الشورى السعودي يأسف لانتهاك سيادة لبنان ويدعو إلى الاستماع لصوت الحكمة ولغة العقل

حذر من أن نار الفتنة والانشقاق حين تندلع لا تستثني أحداً

TT

شن أعضاء في مجلس الشورى السعودي أمس، هجوما حادا على حزب الله اللبناني، متهمين أمينه العام حسن نصر الله بأنه يسعى لجر جميع اللبنانيين لـ«الحرب الأهلية».

يأتي ذلك فيما عبَر مجلس الشورى في جلسة الأمس، التي ترأسها الدكتور صالح بن حميد، عن «بالغ أسفه وشديد قلقه بشأن الأحداث المؤسفة التي يشهدها لبنان، وما يقع من انتهاك لسيادة دولته وإرهاب الآمنين فيه عبر مظاهر التسلح والعنف وما يحدث من إزهاق للأنفس واعتداء على الممتلكات وتناحر بين أبناء البلد الواحد».

وحذر عضو المجلس سعود الشمري، من مغبة التوسع الإيراني في المنطقة العربية، والذي تنفذه طهران في كل من اليمن والعراق ولبنان. واعتبر أن ما يتعرض له لبنان هذه الأيام، «مهدد للأمن القومي العربي».

وهاجم الشمري حزب الله. وقال إنه يسعى لتنفيذ أجندة إيرانية على الأراضي اللبنانية.

وطالب سعود الشمري، بدعوة رئيس الاستخبارات العامة لمجلس الشورى، من أجل وضع المجلس بصورة تطورات المنطقة، وهي الدعوة التي أيدتها مجموعة من الأعضاء.

وأعرب الدكتور خليل الخليل عضو المجلس، عن قلقه إزاء ما يحدث في لبنان من مظاهر العنف والقتل والمسلحين وحرائق المباني ووسائل الإعلام وإغلاق المطارات والطرق، واستهداف العزل بالصواريخ. وقال «لقد آسفتنا تلك المظاهر، وأقلقتنا، وأحبطت آمالنا».

ودعا الخليل، اللبنانيين أن «يعودوا إلى منطق العقل، وروابط العروبة والنظام وسيادة القانون، وأن يعقدوا العزم على عدم العودة للحرب الأهلية». وأضاف: «أن ما يقوم به حزب الله هو التفرد بحكم البلاد بقوة السلاح، مع الزج بلبنان في هاوية الحرب الأهلية، والدخول في حسابات قوى خارج لبنان، مما لا تخدم المصلحة اللبنانية ولا تخدم المصالح العربية».

وعقَب على ذلك بقوله «كم يؤسفنا أنه في الوقت الذي مر على النكبة في فلسطين 60 عاما، نشاهد اليوم نكبة أخرى في بيروت، ولا شك أن تلك الأحداث تكرس النكبة، وتصرف الأنظار عن القضية الفلسطينية، وما تعيش فيه غزة من ظلام دامس. لسنا بحاجة إلى نكبات أخرى».

وأكد خليل الخليل، على أن مجلس الشورى متضامن مع ما تتخذه القيادة السياسية السعودية من خطوات لرأب الصدع في لبنان. وقال «نأمل أن تنجح مساعي اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الطارئ».

وأهاب مجلس الشورى في بيان تصدر جلسة الأمس «بالإخوة والأشقاء اللبنانيين بمختلف تياراتهم السياسية وطوائفهم الاستماع إلى صوت الحكمة ولغة العقل». وطالبهم بضرورة تغليب مصلحة لبنان فوق كل اعتبار.

وقال بيان المجلس «لقد تابع مجلس الشورى بقلق شديد الأحداث الجارية في الجمهورية اللبنانية الشقيقة، وما يقع من انتهاك لسيادة الدولة وإرهاب للآمنين وقطع للطرقات عبر مظاهر التسلح والعنف، ويعبر المجلس عن أسفه لما يحدث من إزهاق للأنفس واعتداء على الممتلكات وتناحر بين أبناء البلد الواحد، ويهيب المجلس بالأشقاء في لبنان بكافة تياراته السياسية وطوائفه الاستماع إلى صوت الحكمة ولغة العقل، ووضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، ويدعو المجلس كل من يقف وراء التصعيد ليعيد حساباته، وأن يدرك أن الزج بلبنان في فتنة لن يحقق انتصاراً لأي طرف على آخر، بل خسارة على الجميع شعباً ووطناً، كما يأمل استمرار جهود وأعمال التهدئة التي بدأت بوادرها مؤخراً».

واعتبر الشورى، أن التدخل الخارجي، مهدد للاستقرار الوطني. وأضاف في بيانه «أن السماح بالتدخلات الخارجية لهو من أشد مهددات الاستقرار الوطني والعيش السلمي، وان لبنان الشقيق هو وطن لجميع أهله يستظل بسمائه ويعيش على أرضه جميع طوائفه وكتله السياسية عبر مفاهيم الشرعية الدستورية. ولقد علّمت تجارب التاريخ أن الأوطان والمفاهيم الوطنية حين يحاول أن تحتكرها فئة أو تُجرَّد منها فئة أو تُجعل جسراً للتدخلات فحينئذ ينزلق الوطن وأهله إلى هوة سحيقة يصعب الخروج منها، وأن نار الفتنة والانشقاق حين تندلع فإنها لا تستثني أحداً والخاسر الوطن وأهله. وحينما تقع البلاد في انفلات أمني أو انقسام سياسي يصبح من السهل على الذين لا يمتلكون الانتماء الصادق أن يسمحوا بالعبث والتدخلات وحينئذ يسهل للمتربص أن يحقق أهدافه على حساب لبنان واللبنانيين جميعاً».

وشدد مجلس الشورى السعودي على «أهمية العودة لمبادرة جامعة الدول العربية وعدم الالتفات للقوى المتطرفة التي تعطل مسيرة نماء لبنان وأمن اللبنانيين وتسعى لفرض واقع الدمار والتشتت على بلد عربي الانتماء والجذور».

وأكد على «ضرورة التئام مجلس النواب اللبناني في اقرب فرصة وأن يقوم بما يمليه عليه الضمير الحي والخوف على مصالح الشعب لاختيار رئيس توافقي يجتمع حوله الجميع بشتى فئاتهم، للخروج من هذا النفق المظلم، والعمل على نزع بذور الفرقة والخلاف تحت قبة مجلس عُرف عنه الحوار واحترام وجهات النظر مهما تباعدت في أجواء وطنية صرفة». ودعا الشورى السعودي «الاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي الانتقالي، والمجالس البرلمانية في الدول العربية والإسلامية، والاتحاد البرلماني الدولي إلى القيام بإسهام بنّاء في سبيل تقريب وجهات النظر بين اللبنانيين ومساعدتهم في الخروج من أزمتهم». وأشاد بدعوة المملكة إلى عقد اجتماع لمجلس وزراء الخارجية العرب لبحث الوضع المتدهور في الساحة اللبنانية، ويأمل في أن ينجح اجتماع وزراء الخارجية في رأب الصدع وجمع الكلمة تحت مظلة جامعة الدول العربية.

وعاد مجلس الشورى ليجدد تأييده لكل الجهود التي تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، لاحتواء الموقف المتأزم في لبنان، ومساعي قادة الدول العربية والإسلامية والأصدقاء في العالم لوأد الفتنة وإخماد حريقها المتصاعد.