مخاوف يهودية ـ أميركية من ضعف علاقة الشباب بإسرائيل

تغير بين الأجيال قد يؤثر على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط

TT

تتذكر ميشيل بيرلستين التي نشأت في أبرشية «عولام تيكفا» كيف كانت تعلم مواد حول إسرائيل في المدارس الدينية في الولايات المتحدة، وتقول: «كان الامر اسود وابيض ـ لا يمكن الثقة بأحد وكانت الجبهة متحدة لدعم إسرائيل». وتعمل بيرلستين، 35 عاماً، اليوم أخصائية لشؤون إسرائيل في معبد فيرفاكسا اليهودي، حيث تقوم بالتدريس هناك بطريقة اصبحت هي المعتادة: «اسرائيل بكل تفاصيلها؛ بما فيها مشاكلها». وتشير إحصاءات جديدة إلى أن الشباب الأميركي من اليهود لا يشعرون بارتباط قوي تجاه إسرائيل مثل كبار السن. وعلى الرغم من الجدل الدائر حول بعض تقنيات هذه الإحصاءات والنتائج، إلا أن معظم قادة اليهود قلقون جداً بشأن هذه البيانات. وينظر القادة إلى هذه الإحصاءات على أنها نتيجة للزواج من غير اليهود والتأثر بالحضارات الأخرى وسياسات إسرائيل المثيرة للجدل، بما في ذلك توسيع المستوطنات في الاراضي المحتلة. يقول ميشا بالف الذي يعمل في «الاتحاد اليهودي في واشنطن الكبرى» والذي يقوم بالدعاية لإسرائيل بين الشباب في أميركا: «لقد كنا جيلا يعشق إسرائيل ويرتبط بها، ولكن الأمر اشبه بمسرح مصارعة الآن. إنهم لم يتخلوا عنها لكنهم يصارعون معها ـ الوضع مختلف بالنسبة للشباب». ومن الأسئلة البارزة: ما الأثر الذي يمكن أن يحدثه الضعف في العلاقة العاطفية بين إسرائيل واليهود الأميركيين على سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط؟ في الشهر الماضي، قام بعض اليهود الذين يميلون إلى اليسار بتأسيس مجموعة ضغط لمقاومة تأثير لجنة الشؤون العامة الأميركية ـ الإسرائيلية (ايباك)، التي كانت تضغط دائما مع الحكومات الأميركية للوقوف في وجه معارضي إسرائيل.

وحاليا، فإن هذا التغير تجاه إسرائيل يؤثر بالسلب على الدعاية لها في الولايات المتحدة. ويفيد العديد من المثقفين والمتطوعين في الأعمال الخيرية والآباء بأن المناهج الدراسية يجب ألا تركز على تبسيط إسرائيل أو تمجدها. ولكن بدلا من ذلك يجب أن يستخدم المعلمون مصادر التعليم الخاصة بالتاريخ والسياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع والثقافة بطريقة ما تبقي على الصلة بين الشباب الأميركي اليهودي وإسرائيل. وتقول بيرلستين إن الكثير من مواد التعليم عن إسرائيل أصبحت قديمة. فهي إما تتحدث عن إسرائيل في رموز دينية لا تتعدى تاريخ 1948، أو تنتهي عام 1967. وتقول: «أعتقد أن ذلك يرجع إلى أن السنوات الأخيرة لها تأثيرات سلبية». وتقول إن هدفها الأساسي هو تعليم الطلاب كيف يمكنهم التواصل مع إسرائيل، وأن «توضح لهم أن اليهود كانوا دائما في هذه الأرض، وأننا يمكن أن نرى ذلك في الانجيل، وأن نرى ذلك اليوم على أرض الواقع». ولكن يجب القيام بذلك بصورة صادقة، وذلك عن طريق إظهار «التحديات التي تواجه إسرائيل بالإضافة إلى الإنجازات التي حققتها».

ويقول المعلمون إن تغيير المناهج يشمل أمورا أوسع مثل: الإجابة المباشرة عن أسئلة من قبيل لماذا يجب على الجيل الجديد من اليهود الأميركيين أن يشعروا بصلتهم بهذا البلد الصغير في الشرق الأوسط. ولكن بالنسبة لكبار السن من اليهود، فإن هذا السؤال ليست له إجابة. فهؤلاء يتذكرون التأسيس الدرامي لإسرائيل وينظرون إليها على أنها جزء مهم من هويتهم اليهودية. ويقول العديد من الخبراء والقادة اليهود والمتطوعين إن عدم الشعور الكافي لدى الشباب من اليهود الأميركيين سببه التغيير في كلا الجانبين. فقد تحولت إسرائيل من دولة ناشئة تنجو من محرقة الهولوكوست إلى التقنية والقوة العسكرية، كما أن اليهود الأميركيين تزوجوا من غير دينهم وارتبطوا بثقافة الولايات المتحدة العلمانية.

ويعتقد البعض الآخر أن إسرائيل الحالية ـ الدولة المتطورة والحديثة ـ ستسهل من تواصل اليهود الأميركيين معها. ويذكرون أن المتطوعين أرسلوا نحو 100 ألف يهودي أميركي منذ عام 2000 لزيارة إسرائيل، وأن ذلك سوف يعزز من علاقتهم بها. ويقول المعلمون ان تغيير المناهج الدراسية لم يكن سهلا. فمعظم الآباء لم يستطيعوا توضيح الأسباب وراء ارتباطهم العميق والعاطفي بإسرائيل، ولا يرغب الآباء عادة في الحديث على الملأ عن اسئلة مثيرة للجدل تتعلق بالصهيونية أو المشاكل بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ويقول تقرير صدر عام 2003 عن مؤسسة «جيلو فاملي»: «إن بعض المؤسسات تجنبت تحديد بيان مهمة خاص بإسرائيل (والأهداف التعليمية المتعلقة بإسرائيل) خوفا من إثارة الرأي العام».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»