عوائل عراقية تعصف بها رياح الطائفية

جاران وعائلتاهما فرقتهما الميليشيات بعد صداقة وعشرة عمر

TT

لم يكن الصديقان العراقيان علي ومحمد يفكران بانهما سيفترقان يوما ما، بسبب ممارسات لم تخطر على بال أي منهما، ممارسات طائفية أبعدت الاثنين لتجعل احدهما يقيم في منطقة تسيطر عليها ميليشيا سنية والاخر في منطقة تسيطر عليها ميليشيا شيعية. علي ومحمد، بحكم كونهما جارين كانا يشتركان في تجارة المواد الغذائية في واحد من اكبر الاسواق البغدادية، وهو الشورجة، كما تعودت عائلتاهما على اللقاء اسبوعيا في دار علي مرة ودار محمد مرة اخرى، حتى تم تهديد علي من قبل جماعة سنية مسلحة بترك الحي او يكون نصيبه القتل، وهذا ما حدث، اذ ابتعد الى صوب الرصافة عابرا دجلة باتجاه منطقة المشتل للسكن مع اهله. يقول محمد لـ«الشرق الأوسط»: «انها حياة، وصداقة عمر، حيث اطفالنا نشأوا معا، وتقاسمنا حلو الحياة ومرها من غير ان يعرف صديقي اني سني ، او اعرف انه شيعي، هناك عوائل سنية تحيط بنا، لكننا لم نقم معها اية علاقة»، مشيرا الى ان «المسافات مهما كانت قريبة لكنها فرقت بيننا ولم نستطع في الفترة السابقة العبور اليهم، وهم لم يتمكنوا من العودة الى بيتهم، لكننا حافظنا على بيتهم حتى لا يستولي عليه احد، الاقتراب من بعضنا يعني مغامرة قد كانت تودي بحياة احدنا او كلينا».

ما زاد الامور صعوبة هو الحريق الاخير لسوق الشورجة، الذي فقد فيه الصديقان تجارتهما، فما عادا يلتقيان حتى في العمل، ولا في المقهى بعد ان تحولت النقاشات الى الطائفية.

علي من جهته يقول انه سيعود للعيش ثانية في بيته المجاور لبيت صديقه، مؤكدا انه كلما سمع باسم منطقة السيدية يخفق قلبه، وكأنه قد ترك كل اهله، يقول «هذه الازمة لا بد ان تزول وتنتهي ونعود مثلما كنا، فالغمامة التي فرقت بين ابناء الحي الواحد والمدينة الواحدة ستنقشع».

هذه الاحداث تركت آثارها السلبية في نفوس غالبية العراقيين، ومنهم علي الذي أكد انه كان ينوي تزويج احدى بناته من ابن محمد، لكنه الان غير رأيه خوفا على بنته وابن محمد معا، فالريح التي عصفت بصداقتهما يمكن ان تهدد الزواج ايضا، ومع كل ذلك يصر ابو سجاد ان يهاتف محمد كل اسبوع ويتحدث معه رغم الفراق الذي طال بينهما، فهو لم يره منذ عام تقريبا.