خادم الحرمين الشريفين يضع حجر الأساس لجامعة الملك سعود للعلوم الصحية.. ويوجه بإنشائها خلال سنتين

متعب بن عبد الله: رؤية الملك عبد الله الثاقبة أثمرت تاريخا مشرفا حافلا بالإنجازات في كافة الجوانب التعليمية والاجتماعية والثقافية

خادم الحرمين يطلع على نموذج لجامعة الملك سعود للعلوم الصحية وإلى جانبه الأمير سلمان (واس) ومسيرة لخريجات جامعة الملك سعود للعلوم الصحية، أمام خادم الحرمين الشريفين («الشرق الأوسط»)
TT

وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، بتقليص مدة إنشاء مباني جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية إلى سنتين بدلا من ثلاث سنوات. جاء ذلك خلال تكرمه أمس بوضع حجر الأساس لخمسة مشروعات، تتضمن مبنى الجامعة بالرياض، وفرع الجامعة بجدة، وفرع الجامعة بالإحساء، ومستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال والمراكز الطبية التخصصية. ورعى خادم الحرمين الشريفين، تخريج أول دفعة من الخريجين والخريجات لهذه الجامعة، وتشرف أعضاء المجلس الاستشاري بالسلام عليه، كما تشرف أول طبيب عمل في الشؤون الصحية بالحرس الوطني قبل 50 عاما، بالسلام على خادم الحرمين الشريفين.

وأوضح الفريق أول الركن متعب بن عبد الله بن عبد العزيز نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية في السعودية، في كلمته بهذه المناسبة أن بدايات الحرس الوطني، التي كانت على يد الملك ورجاله المخلصين، مستذكرا توجيهات الملك عبد الله آنذاك من أن مهمة الحرس تتجاوز الدور العسكري القائم على حفظ الأمن والاستقرار الداخلي والدفاع عن مقدساته ومكتسباته، مع بقية أفرع القوات المسلحة وقوى الأمن، إلى دور تنموي وحضاري يهتم بتنمية الإنسان.

وقال الأمير متعب إن الفكر الحضاري والرؤية الثاقبة تلك، أثمرت تاريخا مشرفا وحافلا بالإنجازات الكبيرة والمتعددة في كافة الجوانب التعليمية والاجتماعية والثقافية، وأنه في مجال الخدمات الطبية والرعاية الصحية ساهمت النجاحات المتواصلة للشؤون الصحية بالحرس الوطني في بناء صور المملكة الإنسانية على المستويين المحلي والعالمي، حيث عكست عمليات فصل التوائم المتتالية القدرات الطبية للشؤون الصحية من جانب، كما عكست إنسانية السعودية، موضحا أن العمليات نفذت لأطفال من دول متعددة، وكان ذلك بأمر وتوجيه وإشراف مباشر من الملك عبد الله، مما جعل الخدمات الطبية بالحرس الوطني أحد المكتسبات الحضارية للسعودية. وأكد الأمير متعب أنه في سبيل تعزيز تلك النجاحات الطبية والمحافظة على المستويات الراقية التي وصلت إليها وتنميتها، وتحقيقاً لمتطلبات التنمية الدائمة من حيث ضرورة استقطاب الكوادر البشرية الطبية العاملة في الشؤون الصحية ودعم تواجدها، بدلاً من هجرتها حال اكتسابها للخبرات الكبيرة، عملت الشؤون الصحية على تنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين بإنشاء جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، لتكون صرحاً تعليمياً طبياً متخصصاً فريداً من نوعه على المستوى المحلي والعربي، يساهم في بناء جيل وطني متميز من الكوادر البشرية المؤهلة لتغطية الاحتياج المحلي بشكل دائم. واهتماما من الملك بالبحث العلمي، فقد وجه خادم الحرمين الشريفين بإنشاء مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية، لكي تكتمل المنظومة العلمية، ولكي يتمكن أبناء الوطن من امتلاك ناصية العلم، فيصبحوا منتجين للتقنية لا مجرد مستوردين ومستهلكين لها.

