أرسلان: فليسلم كل السلاح ولا أقبل بإبقاء مصادر أذى للمقاومة

هدوء حذر في عاليه وأعالي الشوف وحصيلة الاشتباكات كبيرة

TT

الى حين كتابة هذه السطور، كان الهدوء قد عاد الى منطقة عاليه في الجبل اللبناني ولكن بحذر. فبعض الجثث والأشلاء كانت لا تزال في انتظار أفراد الدفاع المدني والصليب الاحمر لنقلها الى البرادات. وفيما غابت المظاهر المسلّحة، انتشر الجيش اللبناني في المنطقة، بعد اليوم الطويل والليل الاطول اللذين مرا عليها. فالاشتباكات التي دارت في المنطقة بين عناصر الحزب التقدمي الاشتراكي ومقاتلين من المعارضة توقفت قرابة السابعة من مساء أول من امس، لتتجدد في وقت متقدم، انما بعد انتقالها الى مقلب آخر من الجبل، وتحديدا في نيحا وجبل الباروك (تلة الرادار) حيث دارت اشتباكات عنيفة جدا بين عناصر من التقدمي الاشتراكي وآخرين من «حزب الله» لم تتأكد حصيلتها، فقد تضاربت الارقام التي تداولتها وكالات الانباء. وفيما تحدثت وكالة «رويترز» عن 36 قتيلا، قال المسؤول الاعلامي في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس لـ«الشرق الاوسط» ان «الرقم غير دقيق. وقد يكون أكثر من ذلك بكثير» مفضلا عدم اعطاء رقم محدد «لان المعلومات لا تزال غير مؤكدة».

ولفت الى ان «هناك حركة اتصالات متواصلة مع الجيش و(رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني») الامير طلال ارسلان لمعالجة الحالات الفردية. كما هناك اتصالات على مستوى رفيع جدا لابلاغ المعنيين في حزب الله انهم اذا لم يلتزموا الهدوء، فسيعود الوضع الى نقطة الصفر وستكون المواجهة مفتوحة». واكد ان «الحزب التقدمي لا يملك اي اسلحة ثقيلة أو متوسطة وليست لدينا اي مخازن أسلحة. كما ليس هناك حاليا اي ظهور مسلّح. ونحن ملتزمون قرار وقف اطلاق النار. لكن هناك بعض الميليشيات التي تقوم بعمليات خطف. بالنسبة الينا، نحن ملتزمون وقف اطلاق النار والاتفاق على انجاح الاستقرار وحماية الجبل، على أمل حماية كل المناطق اللبنانية». وأوضح ان «مجموعة مسلّحة من حزب الله كانت قد اقتحمت تلّة الرادار ليل (اول من) امس وقد تم التصدي لها». أما الجيش فبعد الاتفاق مع الاطراف المتحاربة، تابع أمس انتشاره في بلدات بيصور وعيتات وعين عنوب وعاليه. وتسلم الطريق الدولية من عاليه الى المديرج مروراً ببلدات بعلشميه وبحمدون وصوفر.

وكان عضو كتلة النائب وليد جنبلاط نائب عاليه أكرم شهيب قال مساء الاحد ان «مسلحي حزب الله حاولوا التقدم من القماطية (ذات الغالبية الشيعية) إلى عاليه ومن القماطية باتجاه عيتات. وحاولوا مساء الأحد التقدم من كيفون (الشيعية) باتجاه بيصور، إضافة إلى الهجوم على بلدة الشويفات إلا أن الأهالي تصدوا لهم قبل أن ينتشر الجيش».

وأعلن رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» طلال ارسلان، في مؤتمر صحافي عقده امس، ان منطقة الجبل «تجاوزت يوما عصيبا كاد يتحول حمام دم في كل قرية وكل بيت. وإذا انفجر الجبل انفجر لبنان». وأضاف: «لم ننجح بعد في سحب كل الفتائل وتفكيك كل الألغام، ولأن صدقي هو رأس مالي وليس أي شيء آخر، سأكون أكثر صراحة». موضحا ان «التفويض الذي يحكى عنه هو في الحقيقة تفويضان. واحد ظهر للاعلام، والآخر لا يحتاج الى تظهير، لكنه هو الأصل والأساس. التفويض الذي أعلنه (النائب) الاستاذ وليد جنبلاط، لكن التفويض الأصلي هو التفويض الثاني، منحني إياه (الامين العام لـ«حزب الله») سماحة السيد حسن نصر الله نيابة عن كل قوى المعارضة، وخصوصا من موقع أمن المقاومة الذي لم أقبل ولن أقبل بأن يكون الجبل عبئا عليها. من هذا المنطلق، تم التفاهم مع الاستاذ وليد جنبلاط على آلية عمل واضحة وتفصيلية هي الآن قيد الاختبار. اتفقنا على وقف اطلاق النار وتسليم المراكز العسكرية وتسليم السلاح المتوسط والثقيل الى الجيش اللبناني». وتابع: «ما يجري الآن أن وقف اطلاق النار دخل فعليا حيز التنفيذ والجيش ينتشر. لكن محاولات التذاكي بدأت. والرهان على الرغبة الجامعة في تجاوز المحنة يتحول في بعض المواقع شكلا من أشكال الابتزاز».

وأكد ان «الجيش موضع ثقة الجميع، لكنه لا يتحمّل الوقوف بين الفريقين في مرمى النيران والتجاذبات والخلافات. وهو موجود لتطبيق اتفاق ورعاية أمن المواطنين وجميع الأفرقاء وحرية عملهم السياسي. لكن الاساس التزام الأفرقاء ما اتفق عليه. والمعارضة التزمت ما هو مطلوب منها». ورأى «أن اليوم (امس) هو يوم فاصل. إما أن ينجح رهاننا، وندعو الله أن يوفقنا في النجاح، واما، لا سمح الله، ينهار كل شيء». وتوجه الى «مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي ومسؤوليه وقيادته على مختلف المستويات» قائلا: «مستعد لأكون ضمانهم في أمنهم وكرامتهم وسلامتهم. ولكن ليكن واضحا أن طلال أرسلان ليس عباءة لإمرار أي نكوث بالاتفاق تحت شعار حاجة الجبل الى الاستقرار والأمن. لذلك اسمعوني جيدا، فان جميع المراكز العسكرية وجميع مستودعات السلاح، وخصوصا الثقيل والمتوسط، وهي موجودة وبمعرفتنا ولدينا لوائح وقوائم بها، لا ينفع بشأنها التذاكي أو الانكار. يجب أن تسلم اليوم قبل الغد». وكان مسؤولون في الحزب التقدمي الاشتراكي، وبتوجيه من النائب علاء الدين ترو عضو «اللقاء الديمقراطي» عقدوا سلسلة اجتماعات مع عدد من الاحزاب والفاعليات الاجتماعية في قرى اقليم الخروب بهدف تكريس «وحدة العيش المشترك والحفاظ على السلم الاهلي ووحدة الصف بين ابناء المنطقة، وعدم الانجرار وراء الشائعات والغرائز والعصبيات».