إيران منتقدة اتفاق واشنطن ـ بغداد: يحول العراق لمستعمرة أميركية.. والمالكي استسلم

وصفته بأنه «اتفاق الإهانة».. ودعت العراقيين إلى انتفاضة شعبية ضده وقالت إنه يهدد بـ«احتواء إيران»

TT

شنت إيران هجوما عنيفا على الاتفاق الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الاميركية واصفة إياه بأنه يحول العراق الى مستعمرة اميركية، كما هاجمت في انتقاد علني نادر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وقالت إنه استسلم للأميركان. وقال حسين شريعتمداري مستشار المرشد الاعلى لإيران لـ«الشرق الأوسط»: «إنه لا يمكن الإجابة بنعم أو لا حول ما إذا كانت إيران تعتقد ان الاتفاق سيئ»، موضحا في تصريحات عبر الهاتف من لندن، أنه من الذين انتقدوا الاتفاق، مشيرا في الوقت نفسه الى أنه يعبر عن وجهة نظره الشخصية حيال هذه القضية، وليس عن الموقف الرسمي. وقال شريعتمداري ان الاتفاق الاستراتيجي بين العراق واميركا «استعادة للحرب الباردة بين العراق وإيران، وعزل لإيران». موضحا أنه يحول العراق الى «قمر صناعي اميركي». وكان شريعتمداري قد وصف في افتتاحيته بصحيفة «كيهان» التي تعبر عن وجهة نظر مؤسسة الحكم في إيران، نشرت يوم 7 مايو الجاري بعنوان «الخداع العظيم»، الاتفاق بأنه يمنع العراقيين من الحق في تقرير مصيرهم، ويسمح لاميركا باستغلال الارض والمجال الجوي والبحري العراقي للهجوم على دول في المنطقة، كما يسمح للاميركيين بالبقاء في العراق بدون مدة زمنية. ولوح شريعتمداري ان الاتفاق في حالة توقيعه يمكن ان يؤثر على علاقات طهران وبغداد موضحا: «التوقيع المحتمل للاتفاق بين العراق واميركا والمتوقع في منتصف اغسطس، يمكن ان يؤثر على العلاقة بين العراق وجيرانها الاقليميين في المنطقة.. الحقيقة هي ان لاميركا عداء طويلا مع الجمهورية الإيرانية، ولطالما حاولت التصرف ضد المصالح القومية الإيرانية، وبالرغم من ذلك فإنه لم يكن لاميركا اي تأثير استراتيجي على إيران، وبالتالي فإنه بارغام العراق على توقيع مثل هذه الاتفاقية، فإن اميركا تواصل سياساتها من اجل عزل ايران في المنطقة». وتابع: «اميركا اتبعت اسلوبا اخر لعزل إيران وهو تعزيز الجهود الدبلوماسية لتنسيق سياسات البلاد العربية من اجل تشجيعهم لزيادة وجودهم في بغداد للحد من النفوذ الإيراني في العراق»، مشددا على ان توقيع الاتفاق بين بغداد وواشنطن هو بمثابة «خداع كبير للعراقيين». وكان لافتا أن صحيفة «جمهوري اسلامي» الرسمية الإيرانية المحافظة قد دعت الحكومة العراقية الى معارضة الاتفاق الاستراتيجي الذي يتباحث حوله حاليا العراق والولايات المتحدة الاميركية، واتهمت المالكي بالاستسلام للمطالب الاميركية فيما يتعلق بالاتفاق الذي سيحدد شكل العلاقات الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن في المستقبل. وقالت «جمهوري اسلامي» في افتتاحيتها على الصفحة الاولى، إن الاتفاق الاستراتيجي «اتفاقية استسلام فرضتها اميركا على الشعب العراقي المقهور»، ودعت العراقيين الى «ثورة شعبية» من أجل «طرد المحتلين من العراق». وفيما لم تعلق الخارجية الإيرانية على الافتتاحية، فإنه من المألوف في بعض القضايا التي لا تريد