الوصول بحرا إلى بيروت فيلم جيمس بوند أبطاله صحافيون

رحلة الصحافي الشاقة إلى الحدث اللبناني

TT

كان مطار بيروت لا يزال مغلقا والرجال المسلحون ينتشرون ويضرمون النار في المتاريس التي يقطعون بها الطرق السريعة إلى العاصمة. فلم يكن هناك من خيار اخر سوى قطع مسافة 150 ميلا من ميناء لارناكا بقبرص للوصول إلى لبنان عن طريق البحر. ويقول الزملاء إن خدمات تقديم الدعم لا تقل أهمية في الصحافة عن إعداد التقارير وكتابتها. ولا شك أن ذلك حقيقة مؤكدة. فالبعض يحالفه الحظ ويستطيع الانتقال من مكان إلى آخر، لكن الحال ليست كذلك معي دائما. وفي يوم الاثنين، وبينما كنت أحاول الرجوع إلى لبنان حيث عشت ثلاث سنوات، قمت بتغيير تذكرة الطائرة خمس مرات. وفي يوم الثلاثاء صباحا وصلت إلى روما، حيث قابلت زميلا ومراسلا سابقا في واشنطن بوست، وهو دان ويليامز، كان يتوجه إلى لبنان أيضا. وفي يوم الثلاثاء مساء، كنا سويا في ميناء لارناكا مع شخص آخر يدعى أنجيلوس أسيوتيس نأكل البطيخ والجبن.

وأسيوتيس هو قبطان قبرصي يبلغ من العمر 43 عاما، ولديه سفن تبحر إلى لبنان. لقد كان هذا الرجل نباتيا لمدة 22 عاما وكان يقوم بقيادة المراكب. ولمدة ست سنوات، كان يعمل في مجال خدمات الشخصيات الهامة في قبرص حيث كان يمتلك أسطولا من اليخوت يقول عنها إنها صنعت «للملوك والملكات والممثلين»، ثم يضيف بعد صمت وجيز «وللصحافيين أيضا».

وقد أخبرته السلطات في قبرص ولبنان بأنه ليس من الواضح إن كان سيسمح له بنقل المسافرين إلى لبنان. وحاول تهدئة أحد الصحافيين الذين كانوا يخشون من عدم التمكن من تغطية الأحداث.

ثم توجه الينا بسؤالين «عليكم أن تعرفوا أولا ما هي المخاطر التي يمكن ان تتعرضوا لها؟ وثانيا المخاطر التي قد يواجهها القبطان؟».

وبعد ذلك تركنا نفكر وذهب للقيام ببعض الأشياء. لقد كان بإمكانه أخذنا بالقارب إلى خارج المياه الإقليمية القبرصية ووضعنا في قارب آخر يتجه إلى لبنان، وقال لنا: «يمكنكم القفز إلى القارب الآخر. ولكن لا تقفزوا إلى الماء»، وأخبرنا ببعض النكات عن سمك القرش قائلا إن هناك نحو 350 نوعا وأربعة فقط من هذه الأنواع تشكل خطرا على الإنسان. ثم قال بثقة: «إننا نفعل ذلك مع السجناء الهاربين»، مضيفا أن علينا إقناع القبطان اللبناني بأننا لسنا مجرمين أو معتقلين أو تجار مخدرات، وقال مازحا: «إن ذلك يشبه أفلام جيمس بوند»، ثم مازحه ويليامز الذي ذهب في رحلة مماثلة عام 1982 وقت الغزو الإسرائيلي للبنان وقال: «من دون النساء».

وقد قمنا بالعديد من الاتصالات مع وزير السياحة اللبناني واثنين من المستشارين ومع السفير اللبناني في قبرص ومع المتحدث الرسمي باسم الحكومة القبرصية، ومع نائب وزير المواصلات اللبناني ومع وزير المواصلات نفسه، وفي مقابل ذلك، كانوا يقومون بعمل المزيد من الاتصالات في محاولة لايجاد طريقة لدخول لبنان بشكل رسمي. وفي الساعة 11.30 مساء جاءت مكالمة غامضة: نستطيع أن نغادر. قمنا بإيقاظ أسيوتيس، وقد تضاعف سعر الحجز على قاربه إلى نحو 1400 يورو أو ما يساوي 2200 دولار. وفي الخامسة صباحا، انتقلنا إلى القارب الآخر، وفي العاشرة صباحا كنا في ناد لليخوت في إحدى ضواحي بيروت حيث تجمع العديد من الركاب الخائفين الذين كانوا يرغبون في المغادرة.

* خدمة واشنطن بوست ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»