لبنان: اتفاق على انهاء «العصيان المدني» والحوار ينطلق في الدوحة اليوم

تباين حول ترتيب وصيغة بحث سلاح حزب الله .. ورئاسة قطر للحوار كادت أن تطيحه

الوفد العربي خلال لقائه بنائب الأمين لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أمس(أ.ف.ب.)
TT

... وأخيراً تصاعد الدخان الابيض فوق بيروت معلنا عن توصل القيادات اللبنانية الى اتفاق برعاية عربية لاطلاق حوار وطني حول قضيتي تشكيل حكومة وحدة وطنية وقانون الانتخابات النيابية، وذلك بعد اسبوع من «الدخان الاسود» الذي لف العاصمة اللبنانية والمناطق جراء المواجهات العسكرية بين انصار المعارضة والموالاة وسيطرة «حزب الله» على معظم العاصمة اللبنانية. وينطلق الحوار في الدوحة اليوم برئاسة قطر سعياً للوصول الى اتفاق يسمح بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وإطلاق عملية إعادة بناء الدولة.

وفور اقرار الاتفاق، اعلنت المعارضة اللبنانية عن انهاء حالة «العصيان المدني». وبمجرد الاعلان عنه كانت جرافات تابعة لـ«حزب الله» وأخرى تابعة لشركة «سوكلين»، قد بدأت فتح الطرق في بيروت وازالة العوائق والسواتر الترابية. وفي السابعة مساء هبطت اول طائرة في مطار رفيق الحريري الدولي وهي تابعة لشركة «طيران الشرق الاوسط» اللبنانية (الميدل ايست) آتية من قبرص. وحلقت الطائرة بشكل دائري فوق بيروت «تحية» وايذانا باعادة فتح المطار. كما فتحت الطريق الدولية بين بيروت ودمشق في منطقة المصنع فور اعادة طريق المطار.

وكان الوفد الوزاري العربي تابع اتصالاته امس، فجال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى على القيادات اللبنانية. فالتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، قبل ان يستقر الوفد في فندق «فينيسيا» للاتفاق على الصيغة النهائية للاتفاق بحضور مندوبين عن كل القيادات اللبنانية المعنية.

وكاد الاتفاق ان يتعثر اكثر من مرة ما حدا باللجنة الوزارية الى تأجيل المؤتمر الصحافي للاعلان عنه مرتين قبل اعلانه اخيراً. وعلمت «الشرق الأوسط» ان نقاطاً عدة كانت محور الخلاف ابرزها اصرار الاكثرية وممانعة المعارضة على ادراج موضوع سلاح «حزب الله» في جدول اعمال الحوار المرتقب في العاصمة القطرية. وقد تم تجاوز هذا الموضوع بإدراجه بطريقة غير مباشرة. ثم حصل خلاف حول ترتيب بحث هذا الموضوع. ففي حين اصرت المعارضة على تركه للبحث بعد انتخاب رئيس الجمهورية وبرعايته، كانت الاكثرية تصر على البدء بالحوار حول السلاح حتى لو لم يتم بته فوراً. وتم في هذا المجال التوصل الى مخرج اقترحه وزير الشباب والرياضة احمد فتفت يقضي بإضافة بند يقول ان لكل بنود الاتفاق نفس القوة والمفعول ثم توقفت المفاوضات حول من سيترأس الحوار في الدوحة، اذ طالبت الاكثرية ان يكون بضيافة قطر ورئاسة الجامعة العربية، فيما اصر الرئيس بري على ان تكون الضيافة والرئاسة لقطر.

وقد تلا الشيخ حمد نص الاتفاق بين اقطاب الموالاة والمعارضة، معلناً عن افتتاح جلسات الحوار الوطني في الدوحة اليوم برئاسته واعضاء اللجنة العربية التي حضرت الى بيروت. هذا، واعرب موسى عن سروره «لأن يظهر العمل العربي المشترك لأنه عمل منتج ولو انه اخذ وقتاً طويلاً». وقال: «نحن نتحرك الان بثبات نحو تحقيق الالتزامات التي نصت عليها المبادرة العربية». وأضاف: «سنتوجه غدا (اليوم) جميعا الى الدوحة ويتوجه معنا جميع الاطراف لينعقد الحوار برعاية الجامعة العربية وبحضور اعضاء اللجنة بهدف احتواء الازمة اللبنانية. وهذا النجاح لا يمكن ان يقف وحده على ساقيه انما يجب ان ننتقل به وينتقل بنا الى نجاح من حيث تنفيذ الالتزامات التي اتفق عليها والى ان نحرص جميعا في الايام القليلة المقبلة على انتخاب رئيس الجمهورية المتوافق عليه العماد ميشال سليمان».

