أطراف الأزمة اللبنانية غادروا في طائرة واحدة إلى الدوحة تحت شعار الحوار

السنيورة يتشاور مع الفيصل وأبو الغيط * مصر تحذر من حل لا يراعي التوازنات

معوقون لبنانيون من ضحايا الحرب تجمعوا على طريق المطار رافعين شعار «إذا ما اتفقتوا لا ترجعوا» (رويترز)
TT

«اذا ما اتفقتوا ما ترجعوا» بهذا الشعار اختار مواطنون لبنانيون احتشدوا على طريق المطار أن يودعوا الفرقاء السياسيين المختلفين الذين لبوا دعوة الحوار الذي ترعاه جامعة الدول العربية في الدوحة. وهذا الشعار رفعه عشرات المقعدين اللبنانيين حيث مرت الوفود المغادرة، وذلك في اطار الحملة التي دعا اليها اتحادهم بعنوان «لا للحرب». وردد المشاركون في هذا التحرك اغنية سياسية ساخرة تقول: «الزعماء فلوا من لبنان كبرت فينا فرحتنا صار فينا نعيش بأمان وصارت أحلى دنيتنا». وكانت الوفود التي ضمت ممثلين عن كل من الحكومة والموالاة والمعارضة قد غادرت عند السادسة مساء في طائرة واحدة مع اعضاء اللجنة العربية. فيما سافر رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري في طائرته الخاصة يرافقه رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة. وتألفت الوفود كالآتي:

* رئيس مجلس النواب نبيه بري يرافقه وفد مؤلف من النائبين سمير عازار وعلي حسن خليل والمستشارين محمود بري وعلي حمدان وعلي حمد.

* رئيس الحكومة فؤاد السنيورة يرافقه الوزراء طارق متري وخالد قباني وأحمد فتفت وميشال فرعون والمستشارون محمد شطح ورضوان السيد ورولا نور الدين وعارف العبد.

* الرئيس الاسبق للجمهورية امين الجميل يرافقه نائبه في حزب «الكتائب» شاكر عون، اضافة الى كل من وليد فارس وجوزيف ابو خليل وساسين ساسين وايلي داغر.

* رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون يرافقه النواب عباس هاشم ونبيل نقولا وفريد الخازن، اضافة الى القيادي في «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.

* رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري يصحبه النائب باسم السبع والنائب السابق غطاس خوري والمستشار الاعلامي هاني حمود.

* وفد «حزب الله» الذي ضم الوزير المستقيل محمد فنيش ورئيس كتلة نواب الحزب النائب محمد رعد والنائب حسين الحاج حسن.

* رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط يرافقه الوزراء مروان حمادة وغازي العريضي ونعمة طعمة والنائب وائل ابو فاعور.

* رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع يرافقه النائبان جورج عدوان وانطوان زهرا والمستشار جوزف نعمة.

* رئيس كتلة نواب زحلة النائب الياس سكاف يرافقه النائبان سليم عون وحسن يعقوب.

* رئيس «التكتل الطرابلسي» النيابي الوزير محمد الصفدي يرافقه النائب محمد كبارة.

* النائبان الارمنيان هاغوب بقرادونيان وآغوب قصارجيان.

كذلك يشارك في الحوار النواب المستقلون بطرس حرب وجواد بولس وغسان تويني وميشال المر، اضافة الى ميشال معوض نجل وزيرة الشؤون الاجتماعية نايلة معوض.

وفور وصول الطائرة القطرية التي أقلت الوزراء العرب والأمين العام للجامعة العربية ورؤساء وأعضاء الوفود اللبنانية، توجه الجميع من مطار الدوحة إلى فندق شيراتون الدوحة، حيث بدأت أولى جلسات الحوار اللبناني.

الإعلاميون اللبنانيون كان لهم أيضا طائرتهم الخاصة التي أقلتهم جميعا، فيما تكفلت الحكومة القطرية بإنهاء ترتيبات سفرهم، بدءا من الطائرة التي أقلتهم، واختصار تأشيرات سفرهم، وإتمام حجوزاتهم في أحد الفنادق القريبة من مقر الحوار.

وكان موعد بدء الحوار المتأخر نسبيا حتى بعد التاسعة والنصف من مساء أمس، فرصة للقطريين للتجهيز للحوار، بالرغم من أن فندق الشيراتون الذي يستضيف الحوار، هو المقر الذي تستضيف فيه الحكومة القطرية كل الفعاليات والاجتماعات الرسمية التي تنظمها.

