واشنطن تخطط لبناء سجن كبير في أفغانستان

على مساحة 40 فدانا بتكلفة 60 مليون دولار في قاعدة باغرام

TT

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها تخطط لبناء مجمع اعتقال على مساحة 40 فدانا في القاعدة الأميركية الرئيسية في أفغانستان. ويأتي هذا الإعلان القاسي ليؤكد على أن الولايات المتحدة سوف تستمر في اعتقال أعداد كبيرة من السجناء حول العالم لسنوات مقبلة. وسوف يحل مركز الاعتقال هذا محل السجن الموجود في قاعدة باغرام العسكرية شمال العاصمة الأفغانية كابل، والذي يحتجز فيه حاليا نحو 630 سجينا، مقارنة بمعتقل غوانتانامو في كوبا الذي يحتجز فيه نحو 270 سجينا. وإلى الوقت الحاضر، فإن إدارة بوش قد أعطت مؤشرات على أنها تنوي التراجع عن الاضطلاع بدور كبير في عمليات الاعتقال في أفغانستان. فقد كانت تخطط لنقل أعداد كبيرة من السجناء إلى المعتقل الأفغاني الموجود خارج كابل وهو معتقل تم بناؤه بتمويل أميركي وعليه حراسة مشددة من قبل الجنود الأفغان. لكن المسؤولين الأميركيين يعترفون الآن بأن المعتقل الأفغاني لا يمكنه استيعاب كل الأفغان المعتقلين حاليا من قبل القوات الأميركية، فضلا عن الأعداد المتزايدة من المعتقلين الذين يتم القبض عليهم بسبب القتال المتزايد مع القاعدة وطالبان.

وقد كان المسؤولون الأميركيون مدركين منذ أمد بعيد للمشكلات الكبيرة التي تحيط بمركز الاعتقال الموجود في أفغانستان. وبعد بناء المعتقل عام 2002 أصبح موقعا رئيسيا لمراقبة السجناء الذين يتم القبض عليهم في الحرب. وقد استخدمت في هذا المعتقل أساليب تعذيب قاسية ومورس الحرمان من النوم على نطاق واسع، وقد توفى معتقلان أفغانيان في ديسمبر (كانون الأول) عام 2002، بعد ضربهما المتكرر من قبل الجنود الأميركيين.

وقد تحسنت ظروف المعتقلات والمعاملة داخلها بشكل لافت منذ ذلك الوقت، لكن مئات الأفغان وغيرهم ما زالوا معتقلين في زنزانات يحيط بها السلك الشائك. وهناك مساحة محدودة لممارسة الرياضة كما أن مساحات المطبخ وحوض الاستحمام والحمام غير مناسبة. وبعد مواجهتهم بذلك، أفاد المسؤولون الأميركيون بأنهم يرغبون في استبدال سجن باغرام الذي كان يستخدم كمكان لإصلاح الطائرات الخاصة بالقوات السوفياتية التي احتلت البلاد في حقبة الثمانينات. وفي هذا المكان، سوف تقوم الولايات المتحدة ببناء ما يصفه المسؤولون بأنه معتقل أحدث وأكثر إنسانية يستوعب نحو 600 معتقل ـ أو 1100 في حالات الطوارئ ـ ويتكلف أكثر من 60 مليون دولار. وقد أفاد المسؤولون الأميركيون كذلك بأن هناك مخاطر صحية على المعتقلين والموظفين الأميركيين في سجن باغرام، بسبب وجود المعدات الثقيلة التي كانت خاصة بإصلاح الطائرات السوفياتية والمعادن غير القابلة للاحتراق. ويقول أحد المسؤولين: «إنه ليس مكانا مناسبا. فهو لم يتم بناؤه لاحتجاز الأفراد فيه».

وعلى الرغم من تشكيل محكمة أفغانية خاصة لمحاكمة المعتقلين الذين سبق اعتقالهم في قاعدتي باغرام وغوانتانامو، إلا أن المسؤولين الأميركيين مترددون بشأن تسليمهم، حيث يعتبرونهم من أشد المعتقلين خطرا. وفي أواخر شهر يناير (كانون الثاني) سافر رئيس عمليات الاعتقال في العراق الميجور جنرال دوغلاس ستون إلى باغرام لتقييم الوضع هناك. وفي العراق، شجع الجنرال ستون مسؤولي السجون على بناء علاقات قوية مع قادة القبائل، والعائلات والعشائر، حسبما أفاد أحد مسؤولي الكونغرس الذي اطلع على عمل الجنرال. ونتيجة لذلك، يوفر المسؤولون الأميركيون تدريبا وظيفيا للمعتقلين العراقيين ويوفرون لهم جلسات نقاش ديني لإعادة تأهيلهم للانخراط في المجتمع العراقي. وقد تم إطلاق سراح نحو 8000 معتقل في العراق منذ شهر سبتمبر (ايلول) الماضي. وقد تم إعادة أقل من 1 بالمائة منهم إلى الاعتقال.

وسوف يتضمن مركز الاعتقال الجديد في باغرام بعض الدروس المستفادة من المعتقلات الأميركية في العراق، حيث سيتم بناء غرف دراسية للتعليم المهني والدروس الدينية، وسوف تكون هناك مساحات أكبر للترفيه والزيارات العائلية، حسبما أفاد المسؤولون. فبعد سنوات من التوسل من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، سمحت الولايات المتحدة أخيرا لأقرباء المعتقلين بالتحدث إليهم في قاعدة باغرام عن طريق دوائر الفيديو. ويخطط الجيش الأميركي لطلب مبلغ 24 مليون دولار في العام المالي 2009 ومبلغ 7.4 مليون دولار في العام المالي 2010 من أجل تمويل البرامج التعليمية والتدريب المهني وغير ذلك من أجزاء الخطة الأميركية التي يصفها المسؤولون بأنها خطة لإعادة الدمج. لكن المسؤولين يفيدون بأن بعض المعتقلين قد تم احتجازهم لما يزيد عن خمس سنوات دون محاكمة. وحسب تقرير أميركي أخير تم تقديمه إلى لجنة بالأمم المتحدة، فقد بدأت في شهر إبريل (نيسان) محاكمة نحو 10 صبيان كانوا محتجزين في سجن باغرام.

* خدمة «نيويورك تايمز»