إقفال منافذ لبنان إلى العالم الخارجي

يحرم البلد 10 ملايين دولار يوميا ويعطل زراعته وسياحته

عمال سوريون يحملون امتعتهم ويسيرون الى الحدود السورية بعدما اغلق مسلحون موالون للحكومة الشارع الرئيسي المؤدي الى سورية في منطقة المصنع أمس (رويترز)
TT

دخل لبنان القفص... غير الذهبي مع اقفال كل المنافذ البرية والجوية والبحرية، على غرار اقفال المعابر بين المناطق والأحياء في الداخل اللبناني. ولا شك في ان اقفال تلك المنافذ يجفف الدم في عروق لبنان الذي يعاني اساساً من حالة اختناق.

ومن المؤكد ان الشريان الاساسي الذي يضخ الحياة في الاقتصاد اللبناني هو مرفأ بيروت، الذي اعلن عن اغلاقه منذ الجمعة الماضي، باعتبار ان اي ضرر يلحق بهذا المرفق يصيب كل القطاعات الاقتصادية من صناعية وزراعية وخدماتية وتجارية وسياحية، خصوصاً اذا علمنا ان اكثر من 85% من المستوردات والصادرات تمر عبر هذا المرفأ، بمعدل 8 ملايين دولار قيمة الصادرات اليومية.

ويقول رئيس غرفة الملاحة الدولية ايلي زخور لـ«الشرق الاوسط»: مرفأ بيروت هو الشريان الرئيسي الذي يضخ الدم في الاقتصاد اللبناني عبر الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة التي يبلغ اجماليها 2900 مليون دولار سنوياً، بالاضافة الى رسوم مرفئية تبلغ نحو 115 مليون دولار سنوياً.

وليست هذه هي الخسارة الوحيدة التي تلحق بالاقتصاد، بل هناك تحول السفن غير القادرة على افراغ حمولتها في بيروت الى المرافئ المجاورة كقبرص ومصر بصورة خاصة. وعندما سيفتح المرفأ سيعاد تحميلها لنقلها الى مرفأ بيروت، مع ما في ذلك من زيادة الاكلاف على التاجر، وبالتالي على المستهلك».

ويعتبر زخور ان الخسارة الكبرى تكمن في خسارة الترانزيت البحري الذي بدأ قبل ثلاث سنوات من قبل شركات الملاحة العالمية التي كانت تنقل البضائع بالسفن الضخمة الى مرفأ بيروت على ان تنقل بواسطة سفن اصغر الى الدول المجاورة كسورية وتركيا وقبرص ومصر، مشيراً الى ان «هذه الخسارة نهائية، لأن تلك الشركات ستلجأ الى المرافئ الاخرى حيث توزع البضائع انطلاقاً منها».

وعلى صعيد القطاع الصناعي يقول رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود لـ«الشرق الاوسط»: «ما كادت الصناعة اللبنانية تتعافى من نتائج عدوان يوليو (تموز)، وكنا يومها عاجزين لأننا امام عربدة عدو، حتى تعرض قطاعنا لصدمة اخرى عززت فينا شعور القرف. ونحن لا نعرف الى من نتوجه، خصوصاً ان لبنان يخسر يومياً نحو 10 ملايين دولار هي قيمة صادراتنا التي يذهب 70% منها الى الدول العربية.

ونحن نستخدم كل منافذ العبور، فالبرية منها لنقل الصادرات الى الدول العربية، والبحرية لنقل الصادرات الى اوروبا واميركا، والجوية لاستقدام 90% من المواد الاولية وقطع الغيار والاسفار للمشاركة في المعارض أو اقامتها، او تدريب الموظفين». ولا تقل خسارة القطاع الزراعي عن القطاع الصناعي، اذ تقدر كميات الخضار والفاكهة التي تخرج من لبنان عبر المنافذ البرية (المصنع بصورة اساسية) والعريضة والدبوسية (شمالاً) بنحو الف طن يومياً تنقلها نحو 30 شاحنة مخصصة للنقل الخارجي، فضلاً عما يترتب على وقف هذه الصادرات من زيادة الديون على المزارعين وعزوفهم عن الزراعة.

ولكي ندرك حجم الخسائر الناتجة عن اغلاق مطار بيروت الدولي، نشير الى ان شهر يناير (كانون الثاني) الماضي شهد 3249 رحلة ذهاباً واياباً بمعدل 108 رحلات يومياً بلغت حصة طائرات شركة «طيران الشرق الوسط» (الميدل ايست) ـ الناقل الجوي الوطني الوحيد ـ ما نسبته 29.3% مقابل 33.1% في الشهر نفسه من العام 2007. كما شهد الشهر نفسه شحن 4833 طناً من البضائع. بلغت حصة «الميدل ايست» ما نسبته 31%.

ويعتبر مطار بيروت نافذة لبنان الجوية الوحيدة على العالم، عبرها يأتي المغتربون ورجال الاعمال والسياح. وسيؤدي اقفاله الى تعطل الموسم السياحي هذا العام ايضاً والغاء المؤتمرات والمعارض المقررة في لبنان.وحتى الآن، بدأت المخاوف تتزايد من احتكار بعض السلع ورفع اسعارها، حتى اذا طال الاقفال، تحولت هذه المخاوف الى وقائع تزيد من الاعباء الملقاة على كواهل اللبنانيين، خصوصاً وان لبنان يستورد اكثر من 90% من استهلاكه.