باريس تنتظر نتائج الوساطة العربية قبل التحرك وساركوزي يدين الطرف البادئ بالعنف في لبنان

TT

دخل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على خط الأزمة في لبنان معتمدا موقفا أكثر تشددا من الموقف الذي عبرت عنه وزارة الخارجية في بيانها يوم الجمعة أو في تصريحات رئيس الحكومة فرنسوا فيون حول الموضوع نفسه.

وقال قصر الاليزيه في بيان وزع في وقت متأخر من ليل الأحد/الاثنين إن الرئيس ساركوزي اتصل مساء الأحد برئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة وبالعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز. غير أن البيان الرئاسي لم يعط اية تفاصيل حول فحوى الاتصالين في الوقت الذي تؤكد فيه المصادر الفرنسية أن باريس مستمرة في اتصالاتها وأنها «تراقب» ما ستؤول اليه مهمة الجامعة العربية في لبنان. وجاء في البيان أن رئيس الجمهورية «يدين بشدة كل الأعمال المسلحة التي ارتكبت في الأيام الأخيرة في لبنان ويدين الذين بادروا بها ويدعو الى وقف أعمال العنف من غير شروط كما يدين كل تدخل خارجي» في هذا البلد. كذلك، جددت فرنسا دعمها لحكومة الرئيس السنيورة «الشرعية» وللمؤسسات المولجة الحفاظ على الأمن في إشارة الى الجيش وقوى الأمن الداخلي داعية الى تمكينها من ممارسة مهمتها ومذكرة بأنه الجهة الوحيدة التي يعود اليها حق استخدام السلاح.

وأعرب الرئيس الفرنسي عن دعم بلاده الجهود العربية التي يجب أن تكون الإطار لمعاودة الحوار «فورا» بين الأطراف اللبنانية بحثا عن «حل شامل ودائم يقوم على احترام الديمقراطية واستقلال وسيادة ووحدة لبنان».

ويتميز تصريح ساركوزي عما صدر رسميا عن الخارجية ورئاسة الحكومة بأنه يحمّل قوى المعارضة المسؤولية، من غير أن يسميها، إذ يتحدث عن الطرف الذي «بادر» الى استخدام العنف كما يوجه سهامه الى سورية ايضا من غير تسميتها في إدانته لـ«التدخل الخارجي»، غير أن البيان الرئاسي بقي صامتا حيال الخطوات القادمة التي ستعمد فرنسا الى اتخاذها في محاولة منها لمساعدة لبنان. لكن المصادر الفرنسية تشدد على «ضرورة التمسك بشرعية المؤسسات الدستورية» ما يعني عمليا أن فرنسا لا يمكن أن تعترف بأي تغير دستوري أو سياسي جرى بواسطة استخدام العنف وتؤكد وقوفها الى جانب حكومة السنيورة. أما العنصر الثاني فهو تأكيدها على أن الحل لا يجوز أن يكون إلا سياسيا. وفرنسا، المستمرة في مشاوراتها مع مختلف الأطراف، لم تعتمد بعد أي قرار من أجل معالجة المتغيرات الحاصلة في لبنان والتعاطي معها مكتفية حتى الآن بالتأكيد على أنها «لن تقف مكتوفة الأيدي» أو أنها «لن تتفرج على لبنان يحترق». ويوم الجمعة الماضي وبمبادرة فرنسية، حصلت مشاورات جماعية مع وزيرة الخارجية الأميركية ووزراء خارجية ألمانيا وبريطانيا وألمانيا.

وتدرس فرنسا احتمالين للتحرك في حال أخفقت الجهود العربية: الأول التحرك من داخل مجلس الأمن الدولي عبر طلب انعقاد اجتماع مخصص للبنان وتقديم مسودة قرار أو بيان بالاشتراك مع الولايات المتحدة الأميركية أو مع جهات أوروبية. لكن السلطات الفرنسية تعي العقوبات التي يمكن أن تبرز بوجه هذا الخيار. لذا فإن الخيار الاخر هو السعي الى تجميع «تفاهم دولي ضاغط» لمصلحة لبنان على غرار ما فعلته باريس في اجتماع الكويت على هامش مؤتمر الجوار العراقي. وترى باريس أن هذا الخيار بدوره قد لا يكون كافيا أو ناجعا بسبب تعقد الوضع وتداخل حلقاته وشرط إيجابيته الأول أن يترافق مع تفاهم لبناني ـ لبناني على الأقل في حده الأدنى وهو غير متوافر في الوقت الحاضر.