ورداً على سؤال قال رئيس الوزراء القطري ان الطرفين (الموالاة والمعارضة) «ابديا استعدادهما لفتح فصل جديد لان الجميع يعلم انه ليس من رابح وخاسر في هذا النزاع. ومن المهم ان يساعدنا اللبنانيون للتوصل الى نتائج ملموسة».

وردا على سؤال حول وجود ضمانات فعلية لعدم اللجوء الى السلاح مجددا قال المسؤول القطري بحسب وكالة الصحافة الفرنسية «نعم هناك ضمانة لعدم استخدام السلاح او العودة الى الاحتكام الى السلاح، وهي من ضمن بنود الاتفاق». واعتبر ان هذا البند هو «اهم البنود التي اتفقنا عليها ويحرم اللجوء الى السلاح بين الاطراف اللبنانيين وكان جميع الفرقاء متفقين على هذا البند».

وكان هذا البند من اهم مطالب الاكثرية التي اعتبرت انه لن يكون بامكانها العودة الى الحوار مجددا مع المعارضة ومع حزب الله بالتحديد في حال لم يكن هناك تعهد بعدم استخدام السلاح مجددا في الداخل اللبناني.

وفي كلمته التي القاها قبل اعلان بنود الاتفاق المح الشيخ حمد الى وجود بعض التحفظات على الاتفاق من قبل العماد عون تم تجاوزها من دون تعديل الاتفاق.

وقال في هذا الصدد «كانت هناك آراء بالذات من العماد ميشال عون بخصوص رئاسة الجمهورية والحكومة كأن تكون حكومة طوارئ، الا ان الجميع استجابوا اخيرا للجنة وكان هناك قرار اجماعي بالموافقة على القرارات». وتابع الشيخ حمد «سيكون مؤتمر الدوحة فسحة للفرقاء لكي يبدي كل طرف رأيه في كل القضايا».

وفي ردود الفعل بعد اعلان الاتفاق، رحب الرئيس اللبناني السابق امين الجميل بالاتفاق معتبرا انه «يتضمن مواقفنا التي نلخصها بضرورة بسط سيادة الدولة على كل الاراضي اللبنانية واستخلاص العبرة من الاحداث التي حصلت في الايام الاخيرة والتي كانت خطيرة جدا على وحدة البلاد».

وعن امكانية ان يكون اتفاق الدوحة اتفاق طائف جديدا للبنان، اجاب الشيخ حمد: «لا، ان اتفاق الطائف هو اتفاق مهم ومحوري لكل اللبنانيين. وعنوان هذا الاتفاق هو الدستور اللبناني وحوار الطائف». وعن الضمانات في حال فشل الحوار، قال: «الفشل سيؤدي الى نتائج غير طبيعية. ونرفض استخدام كلمة فشل في هذا الحوار». واوضح الشيخ حمد ان الفرقاء اللبنانيين سيناقشون بند قانون الانتخابات في الدوحة، كذلك الامر بالنسبة للحكومة وشكلها.

وردا على سؤال عما اذا كانت قطر تطمح للحلول مكان المملكة العربية السعودية على الساحة اللبنانية، اجاب: «لو سئلت قبل عام لكنت قلت هذا الامر صحيح. اما الآن فعلاقاتنا مع السعودية ممتازة. والسعودية دعمت هذا الاتفاق كما دعمت اللجنة العربية وصوّت وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل على اللجنة ورئاستها. ونحن والسعودية وكل العرب نعمل لمصلحة لبنان».

واعرب الشيخ حمد عن ثقته بأن المملكة العربية السعودية وسورية ايدتا الاتفاق وايدتا عمل اللجنة «وعلى اللبنانيين ان يتفقوا على معالجة جروحهم. وان العرب مستعدون للمساعدة». واكد ان المملكة العربية السعودية تدعم الحوار كما تدعم عمل اللجنة الوزارية العربية، واصفاً اياها بانها «عامل مهم وطرف مهم في الوصول الى نتائج ايجابية في لبنان».