من جهة أخرى واكبت التحضيرات لسفر فرقاء الحوار اللبناني ـ اللبناني الى الدوحة امس مواقف ومشاورات في الاتجاهين الداخلي والعربي لانجاح المساعي العربية الهادفة الى تمكين الفرقاء اللبنانيين من التوافق على حل للازمة السياسية.

وفي هذا السياق، اجرى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اتصالا هاتفيا بالبطريرك الماروني نصر الله صفير الموجود في نيويورك أطلعه فيه على ما شهدته بيروت وبقية المناطق خلال الايام الماضية من «احداث أليمة صدمت المواطنين والرأي العام» وعلى الاتفاق الذي تم التوصل اليه بمسعى من اللجنة العربية وقرار التوجه الى الدوحة للمشاركة في الحوار.

وقد وقف الرئيس السنيورة على ما لدى البطريرك من ملاحظات وآراء. ورحب الاخير بـ«كل مسعى من اجل الحل» مبدياً ألمه «لما آلت اليه الاوضاع وخصوصا مفاجأة استخدام السلاح ضد ابناء الوطن».

كما اجرى السنيورة اتصالا، للغاية نفسها، بمفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الذي تمنى له وللمتحاورين «التوفيق في الوصول الى حلول». وأبدى دعمه وتأييده لـ«كل مسعى حواري يبحث عن حل للازمة بعيدا عن السلاح والعنف».

وتلقى رئيس الحكومة اتصالين من وزيري الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل والمصري احمد ابو الغيط. وقد وضعهما في اجواء المعطيات التي توافرت نتيجة عمل اللجنة العربية والآفاق المطروحة مع انطلاق الحوار.

الى ذلك، افادت سفارة مصر في لبنان، في بيان وزعته امس، ان «المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية صرح بأن وزير الخارجية احمد ابو الغيط كلف السفير المصري في بيروت احمد البديوي بتحركات واسعة النطاق يلتقي خلالها جميع الاطراف اللبنانيين في اطار جهود مصرية لتهيئة الظروف المطلوبة لانجاح مهمة الوفد العربي الذي توجه الى لبنان بناء على القرار الاخير الذي اتخذه وزراء الخارجية العرب».

وذكر البيان ان المتحدث «شدد على ان حل الأزمة في لبنان يجب ان يراعى التوازن بين الطوائف والقوى السياسية كافة، مع الحفاظ على الدور الفعال وعلى مصالح كل منها في التركيبة اللبنانية. والا فان هذا الحل لن يحظي باي فرص في النجاح سياسيا، ولا سيما ان التاريخ والتجربة في لبنان اثبتا ان ما من مشروع امكن فرضه بالقوة على هذا البلد طالما لم يحظ بإجماع الاطراف اللبنانية المختلفة من الناحية السياسية».

وأكد المتحدث الرسمي: «ان مصر ستستمر في جهودها لتحقيق الاستقرار في لبنان ودعم مؤسساته الدستورية بالتعاون مع الاطراف المعنية وفي اطار السعي الى تغليب الحل العربي الذي يعد الاصلح للتطبيق وفي اطار المبادرة العربية التي تترجم بالفعل التوازن المطلوب تحقيقه». وأفاد ان الوزير ابو الغيط جرى اتصالات مع عدد من نظرائه العرب والاوروبيين بشأن الوضع في لبنان، مشيرا الى انه «سيستمر في التواصل مع جميع الاطراف المهتمة بالشأن اللبناني في اطار الحرص على بناء موقف موحد داعم للتحرك العربي بهدف نزع فتيل التوترات الحالية والمضي قدما نحو التوصل الى تسوية للازمة السياسية وفقا للمبادرة العربية».

