القوات العراقية تدخل مدينة الصدر.. والأهالي منقسمون بين الفرح والخوف

«الجدار العازل».. هم جديد لدى السكان.. ومسؤول أمني: دخلنا من دون إطلاق رصاصة واحدة

TT

بدت مشاعر الناس في مدينة الصدر شرق العاصمة العراقية بغداد منقسمة بين الفرح بعودة الأمن الى منازلهم وشوارع مدينتهم وسيطرة القانون، وبين الخوف من معاودة ما حصل من اشتباكات كانوا هم الضحية الأولى فيها.

وبدت المدينة هي الاخرى هادئة ومترقبة لخطوات القوات العراقية، وهي تدخل بشكل متتابع منذ مساء اول من أمس الى المدينة، وجاء دخول القوات العراقية في اعقاب التوصل الى اتفاقية بين التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر وبين الحكومة العراقية، بعد نحو شهرين من اندلاع اشتباكات مسلحة بين القوات العراقية ومقاتلي ميليشيا «جيش المهدي» الموالية للصدر.

«الشرق الاوسط» كانت هناك تترقب هي الاخرى أحوال الناس، وهم يتجمعون امام بيوتهم ويتأملون القوات العسكرية، التي بدأت بدخول مدينتهم، وسبق دخول القوات، سيارة كانت تقل اعضاء من مكتب الشهيد الصدر، وقال الشيخ صلاح العبيدي، المتحدث باسم الصدر، ان هذه السيارة «جزء من التنسيقات بين القوات العراقية ومكتب الشهيد الصدر».

وكان اكثر ما يثير الانتباه هو الاطفال في المدينة، الذين بدوا الاكثر فرحا بهذا الدخول، حيث قال لنا علي، 11 عاما، ونحن داخل المدينة ان بإمكانه الان الذهاب الى صديقه بشكل طبيعي، وهو لم يتمكن من ذلك طيلة فترة الاشتباكات.

وأبدى العبيدي ارتياحه لدخول القوات العراقية وقال لـ«الشرق الاوسط»: ان التنسيقات المستمرة بين الاطراف المعنية أدت الى دخول القوات العراقية بالشكل الذي كنا نأمله، وأشار الى ان أي اختراق سيسجل وسيتابع من قبلهم، إن كان من القوات الحكومية او من الطرف المقابل.

غير ان مسؤولا في مكتب الشهيد الصدر في المدينة ابدى انزعاجه من الجدار الذي تبنيه القوات الاميركية، بينما هناك اتفاقات وتفاهمات بين الحكومة والتيار الصدري، وقال لـ«الشرق الاوسط»، ان هذا الجدار يعد بمثابة تفريق بين مدينة الصدر ومدن بغداد الاخرى، واضاف ان الحصار الذي تفرضه القوات الاميركية في بنائها لهذا الجدار يعني بالضرورة ازمة جديدة سيعاني منها ابناء مدينة الصدر.

من جانبه، قال مسؤول في قيادة عمليات الرصافة ان «هذا الجدار سيعزل مدينة الصدر من ساحة الحمزة الى ساحة الطالبية، وان عزل المنطقة التجارية في حي جميلة عن المنطقة السكنية في مدينة الصدر هو الغاية من الجدار»، واضاف ان الجانب الاميركي هو الذي يقوم ببناء هذا الجدار.

واطلق ابناء المدينة على هذا الجدار اسم «جدار برلين»، واخرون اسموه بـ«الجدار الاسود»، أما اهالي منطقة جميلة فقد اطلقوا عليه اسم «جدار الفقر»، لانه سيعزلهم عن تجار مدينة الصدر وتجار مناطق اخرى كانوا يتبضعون منهم، أما الاميركيون، فحسب احد التقارير الصحافية، اطلقوا عليه «الجدار الذهبي».

الجدار الذي سيفتح امام مدينة الصدر ثلاثة منافذ فقط، هو ما يشغل اهالي المدينة الان، اضافة الى افتقارهم لابسط الخدمات التي يطالبون فيها بشكل مستمر، كما طالبوا الحكومة بإعداد جداول لتعويض المتضررين من اهالي المدينة نتيجة للاشتباكات الاخيرة.

ويقول قحطان، مدرس في مدرسة كافل اليتيم بالمدينة، التي تضم 650 يتيما، انه كان شاهد عيان على اللحظة الاولى لدخول القوات العراقية، وبحسب قحطان فان القوات دخلت عن طريق منفذ الطالبية وكان الناس قد تجمعوا حول الارتال العسكرية التي ضمت في مقدمتها سيارة من مكتب الشهيد الصدر، كان يستقلها رحيم العلاق رئيس الديوان العشائري في المكتب، ثم تبعته عشر مدرعات وسيارات تحمل القوات الامنية العراقية، وقد دخلت القوات بشكل هادئ جدا مع فرحة الناس وخوفهم من تكرار هذه التجربة المريرة. ويضيف قحطان لـ«الشرق الاوسط»، لقد بدأت القوات تنادي بمكبرات الصوت على الاهالي لكيلا يتجمعوا في اماكن توجد فيها القوات، واشار الى ان القوات الاميركية ألقت بمنشورات تحذر اهالي المدينة من خرق منع التجوال، رغم عدم وجوده في المدينة وطالبتنا في منشور آخر بالتبليغ عن المسلحين، وفي منشور ثالث قالت انكم محاصرون من قبل القوات الاميركية.

على الصعيد نفسه اكد قاسم عطا المتحدث باسم خطة فرض القانون ببغداد، ان الفرقة التاسعة هي التي دخلت مدينة الصدر مساء اول من أمس وكان مع الفرقة ممثلون عن مكتب الشهيد الصدر وان العملية كانت لتطهير الشوارع من العبوات الناسفة، وقال عطا لـ«الشرق الاوسط»: ان القوات العراقية تمكنت من رفع 50 عبوة ناسفة واسلاك تفجير صواعق، مشيرا الى ان القوات طهرت اجزاء من المدينة، مثل الكيارة ووصولا الى منطقة كسرة وعطش.

وأكد عطا ان العملية «تتم من دون اطلاق طلقة واحدة ومن دون ان يتم تسجيل خرق واحد». مشيرا الى عدم وجود أي مسلح في الشارع، وهذا ما لاحظته «الشرق الاوسط» ايضا، فلم تسجل اسماعنا أي صوت لرصاصة واحدة، ولكن الذي لاحظناه ايضا ان المحال التجارية كانت لا تزال مغلقة. وقال الاهالي ان ذلك يرجع الى تخوف الناس من تجدد الاشتباكات، بعد دخول القوات وتوقع الاهالي ان يباشر الناس بالذهاب الى اعمالهم اليوم، بعد ان تطمئن قلوبهم الى ان صوت الرصاص قد صمت بلا رجعة.