بعد «صولة الفرسان».. سكان البصرة يتنفسون الصعداء لكنهم يخشون المجهول

مطاعم تفتح ليلا ورجل أعمال يمشي من دون حراس وطالبات يخترن ملابسهن بحرية

عراقيون يرقصون خلال حفل زفاف في مدينة البصرة (رويترز)
TT

بنجاح نادر في العراق تمكنت القوات العراقية من إعادة الهدوء لمساحات كبيرة في مدينة البصرة. وقد فرح الكثيرون من سكان المدينة بهذا الأمر بعد أن عانوا من الصدامات المسلحة بين القوات العراقية والميليشيات الشيعية. ومن الأشياء الكثيرة غير المؤكدة، إمكانية محافظة الحكومة على عدد القوات الموجودة في المدينة. يذكر أن القوات الحكومية قد اُتهمت في بداية العملية بضعف الكفاءة. ولكن سكان المدينة أكدوا أن ثمة تحسنا في ظروفهم المعيشية. ويقول شاكر، وهو صاحب مطعم عائم على كورنيش البصرة: «لقد تم كسر دائرة الخوف». ويخاف شاكر من أن يعطي اسمه كاملا، مثل الكثيرين ممن أجريت معهم مقابلات. ويرى المواطنون في البصرة أن السبب الرئيس وراء التحسن هناك هو نشر 33 ألفا من عناصر الأمن العراقيين في المدينة منذ بدء العملية (صولة الفرسان) في 24 مارس (آذار)، مما ساعد الحكومة على إقامة العديد من نقاط التفتيش في مختلف أنحاء المدينة وعلى تقاطع الطرق الرئيسة وعلى الطرق السريعة. وقد سيطرت القوات الحكومية على مقرات المسلحين الشيعة وأوقفت فرق الموت ومحاربي الرذيلة الذين كانوا يهاجمون النساء والمسيحيين والمغنين وأي شخص يشك في تعاونه مع الغربيين. ويقف مطعم شاكر العائم كدليل على تغير هذا الأمر. ويقول شاكر إنه قبل شهرين فقط كان هناك بعض المقنعين الذين يرتدون ملابس الجيش وقد اتجهوا إلى أحد المطاعم وقاموا بخطف رجل أعمال. ولم ير هذا الرجل مرة أخرى وأغلق المطعم. ولكن، الآن يضغط الزبائن الذين فروا في تلك الليلة على صاحب المطعم كي يبقي مطعمه يعمل في الليل، فهم يشعرون بحرية بعيدا عن العصابات التي كانت تمنع الموسيقى العربية الصاخبة التي تبثها مكبرات الصوت في مطعم شاكر في الوقت الحالي. ويضيف شاكر: «الوضع الآن مختلف، فبعد أن علمنا أن الخارجين عن القانون قد ألقي القبض عليهم أو قتلوا، أصبحنا أكثر جرأة». ومع هذا، لا يشعر كل سكان البصرة بأن هذا التغير دائم وأن فرق الموت قد اختفت للأبد. وردا على سؤال حول الفترة التي ستأخذها البصرة حتى تعود إلى حالة غياب القانون إذا غادر الجيش، قالت أفراح، وهي طالبة تبلغ من العمر 20 عاما، وتدرس في كلية الفنون الجميلة بمدينة البصرة: «يوم واحد فقط». وتضيف أفراح: «لقد انقضى الأمر، ولكن يمكن أن يعود الوضع كما كان في أي لحظة، لأن من يقومون بأعمال الترهيب في الشوارع يكونون في بعض الأحيان جيرانك الذين تثق فيهم». وفي كلية الفنون الجميلة، تقول الطالبات إنهن يشعرن بحرية أكثر في لبس ما يردن. وتقول عذاري: «عادة ما كنت أعاني في انتقاء اللباس الذي أريد». وتبلغ عذاري من العمر 19 عاما وهي تضع مساحيق تجميل بشكل ملحوظ وترتدي غطاء رأس برتقالي اللون يبدي جزءا من شعرها وهو ما يرفضه الراديكاليون الإسلاميون. وتضيف أثاري: «كانت مساحيق التجميل ممنوعة وكذلك التنورة القصيرة. لن أذكر أسماءهم ولكنهم كانوا متطرفين. وهم ما زالوا هناك، ولكنهم أكثر هدوءا الآن». ويقول قيس، وهو طالب يدرس الموسيقى، إنه لم يعد يضطر إلى إخفاء الكمان الخاص به في حقيبة السيارة. ويقول علاء إنه سني وأن 95 من أقاربه هربوا من البصرة بعد موجات القتل الطائفي. ويضيف «أشكر السيد نوري المالكي لأنه طهر البصرة من القتلة واللصوص ومن يقومون بعمليات الخطف». ويقول يحيى، وهو رجل أعمال ثري، إنه قد بدأ يمشي في شوارع المدينة من دون أن يكون معه حراسه الشخصيون الذين كان يبلغ عددهم 10. ويؤكد الرجل على أنه لم يكن من مؤيدي رئيس الوزراء ولكنه مدين له بسبب التحسن في الأوضاع الأمنية في المدينة، ويشير إلى أنه وعددا من أصدقائه يضعون صورة السيد المالكي على الهواتف الجوالة الخاصة بهم.

ولكن، مثلما كان الأمر مع الزيادة في عدد القوات في بغداد والتي كان يقودها الأميركيون، فإن هناك أشياء غير مؤكدة، وتتركز هذه الأشياء حول المدة التي سيظل فيها الجيش موجودا بكثافة في المدينة وماذا سيحدث بعد رحيله. ويقول موهان الفريجي، وهو قائد القوات العراقية في البصرة، إن 75 في المائة من المدينة تحت السيطرة. ويضيف ان التهديد الأساسي يأتي من بعض العناصر التابعة لجيش المهدي وفصائل أخرى مثل حزب الله العراقي وثأر الله والفضيلة. ويؤكد على الحاجة الملحة لمعالجة عشرات السنين من الفقر والإهمال، وأن على الحكومة أن توفر وظائف وأن تضخ استثمارات كي تحول المكاسب العسكرية قصيرة المدى إلى مكاسب سياسية واقتصادية على المدى الطويل. «هذه مدينة تحتوي على الكثير من البترول، ومع هذا فالشباب فيها عاطلون عن العمل».

* خدمة: «نيويورك تايمز» وشارك موظفون عراقيون في الـ«نيويورك تايمز» في إعداد التقرير من البصرة والكوفة