اعتقال الترابي لساعات.. و18 من قيادات حزبه على خلفية الهجوم على أم درمان

نجل الترابي: والدي صار «الحائط القصير» للحكومة يعتقلونه بعد كل كارثة

د. حسن الترابي
TT

اعتقلت السلطات السودانية أمس زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض، الدكتور حسن عبد الله الترابي و18 من قيادات حزبه، قبل ان تطلق سراحه بعد ساعات مع 7 اخرين، وأبقت على 11، في اطار حملة اعتقالات على خلفية الهجوم على العاصمة السودانية.

وشنت الحكومة السودانية أمس حملة اعتقالات واسعة في صفوف الحزب.

وقال مصدر أمني أن السلطات حققت معهم حول صلتهم بالهجوم الذي نفذته حركة العدل والمساواة المسلحة في دارفور بزعامة خليل ابراهيم على العاصمة السودانية السبت الماضي.

وقال عصام نجل الترابي لـ«الشرق الأوسط» ان سيارتين تحملان قوة من الجنود المدججين بالمدافع الدوشكا وأسلحة اخرى، على رأسهم ثلاثة ضباط، وصلوا الى منزل الترابي في الخامسة من صباح امس وطلبوا من نجله الاكبر صديق، اخطار والده بأنهم يريدون مقابلته. وأضاف: «عندما جاء أخطروه بأنه رهن الاعتقال بسبب الهجوم قبل ان يقتادوه الى سجن كوبر»، وذكر انه وصديق رافقا القوة الى ان وصلا الى مقر اعتقاله في السجن السوداني العتيق. وعلق عصام على عملية الاعتقال بقوله «انه (والده) بات حائطهم القصير.. كلما يحدث شيء يرمونه به.. يعتقلونه مع وقوع اي كارثة».

وقال مصدر في الشعبي لـ«الشرق الأوسط» ان الترابي وصل الى منزله من مدينة سنار (وسط السودان) في الثانية من صباح امس وخلد الى النوم بعد رحلة عودة مرهقة سبقتها جولة متصلة في ولاية سنار تتعلق بشؤون تنظيمية. وكشف المصدر ان الاعتقال شمل الى جانب الترابي كلا من: الدكتور بشير آدم رحمة المسؤول السياسي للحزب ووزير الثروة الحيوانية السابق، وآدم الطاهر حمدون القيادي مسؤول الحزب عن العاصمة الخرطوم، وحسن ساتي المسؤول المالي للحزب، ومحمد الأمين خليفة عضو المكتب القيادي، وخليفة الشيخ مكاوي القيادي في الحزب، والصافي نور الدين القيادي في الحزب، وجميل الله عبد الرحمن، ونانجي دهب، وتاج الدين بانقا، ومحمد عبد الله عيساوي، وحسين الجبار، وأسامة الياس، وأبو بكر عبد الرازق، ودهب محمد صالح، وسليمان البصيلي ، ونور الدين آدم علي، ناشط آخر.

ونفي أمين الدائرة القانونية والعدلية في المؤتمر الشعبي المحامي كمال عمر وجود اية صلة لحزبة بأحداث ام درمان، وقال لـ«الشرق الأوسط»: لا علاقة لنا بما حدث ولا صلة لنا بحركة العدل والمساواة»، وأضاف: ان المؤتمر الشعبي يعمل الآن وفق المادة 40 من الدستور التي تبيح العمل السياسي، واعتبر خطوة اعتقال الترابي وقيادات وناشطي الحزب عمل كيدي وخرق للدستور، وقال: «كل الإجراءات التي اتخذت ضد حزبنا جزافية اعتادت الحكومة ارتكابها في حقنا كلما استجدت أحداث في البلاد».

وكشف ان السلطات افرجت عصر امس الى جانب الترابي عن محمد الأمين خليفة، واتصلت بالمسؤولين في الحزب وطلبت منهم الحضور الى مقر الشعبي لتسلم مقرهم الذي كانت استولت عليه لأكثر من 11 ساعة امس، ووصف الخطوة بأنها بمثابة تراجع عن تلك الإجراءات ضد حزبه. وكان مصدر رسمي مأذون، قال في تصريحات لوكالة السودان للأنباء الرسمية إن إفادات «الأسرى في المحاولة التخريبية والوثائق التي ضبطت بحوزتهم اشارت الي تورط بعض الافراد في الداخل في المؤامرة» وأضاف المصدر أن السلطات المختصة تحفظت علي الأفراد الذين وردت معلومات عن تورطهم الي حين التحقق من صحة هذه المعلومات واتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة، من دون ان يحدد الاسماء.

ويعتقد مسؤولون حكوميون ان ثمة علاقة ربما تمويهية بين تصريحات أطلقها الترابي اثناء زيارته الى سنار بالتزامن مع اندلاع الأحداث في أم درمان، ويرون ان تلك التصريحات هي التي مهدت لاعتقاله الثالث من قبل حكومة الرئيس عمر البشير، وكان الترابي حذر في ندوة سياسية في مدينة سنار يوم الجمعة الماضي من مغبة الانقلابات العسكرية. وأكد وقوفه ضد أي انقلاب عسكري على النظام القائم، واشار الى خطورة الانقلابات العسكرية وما يمكن أن تجره على البلاد، وقال الترابي ان أي انقلاب عسكري سيكون أسوأ من الانقلابات السابقة، وأعلن عفوه عمن أودعوه السجن خلال ممارسته للعمل السياسي، وأوضح أنه استطاع خلال فترات سجنه المختلفة قراءة 15 ألف كتاب بمختلف اللغات.

وكان الترابي اعتقل لأول مرة من قبل حكومة الرئيس عمر البشير في العام 2000 بعد ان وقع حزبه الشعبي مذكرة تفاهم مع الحركة الشعبية لتحرير السودان تمهد لمفاوضات سلام اعتبرتها الحكومة بمثابة خيانة وضرب من الخلف وتنسيق مع عدو يحارب الجيش في جنوب البلاد، وأفرج عنه بعد عام من الاعتقال المتواصل، فيما اعتقل المرة الثانية في العام 2004 بعد محاولة انقلابية مزعومة قالت الحكومة انها تمت بتنسيق من حزب المؤتمر الشعبي وعناصر من حركة العدل والمساواة، وأمضى زهاء الشهر في الاعتقال.