وأوضح المتحدث ان «آخر تلك الاتصالات كانت مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حيث تم تبادل وجهات النظر حول الاحداث الاخيرة في لبنان». واشار الى «ان ابو الغيط ناقش مع لافروف سبل الخروج بلبنان من ازمته ودعم اللبنانيين لمواجهة الوضع الحالي وتجاوز الازمة السياسية التي تخنق البلاد». كما اشار الى ان الوزير ابو الغيط «كان قد اجرى مشاورات مع وزير الخارجية الاسباني ميغيل انخل موراتينوس اثناء توقف الاخير في القاهرة في 13 الشهر الجاري حول الموضوع ذاته، حيث اتفق الوزيران على ان سياسة اللجوء الى العنف المسلح لتحقيق اهداف سياسية ثبت بالتجربة المريرة انها فشلت في لبنان وانها لم تؤد الى سيطرة طائفة على اخرى، بل على العكس الى استمرار نزيف المواجهات بلا طائل». وذكر ان ابو الغيط اتفق مع موراتينوس على استمرار التشاور بينهما في الشأن اللبناني «للمساعدة في تهدئة الاوضاع وخروج لبنان من ازمته الحالية».

وفي اطار لقاءاته مع الفرقاء اللبنانيين زار السفير البديوي امس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط. وعقد امس اجتماع، في منزل وزيرة الشؤون الاجتماعية نايلة معوض حضره النائبان بطرس حرب وجواد بولس بهدف التشاور وتنسيق المواقف حول مختلف المواضيع المطروحة، وخصوصا تلك الواردة في جدول اعمال وزراء الخارجية العرب.

وقال حرب، الذي يمثل رسميا النواب المستقلين في الشمال في جلسات الحوار: «هذا الاجتماع مخصص للبحث في ما بيننا في الحوار الذي سيحصل في الدوحة (...) نحن نذهب بعقل منفتح وتصميم وطني على ايجاد المخارج للمشاكل العالقة في لبنان، آملين ان تقابلنا القوى السياسية الاخرى، لا سيما قوى المعارضة، بعقل شبيه وتوجيه مشابه للذي نحمله».

وعلى صعيد المواقف رحب «التكتل الطرابلسي» بمؤتمر الحوار اللبناني في الدوحة على قاعدة المبادرة العربية. ودعا القيادات السياسية الى «التقاط فرصة الحوار التي ترعاها الجامعة العربية لاثبات قدرتها على حل الخلافات بالحوار تمهيدا لاعادة تكوين السلطة والمؤسسات الدستورية على اساس متين من الثقة». كما دعا اللبنانيين الى «ادراك دقة المرحلة والتحولات الكبرى في المنطقة والعالم وتأثيرها على مصير لبنان مما يستوجب مزيدا من التضامن والتماسك لكي يكون لبنان هو المنتصر والسلم الاهلي هو الغالب». هذا، وتساءل عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب فؤاد السعد عن «سبب الانتقال الى الدوحة للبحث في الشؤون اللبنانية« معتبرا ان «جميع المواضيع التي ستبحث في الدوحة مهمة ومتفق عليها مسبقا، لكن الخلاف كان وسيبقى على الاولويات. فهل نحتضن الدستور ونعتمد الالية الدستورية لوضع العجلة على السكة ام نخضع للتدخلات السياسية وفرض منطق القوة وانتاج حل على قاعدة غالب ومغلوب؟». وقال رئيس «حركة التجدد الديمقراطي» النائب السابق نسيب لحود ان «ابرز موضوع خلافي، من وجهة نظرنا والذي لم يعد باستطاعة احد تغييبه او اهماله، هو استخدام العنف لتحقيق مكاسب سياسية كما حصل خلال احداث الاسبوع المنصرم المشؤومة والتي وضعت لبنان مرة جديدة على شفير الحرب الاهلية. والشيء الجيد ان هذا الموضوع قد ورد بكل وضوح داخل الاتفاق المعلن. وهو سيشكل الخلفية الاساسية للحوار الذي ينطلق في الساعات المقبلة في الدوحة والذي نأمل باستئنافه قريبا في بيروت».

واعتبر وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ «ان تراجع الحكومة عن قراراتها شكل المدخل الضروري لاعادة الاعتبار للمرحلة السياسية من خلال الذهاب الى الحوار الوطني». وقال امس: «ان التحرك الذي حصل خلال الاسبوع المنصرم لم يهدف الى تثبيت مواقع سياسية تخل بالتوازنات وانما هدف الى التعامل مع قراري الحكومة بما يتناسب مع خطورتهما».

وأبدى عضو قيادة حركة أمل، النائب علي خريس، ارتياحه الى «ما حققه الوفد العربي لحل الازمة السياسية اللبنانية»، مشيرا الى «اهمية بدء الحوار والوصول الى الاتفاق على قانون انتخاب يجمع اللبنانيين ولا يفرقهم».