الاعلام غازي العريضي قد اصيب بعدة قذائف واصيبت المباني والمنازل المجاورة باضرار.

وقد سارع رئيس الحزب التقدمي النائب وليد جنبلاط الى الطلب عبر التلفزيون من انصاره «التمسك بالسلم الاهلي والعيش المشترك» وطالب الامين العام لحزب الله، حسن نصر الله، «الا يدفع الدروز ثمن ثأر شخصي عليه». وفوّض جنبلاط رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» الوزير والنائب السابق طلال ارسلان «تولي وقف النزف والدمار في الجبل» متمنيا عليه ان «ينسق مع القوى الفاعلة ليكون الجبل في عهدة الجيش».

وبدوره، ناشد ارسلان مقاتلي المعارضة وقف اطلاق النار. واعلن انه سيتصل بقائد الجيش العماد ميشال سليمان لتأمين انتشار الجيش في كل مناطق الجبل فور وقف اطلاق النار، على ان يسلم مقاتلو الحزب التقدمي الاشتراكي اسلحتهم الثقيلة ومراكزهم للجيش. واشار نائب رئيس الحزب الديمقراطي زياد شويري الى انه اتفق على وقف لإطلاق النار بدءا من السادسة مساء. وأكد ان المعارضة ستلتزم الاتفاق. وفيما ذكرت مصادر المعارضة ان مقاتليها سيطروا عند الرابعة والنصف من بعد الظهر على بلدة العزونية في منطقة عاليه (على طريق المديرج ـ عين زحلتا في اتجاه بيت الدين وسط الشوف) حددت معلومات امنية خريطة الاشتباكات كالآتي: اشتباكات عنيفة في خراج بلدة الشويفات ومحيطها بالاسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، توسع رقعة الاشتباكات الى بلدتي بيصور وعرمون، عودة عناصر الحزب الاشتراكي الى تلة الـ 888 التي كانوا سلموها للجيش اللبناني اول من امس، معارك قاسية جدا في بيصور تستخدم فيها الرشاشات المتوسطة والثقيلة والمضادات وقذائف الـ«آر. بي. جي». وذكرت مصادر امنية ان منزل الوزير العريضي قد اصيب مباشرة بعدة قذائف مدفعية.

وقد وجه النائب جنبلاط نداء قال فيه: «لقد تطورت الامور بشكل مفاجئ، الامر الذي يهدد السلم الاهلي في منطقة عاليه ومنطقة الشويفات والجوار والعيش المشترك بيننا وبين اخواننا من الطائفة الشيعية الكريمة. لذلك قررت، وبعد التشاور مع دولة الرئيس نبيه بري، ان يتولى الامير طلال ارسلان، وفق اتصالاته، موضوع وقف هذا النزف وهذا الدمار الذي سيلحق بالجميع. وطبعا هنا أتمنى على الامير طلال ان ينسق، وأن يكون الجبل في عهدة الجيش، جبل لبنان ظهر الجيش، لان لا مفر لنا من أن هذه المؤسسة تحمي الجميع ونترك لها حرية التصرف وفق هذه الشروط».

وسئل اذا كان يتوقع ان ينجح ارسلان في مسعاه، فاجاب: «هذا هو كلامي، أكتفي بهذا الكلام. ونصيحتي الى الامير طلال انه، وبما انه طلب التفويض، وبعد التنسيق والتشاور مع الرئيس بري الذي أكن له كل المحبة والاحترام وأعلم ما هي مشاعره، فوضت الامير طلال، لكن انصحه بان ينسق في هذا الامر مع القوى الفاعلة الاساسية وفي مقدمها الجيش اللبناني».

وسئل: ماذا تقول لانصارك؟ فأجاب: «أقول لانصاري: السلم الاهلي والعيش المشترك ووقف الحرب والدمار أهم من كل اعتبار».

بدوره، عقد ارسلان مؤتمرا صحافيا ناشد فيه «ابناء الجبل وانصار المعارضة بكل اطيافها الوقف الفوري لاطلاق النار والمواجهات في الجبل» معلنا انه سيتصل «فورا» بقائد الجيش العماد ميشال سليمان «لأباشر معه وضع خطة تفصيلية لانهاء المواجهات في الجبل». وقال: «للحفاظ على العيش المشترك وانتماء هذا الجبل التوحيدي وهويته، في النهاية، لا يمكن ومهما حصل، ان يتحوّل هذا الجبل طعنة في ظهر المقاومة. أؤكد للمعارضة وابناء الطائفة الدرزية والموحدين الدروز انه لا يمكن الا ان يكونوا حماة صادقين لظهر المقاومة التي ضحّت بالغالي والرخيص للحفاظ على لبنان واللبنانيين».

