التماس نزع الجنسية الإسبانية من «النيني» تاجر المخدرات الهارب من سجن مغربي

TT

ذكرت مصادر قضائية في مدينة سبتة، التي تحتلها اسبانيا شمال المغرب، أن إحدى المحاكم بها، ويرمز إليها بالرقم 3، التمست أخيراً من المحكمة الوطنية بمدريد، المصادقة على قرار نزع الجنسية الإسبانية، عن بارون المخدرات المغربي الملقب «النيني»، الذي اعتقلته قوات الحرس المدني الإسباني مساء يوم 23 من الشهر الماضي، بأحد شوارع مدينة سبتة، حينما كان يقود سيارة في تعود لأحد أشقائه.

وتم الاعتقال، تنفيذا لأمر أصدرته منظمة الشرطة الدولية (إنتربول) التي توصلت بطلب في الموضوع من السلطات الأمنية والقضائية المغربية، على اعتبار أن بارون المخدرات، نظم عملية فرار من سجن مدينة القنيطرة (شمال الرباط) نهاية العام الماضي، قبل أن يكمل مدة العقوبة السجنية المحكوم عليه بها، على خلفية ضلوعه في المتاجرة غير المشروعة في المخدرات.

واستنادا إلى ما أوردته الصحف المحلية الصادرة في سبتة أول من أمس، وأشارت إلى ذلك وكالة «إيفي» الاسبانية شبه الرسمية، فإن محكمة المدينة اتخذت قرارها بناء على حيثيات قانونية، تسلمتها من المحكمة الوطنية في مدريد التي مثل أمام أحد قضاتها «النيني» نهاية الشهر الماضي، تقرر بعدها إيداعه أحد السجون الواقعة بضواحي العاصمة الإسبانية.

وتضيف ذات المصادر أن دفاع «النيني» يمكنه الطعن في قرار نزع الجنسية، خلال أجل لا يتعدى نصف شهر. وفي حال رفض طلبه فإن تسليمه إلى المغرب يصبح أمراً ميسوراً. وخوفا من هذا الاحتمال الذي يلاحق «النيني» الذي راكم ثروة متحصلة من ترويج الممنوعات المخربة لصحة الأفراد والمجتمع، فإنه لجأ إلى سلسلة عمليات لاستدرار العطف عليه، لكن مساندته لم تخرج عن النطاق العائلي الضيق، في سبتة وبعض أصدقائه.

وأمام هذا اليأس، أصيب بحالة اكتئاب شديدة، وقيل إنه دخل في إضراب لا محدود عن الطعام، يقول محامياه إنه سيستمر فيه إلى حين التسليم بأنه مواطن إسباني، يسري عليه القانون الوطني أولا، والأوروبي ثانياً، كما أن دفاع المتهم ينكر أن يكون «النيني» قد فر من السجن المدني بالقنيطرة المغربية، ويدفع في هذا الصدد بحجة غريبة، مفادها بأن الهارب المبحوث عنه من طرف المغرب، ليس هو «النيني» بل يتعلق الأمر بشخص آخر، اسمه محمد الأزماني، بينما اسم «النيني» الحقيقي هو محمد الطيب التوزاني.

وبرأي الخبراء في ميدان الجريمة، فإن الأمن الإسباني، يمكنه أن يسقط هذه الفرضية بسهولة، كونه يتوفر على كل المعطيات الجينية المتعلقة بشخصية وهوية «النيني»، خاصة أنه معروف لديه منذ مراهقته كمتاجر خطير في الممنوعات، وكان يراقبه منذ دخوله إلى مدينة سبتة، إثر فراره المثير من سجن القنيطرة، بل تغاضى الطرف عنه وهو يجتاز الحدود الفاصلة لسبتة عن التراب المغربي. لكن يبقى السؤال المعلق: كيف استطاع «النيني» أن يضلل الأمن المغربي على الحدود؟ وكان فرار مجموعة من معتقلي السلفية الجهادية، من نفس المعتقل، كشف المستور عن الفساد، والتسيب الذي يعم السجن، وحيث كان «النيني» ذاته يعيش وكأنه في فندق خمسة نجوم، يصله كل ما لذ وطاب من الخارج، بتواطؤ مع بعض موظفي السجن الذي أدينوا أمام المحاكم لاحقا لتقصيرهم وتسهيلهم فرار مجرمين، كما أن وزير العدل المغربي عبد الواحد الراضي لم يتردد أمام غرفتي البرلمان المغربي في القول إن السلطة أصبحت شبه منعدمة في عدد من السجون المغربية حيث توجد فئتان متعارضتان: تجار المخدرات، والمحكومون على خلفية أعمال إرهابية. والمعتقلون من الصنفين، يفرضون إرادتهم ويملون شروطهم على إدارة السجون التي يوجدون بها. الجهاديون يستغلون تعاطف المجتمع الحقوقي معهم، وتجار المخدرات يملكون المال لشراء الذمم.

يذكر أنه أمام استفحال الظاهرة، قرر العاهل المغربي الملك محمد السادس أخيرا، إحداث وكالة مكلفة إدارة السجون ومراكز الاعتقال في عموم التراب المغربي، عين على رأسها حفيظ بنهاشم، مدير الأمن العام الأسبق، وأحد أركان وزارة الداخلية خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، أي على عهد الوزير الراحل إدريس البصري.

وعلى الرغم من أن بعض الصحف المغربية، لم ترقها الخلفية الأمنية لبنهاشم، فإنها على العموم لم تستطع أن تبرر الحالة التي أصبحت عليها المعتقلات، التي ترمز إلى هيبة الدولة وسلطة القضاء، مع الإشارة إلى أن العاهل المغربي ألح في توجيهاته إلى المسؤول الجديد عن تدبير السجون وكذا مساعديه، إلى ضرورة التقيد بتطبيق القانون دون تجاوزات ومراعاة الجانب الإنساني في التعامل مع المحكوم عليهم.