عقب ذلك شاهد الملك عبد الله والحضور عرضا مرئيا عن مسيرة تطور الشؤون الصحية بالحرس الوطني، ثم ألقى الدكتور عبد الله الربيعة المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية بالحرس الوطني ومدير الجامعة، كلمة رحب فيها بخادم الحرمين الشريفين، وقال «إن الجامعة تحتفل اليوم بوضع حجر أساس مبانيها وفي الوقت ذاته هي تحتفل بتخريج كوكبة من الكوادر الوطنية من أبنائنا وبناتنا لنؤكّد للجميع أن هذه الجامعة قد أَثمرتْ قبل زراعتِها، مُحققةً بعضاً من طموحات وتوجيهاتِ خادم الحرمين الشريفين». وقال الربيعة «لا أفشي سرّا إذا ذكرت أن خادم الحرمين الشريفين لم يكتف بما وصلت إليه الشؤون الصحية بالحرس الوطني، لذا جاء التوجيه الكريم بوضع خطط الغد، وأن الملك قد قال ذات يوم «لا نجاح من دون عمل ولا استمرار وإنجاز من دون تخطيط ودراسة» وأنه وفقا لذلك قام رجال الشؤون الصحية وعلى مدى ثلاث سنوات بعقد اجتماعات وإجراء دراسات وتشاور، ووضعت خطط استراتيجية للعشرين سنة القادمة، لتنظم عمل الرعاية الصحية تحت مسمى المنظومة الصحية بالحرس الوطني، وتشتملُ هذه المنظومة الخدمات الصحية، وجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، ومركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية، ولم تغفل الصناعة الصحية ودورها لضمان التطوير والتمويل والأمن الصناعي الصحي». وأضاف الربيعة في كلمته الموجهة للملك قائلا «عندما يتألم أطفال الوطن تتألمون، ولم تردّوا حفظكم الله حاجةً وأنتم تستطيعون، وكم دمعت عينكم عندما يبكون، وها أنتم اليوم تقدمون وتعطون، حيث وجهتم بإنشاء أول مستشفى تخصصي مرجعي للأطفال في مملكة الإنسانية. إن أطفال العالم منحوك وسام بسمة الطفولة العالمي، وأنت الملك الوحيد الذي منح هذا الوسام، واليوم حملني أطفال الوطن وبإلحاح كبير رجاء وأملا يرون في تحقيقه وساما لهم، ونيابة عنهم أتطلّع إلى تحقيق أمنيتهم وأمنية الجميع بأن يتشرّف مستشفى الأطفال التخصصي التعليمي بأن يحمل اسمكم ليصبح مستشفى الملك عبد الله التخصصي للأطفال، ليكون معلما متميّزا في العالم لعلاج الأمراض المستعصية والجراحات المعقدة للأطفال والتي حملتم رايتها، ولكي يحافظَ على بناء قاعدة التدريب والتطوير لمنجزاتكم التي هي مُنجزات للوطن».

وشاهد الملك عبد الله مسيرة الخريجين والخريجات، تلا ذلك عرض مرئي عن المشروع، ثم تفضل بتسجيل كلمة في سجل الزيارات، بعدها قدمت لخادم الحرمين الشريفين الخطة الاستراتيجية للشؤون الصحية بالحرس الوطني، ثم تشرف أعضاء المجلس الاستشاري العالمي للجامعة بالسلام على خادم الحرمين، بعدها قدم الدكتور عبد الله الربيعة هدية لخادم الحرمين الشريفين.

بعد ذلك تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بوضع حجر الأساس للمشاريع الجامعية والطبية، وتشمل المدينة الجامعية بالرياض على مساحة 5 ملايين متر مربع، إضافة للمدينتين الجامعيتين في كل من جدة والإحساء، وتضم الجامعة تخصصات الطب، والتمريض، وطب الأسنان، والعلوم التطبيقية، والصيدلة، والعلوم الصحية الأساسية، والصحة العامة والمعلوماتية، كما تضم 4 مراكز علاجية للسرطان، والسكر، وزراعة الأعضاء، ومركزاً للعلاج الطبيعي، إضافة إلى مركز تدريب عملي مماثل لبيئة المستشفيات، ومختبر مركزي.

ويقام ضمن منشآت الجامعة مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث، الذي يعتبر إضافة نوعية للخدمات الصحية في السعودية، ويقوم مركز الأبحاث على مساحة 35 ألف متر مربع لإيجاد بيئة علمية متخصصة تدعم الأبحاث الطبية.

كما تضم المدينة الجامعية مستشفى تعليميا تخصصيا للأطفال، وهو تجربة رائدة سواء على مستوى التخصص الطبي، أو التعليمي، ويمتد على مساحة 82 ألف متر مربع بسعة استيعابية تصل 350 سريرا.

وتقوم الجامعة على تأسيس ثقافة تعليمية جديدة تربط مخرجات التعليم الصحي بواقع الاحتياج في القطاعات التخصصية المختلفة، وتهدف إلى تخريج كوادر تخصصية مؤهلة، من خلال تطبيق معايير عالمية دقيقة على الطلاب والطالبات، والمناهج، والبيئة التعليمية، وأعضاء هيئات التدريس، كما تعتمد على التفاعل والتواصل التقني بين مختلف كلياتها وتخصصاتها عبر شبكات معلوماتية الكترونية شاملة. وسترتبط أجزاء المدينة الجامعية بشبكة مواصلات متطورة، من أجل تسهيل تنقلات أعضاء هيئة التدريس والعاملين بين الكليات ومختلف المواقع، اختزالاً لأوقاتهم وجهدهم، من أجل استثمارها دعمًا للرسالة التعليمية والأكاديمية المنوطة بهم، وتنشيطًا لمشروعات البحث العلمي، ولذلك روعي في توزيع الكليات والمرافق الأخرى، عوامل ارتباطها المباشر بالمدينة الطبية عبر ممرات مظللة للمشاة، وطرق للنقل بجانب المجسمات الجمالية والمسطحات الخضراء، بما يضمن إنشاء بيئة صحية نقية.

وتتمثل ميكانيكية المحور الرئيسي بوجود نظام نقل ذكي، يربط بين عناصر المشروع في المدينة الجامعية ومدينة الملك عبد العزيز الطبية، حيث سيستخدم عربات نقل تعمل بالكهرباء للحفاظ على البيئة ينطلق من بداية المستشفى الحالي، مروراً بالحرم الجامعي حتى نهاية المباني السكنية، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمدينة الجامعية 10 آلاف طالب قابلة للتوسع المستقبلي.