واضاف: «اوضحت للاستاذ (النائب) وليد جنبلاط ليل (أول من) امس حول مسألة التفويض. واعتبر انني فاوضت لبعض الامور الامنية التي تتعلّق ببعض المراكز الامنية ومخازن الاسلحة التابعة للحزب الاشتراكي. وافقنا على تسليمها وبالتنسيق مع النائب جنبلاط الى الجيش الذي نتمنّى ان يأخذ دوره سريعا في الجبل».

من جهته، قال الوزير العريضي في حديث تلفزيوني: «ان آخر ما كان يمكن ان يفكر به المرء ان تصل الامور الى ما وصلت اليه في هذه العلاقة بين ابناء المنطقة الواحدة، بيصور وكيفون والقماطية وعاليه وسوق الغرب وبمكين وعين السيدة». واضاف: «عيتات وبشامون وعين عنوب وقبر شمون كل هذه القرى مترابطة ببعضها البعض، ليس فقط على مستوى الجوار الجغرافي بل على مستوى المصير الواحد. وقد عشنا مرحلة المصير الواحد في أصعب الظروف معا، بين كيفون وبيصور والقماطية وكل هذه المواقع». وتمنى ان يتم «وقف كل هذه الاعمال» مؤكدا «اننا أهل وقرية واحدة مترابطة وسنبقى كذلك». واعتبر «ان المشكلة ليست بين القماطية وكيفون وبيصور. وان هذه العلاقة وأواصر هذه العلاقة التاريخية لا تزال قائمة» آملا «ان يتوقف كل هذا المسلسل وان تعود المنطقة الى أمنها وهدوئها واستقرارها». وقال: «نحن ابناء بيئة واحدة ومنطقة واحدة وحتى في الثوابت الاساسية في أصعب الظروف لم نختلف، فلن نختلف اليوم خصوصا عندما يكون مصير البلد على المحك، هذا مشهد مؤلم وهذا أمر خطير جدا يجب وقفه وتدارك كل ما يمكن ان ينتج عنه قبل فوات الأوان».

وحول مصير المخطوف من «حزب الله» من قبل الحزب التقدمي الاشتراكي، قال الوزير العريضي: «في الحقيقة، البحث لا يزال جاريا في هذا الموضوع. ومع كل الاسف في كل ما جرى والتعزية لكل الذين سقطوا في هذه الاشتباكات والمشاكل التي حصلت، لا اعتقد ان المسألة يمكن ان تعالج بأي شكل من الاشكال بهذه الاشتباكات الواسعة النطاق وهذا القصف واستخدام كل أشكال الاسلحة بهذه العملية. اعتقد ان الأمور تعالج بالحكمة وبالمسؤولية. وقد أبدى وليد بك كل الاستعداد. وأبدينا كل استعدادنا لإيجاد المخارج والصيغ المطلوبة. والموضوع بين يدي الامير طلال (ارسلان) وهو على تواصل مع السيد نصر الله ومع قيادة المقاومة».

وعن تعرض منزله في بيصور الى القصف، قال الوزير العريضي: «سامح الله الذين أطلقوا النار، بيصور بلدة المائة واربعين شهيدا، بيصور كنت اقول عنها دائما ولا أزال هي قريتان، قرية فوق التراب وقرية تحت التراب بشهدائها الابرار، هذا الموقع الذي يقع فيه المنزل هو احد مواقع بيصور الوطنية العربية البطولية الذي كان عليه كل الرجال الذين دافعوا عن وحدة وعروبة وانتماء لبنان، بيتي واحد من بيوت بيصور الوطنية والعربية والقومية كانت كذلك وستبقى كذلك، بيتي المتواضع ايضا هو بيت مقاومة وكان وسيبقى بيت مقاومة. انا أتوجه الى سماحة السيد نصر الله، الذي اعتبرني صديقا سابقا، أقول هذا البيت كان بيت مقاومة ويبقى بيت مقاومة».