خبراء عسكريون سودانيون: عملية السبت كشفت خللا في عمل الجيش والأجهزة الأمنية

الناطق السابق باسم الجيش لـ«الشرق الاوسط»: ليس لدينا أدب الاستقالات ويفترض أن يستقيل المسؤولون عما حدث فوراً

TT

أكد خبيران عسكريان وجود قصور واضح في عمل القوات المسلحة السودانية والاجهزة الامنية في تعاملها مع قوات حركة العدل والمساواة، التي دخلت أم درمان السبت الماضي، واعتبروا ان ما حدث ثغرة عسكرية. واكدا ان السودان عرف حركات التمرد لاكثر من خمسين عاماً، لكنهما لم يشهدا أخطاء تكتيكية وتنسيقية كالتي حدثت أخيرا. وقال الناطق الرسمي السابق للجيش السوداني الفريق محمد بشير سليمان لـ«الشرق الاوسط»، ان الاداء العسكري الذي واجهت به القوات السودانية متمردي العدل والمساعدة لم تكن به خطة واضحة، الى جانب ضعف المعلومات الاستخباراتية وتحليلها. واضاف «تعدد الاجهزة الامنية في السودان وتداول معلوماتها اضعف متابعة العملية العسكرية»، مشيراً الى ان القوات المهاجمة لم تواجه خارج المدينة ولم تقابلها القوات المسلحة الا داخل المدينة.

وقال سليمان، «الجميع كان يعلم بقدوم قوات خليل ابراهيم الى العاصمة، لكن لم توجد مقاومة حتى وصلت قوات التمرد الى وسط ام درمان»، وتابع «لم تكن هناك مقاومة وخطة دفاعية في اي من المواقع حتى على الكباري والطرق الرئيسة، وان ما جرى من القوات المسلحة والاجهزة الامنية الاخرى كان عبارة عن ردود فعل». معتبراً الحديث عن عنصر المفاجأة لقوات العدل والمساواة ليس صحيحاً. وقال ان «المعلومات معروفة حتى للرأي العام عن هجوم وشيك، لكن تعدد الاجهزة في ادارة الازمة قاد الى الضعف وتأزيم الموقف».

وقال سليمان، الذي عمل لثلاثين عاماً في الجيش السوداني، الى ان وصل الى رتبة فريق وتقاعد من العمل، ان «خطة مواجهة المتمردين افتقدت التنسيق.. ولم يتم التخطيط السليم من خلال تلقي المعلومة الاستخباراتية وتحليلها لبناء الخطة». واضاف «هناك جيش وشرطة وجهاز أمن وكل طرف لديه معلومة لكنهم لم يتبادلوها لضعف الاتصالات واختلاف اجهزة الاتصال لكل من هذه القوات».

ونفى سليمان امتلاك قوات حركة العدل والمساواة لاسلحة اكثر تحديثاً من اسلحة الجيش السوداني. وقال «اعرف تسليح جيشنا وشاهدت اسلحة التمرد ليست غريبة عن القوات المسلحة وهي عادية، بل ان بعضاً منها قديمة». واضاف «على القيادات في الحكومة والجيش ان تواجه اوجه القصور والثغرات.. ليس هناك ادب للاستقالات عند قياداتنا وكان يفترض ان يستقيل المسؤول عما حدث فوراً». واتفق الخبير العسكري اللواء الدكتور العباس محمد الأمين مع سلفه، وقال لـ«الشرق الاوسط»، ان هناك قصوراً وخللا في الاجهزة الامنية، ادى الى حدوث اختراق قوات التمرد الى وسط المدينة، مشيراً الى ان المسافة من ابشي التشادية حتى مدينة الفاشر في شمال دارفور تساوي ثلث المسافة من ابشي الى الخرطوم.

وقال ان الجيش والقوات الاخرى كان يمكن ان تتعامل مع هذه القوات في شمال كردفان. وتابع «هناك تقصير.. وإعطاء التفاصيل او التقييم لم يحن وقته بعد». ورفض الامين، وجود صراع بين الاجهزة المختلفة وقال انها «مكملة لبعضها البعض رغم نفوذ بعضهم سياسياً»، وقال ان مهام كل الاجهزة والقوات محددة في الدستور وليس هناك مجال للمنافسة بينها في المهام القتالية، نافياً ان تكون التركيبة الاثنية في الجيش السوداني قد تقود الى اختلافات، وشدد على ان الجيش السوداني قومي بتركيبته الاثنية المختلفة منذ نشأته، وقال «نحن نختلف عن الجيش اللبناني رغم تحديثه لكن فيه الاختلاف الطائفي والمذهبي».وقال العباس ان تحديث اسلحة الجيش السوداني فيها مشكلة لاعتماده على سوق واحد للسلاح من الصين، وقليل من كوريا الجنوبية وبعض دول اوروبا الشرقية، واضاف «نحن نشتري الاسلحة من السوبرماركت مع ان التسليح عملية سياسية»، ونفى وجود طابور خامس وسط الجيش لكنه لم يستبعده وسط المواطنين، معتبراً ان هناك عقيدة للقوات المسلحة السودانية وتربية لجنودها وضباطها لا يمكن ان تتغير، وقال «هذه قيم اخلاقية في الجيش يمكن ان يموت عشرون لانقاذ فرد»، مشددا على ضرورة المحافظة على الروح المعنوية للجيش عند طرح السؤال عن تأخير القوات من ضرب المتمردين منذ تحركهم، وقال ان القوات والاجهزة المتخلفة تحتاج الى تدريب مشترك ومفاهيم مشتركة وقيادة موحدة.