السلطات الإيرانية ان تتحدث عنها علانية، إيكال المهمة الى إحدى الصحف الرسمية التي تكون عادة لسان حال السلطات الإيرانية، إذ يختار المرشد الأعلى لإيران رؤساء تحرير الصحف الرسمية التي تتبع لوزارة الارشاد والثقافة الإيرانية. وانتقاد «جمهوري اسلامي» لرئيس الوزراء العراقي بهذه الطريقة هو الاول من نوعه، إذ ان المالكي الذي عاش في إيران لسنوات خلال حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين تربطه علاقات طيبة بطهران. وتتفاوض الحكومة العراقية والاميركيون منذ مارس (آذار) الماضي من أجل التوصل لاتفاق استراتيجي يحدد ملامح العلاقات الثنائية بعيدة المدى بين البلدين بعد انسحاب القوات الاميركية من العراق، وتحديد شكل الوجود العسكري الاميركي في العراق. ومن المتوقع أن تضع حكومة المالكي مسودة الاتفاق للبرلمان العراقي من اجل التصديق عليها، وهو ما يمكن ان يثير معركة داخل البرلمان العراقي بين من يرون ان المعاهدة متوازنة وتحقق أمن العراق، وبين من يرون أنها تعطي اميركا الكثير من الصلاحيات. وقال المسؤلون العراقيون والاميركيون من قبل إنهم يأملون في إنهاء المفاوضات حول الاتفاقية قبل يوليو (تموز) المقبل. وذكرت «جمهوري اسلامي» أن الاتفاقية سوف تسمح للولايات المتحدة بإقامة 14 قاعدة عسكرية في العراق، كما أنها تسمح بانتشار عسكري أميركي بالعراق، وتعطي الاميركيين في العراق الحصانة القانونية، وتسمح لأميركا باستخدام الاراضي والمياه والمجال الجوي العراقي لشن هجمات عسكرية في المنطقة. وتابعت الصحيفة «طبخة الاتفاقية الاميركية تحول العراق الى مستعمرة اميركية، بحيث يكون المسؤولون العراقيون بلا حيلة أو قوة، بينما المسؤولون العسكريون الاميركيون سيتمتعون بقوة لازمة تمكنهم من فعل اي شيء يريدونه». وانتقدت المالكي لموافقته على الخطوط العريضة للاتفاق الاستراتيجي مع واشنطن، الذي وصفته الصحيفة بـ«اتفاق الإهانة». ودعت افتتاحية «جمهوري اسلامي» الى «اللجوء الى رجال الدين والاكاديميين والسياسيين والناشطين من اجل الثورة على الاتفاقية». وتابعت «الصمت استسلام.. وخطيئة لا يمكن غفرانها ستفسد مستقبل هذا البلد». بدورها انتقدت صحيفة «حزب الله»، وهي صحيفة محافظة اخري في إيران، الاتفاق، وقالت إنه «بمثابة عملية أسر» للعراق، محذرة من أن الاتفاق سيحول العراق الى «قاعدة عسكرية دائمة لأميركا في الشرق الأوسط»، لاستخدام البلاد من اجل اهدافها الخاصة بما في ذلك «احتواء إيران». وتابعت الصحيفة «توقيع هذه الاتفاقية سيؤدي بلا شك الى تمهيد الطريق لأسر الشعب العراقي في قبضة المحتل الاميركي أكثر مما كان عليه الوضع من قبل». ودعت الصحيفة رجال الدين الشيعة الكبار الى «انتفاضة شعبية» ضد الاتفاقية، و«رفع راية الكفاح ضد الاستعمار». يذكر أن صحيفة «حزب الله» مرتبطة بالمؤسسة الدينية في إيران، ومقرها مدينة قم، حيث الحوزة العلمية والتي تبعد 80 كليومترا جنوب العاصمة طهران. وتعكس مواقف الصحيفتين حالة التوتر في العلاقات بين بغداد وطهران والتي ظهرت في الاسابيع الماضية على خلفية استهداف الجيش العراقي لميليشيات جيش المهدي في مدينة الصدر، واتهامات بغداد لطهران بتسليح الميليشيات.