دبلوماسية الكواليس تحل مكان الحوار في الدوحة والمنظمون يأملون بنتائج إيجابية خلال 48 ساعة

قطر تعهدت وضع وثيقة خاصة بموضوع سلاح «حزب الله»

TT

انتصرت «الكولسة» على الحوار في «مؤتمر الحوار اللبناني» الذي تستضيفه العاصمة القطرية، فبعدما نجحت التجربة التي قامت بها اللجنة الوزارية العربية في بيروت وتجاوزها العديد من المطبات التي واجهت تحركها، وضعت الدبلوماسية القطرية حدا للجلسات المفتوحة التي يشارك فيها المتحاورون الـ14، واستعاضت عنها بدبلوماسية الكواليس التي قادها رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بمعاونة الامين العام لجامعة الدول العربية، اللذان تنقلا بين الطبقتين الخامسة والثالثة، حيث يقيم رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب سعد الحريري في محاولة للوصول الى قواسم مشتركة. خصوصا ان تجربة الجلسة الافتتاحية لم تكن مشجعة، اذ تخللتها شجارات كادت تنسف الجهد القطري.

وعلمت «الشرق الاوسط» من مصادر موثوق بها ان الجانب القطري يسعى الى الوصول الى نتائج سريعة، وقد ابلغ القطريون كبار القادة اللبنانيين انهم يأملون بالوصول الى نتائج خلال 28 ساعة، اي اليوم على ابعد تقدير. وقد شبه احد المشاركين ما يحصل بان القطريين يعتمدون «سياسة الصدمة» للوصول الى نتائج ايجابية ولهذا يتدخلون بسرعة ودبلوماسية، مذكرا بما حصل في بيروت، حين اصر رئيس الوزراء القطري على انتقال الجميع فورا ومن دون ابطاء الى الدوحة لإطلاق المحادثات خوفا من تعثرها اذا طالت الأمور.

ووفقا للمعلومات التي استقتها «الشرق الاوسط» من مصادر اطلعت على اجواء الاجتماعات فان مجريات اليوم بدأت مع الاجتماع المغلق الذي عقد بعيدا عن الاعلام، فتكلم في البداية راعي الحوار الشيخ حمد بن جاسم، فتوجه الى الحضور طالبا من الجميع الكلام لدقيقتين لكل منهم، مشددا على ضرورة عدم توجيه الكلام لأي طرف آخر، بل له شخصيا لتجنب الاحتكاك، غير ان هذا لم يمنع وقوع بعض الاشكالات العابرة بين المتحاورين الذين غلب عليهم التشنج.

بداية تحدث الرئيس بري مشيرا الى «اننا هنا لنتعاون وصولا الى حل». تلاه الرئيس فؤاد السنيورة الذي تحدث عن خطورة ما جرى على الساحة اللبنانية اخيرا، شاجبا استخدام السلاح «بدلا من الكلمة»، وهو ما شدد عليه ايضا النائب سعد الحريري الذي نبه الى خطورة ما حصل على المستويات كافة، داعياً الجميع الى تحمّل مسؤولياتهم لأنه في حال تكرر ما حصل فان لا ضمانات بعدم انفجار شامل يؤدي بالبلاد الى ما لا تحمد عقباه، مشددا على ضرورة تجنب الفتنة، ومؤكدا انه سعى جهده للابتعاد عنها، «فلن اقبل ان يسجل التاريخ ان نجل الرئيس رفيق الحريري ساهم في ما يمكن ان يدمر الوطن»، لافتا الى «شرخ كبير أحدثته الاحداث الاخيرة بين اللبنانيين».

ثم تحدث النائب جنبلاط فاستهل كلامه بالاشادة بنتائج الحوار الذي حصل في لبنان في وقت سابق، وهو ما أوقفته الحرب التي «خيضت» في العام 2006. وأشار جنبلاط الى «كاميرا المطار» التي اثارت كل هذه الزوبعة، متسائلا عن الهدف من وضعها، ومبررا انه لم يطرح اسم العميد شقير لعداء شخصي «فأنا لا اعرف هذا الشخص، رأيته بالامس في المطار عندما كنت اتيا الى هنا، ولا يوجد عداء شخصي أو اي موقف، أنا اطالب فقط بايضاح الامور، فهناك مخاوف جدية من «الاستعمالات غير البريئة» سواء هذه الكاميرا او غيرها. فهل ان ذلك جريمة وهل يستحق ردة الفعل التي قوبلنا بها؟

واضاف: «كنا في الماضي نتهم السوريين بكل ما يحصل امنيا ولكن اليوم ثمة فلتانا امنيا ونخشى حصول المزيد من حوادث الاغتيالات فمن المسؤول؟ ألا يمكننا المطالبة بضبط الاوضاع وتأمين الامن للبنانيين؟».

وتلاه رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي رأى ان كل ما يثار من قضايا لا يمت الى جوهر القضية بصلة، ليست المسألة مسألة عدد الوزراء الذي يريدونه ـ (المعارضة) ولا في قانون الانتخاب، بل هي تكمن في وجود طرف يحتكر لنفسه اعلان الحرب والسلم في الداخل والخارج، وكأنما لا يوجد غيره في هذا البلد. واشار الى «ان استعمال هذا السلاح في الداخل في الاسابيع الماضية، اسقط ورقة التين الاخيرة التي كانوا يتسترون بها، ولهذا نحن نرفض بحث أي موضوع آخر قبل ان نعرف حدود مسؤولية الدولة عن امن المواطن وعلاقة هذا السلاح بالدولة. لقد أدى ما حصل الى ارتباكات وخسائر على صعيد الدولة والجيش فما جرى كان خطيرا جدا ومن دون افق، وتاليا فإن اي حل سياسي من دون تحديد افق للسلاح يبقى من دون جدوى».

هنا تدخل ممثل «حزب الله» النائب محمد رعد فحمّل الحكومة المسؤولية المباشرة عن كل ما جرى، جراء القرارات «المشبوهة» التي اتخذتها في تلك الليلة. كما اتهم الاكثرية بالسعي للاستئثار بالسلطة وحكم البلاد دونما اعتراف بحقوق الاخرين من الشركاء في الوطن. وتوجه الى جعجع قائلا: «ان سلاح المقاومة مقدس وهو غير مطروح للبحث الآن». ثم تحدث رئيس تكتل الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون، فأيد كلام رعد، معتبرا ان «الاشتئثار الذي تمارسه الاغلبية هو ما دفع الامور بهذا الاتجاه، محذراً من ان الاستمرار بهذا الاداء من شأنه أن يتسبب بما هو أخطر مما حصل في الاونة الاخيرة.

وأثار هذا الكلام حفيظة فريق «14 اذار» فاندفع قادته الى الرد على عون ورعد، فأكد الرئيس السابق أمين الجميل ضرورة بحث موضوع السلاح «لأن ما حصل يجعلنا غير قادرين على تجاوزه أو تأجيله، ورأى جعجع ان سلاح «حزب الله» خطر على امن اللبنانيين وشارك النائب جنبلاط في هذا النقاش متسائلا عن «الهدف من عدم قبول الحزب بمناقشة موضوع السلاح». فتدخل الشيخ حمد لوقف السجال طالبا من الجميع وقف «الحديث الامني» فالان ليس وقته. ووافق بري على هذا الكلام قائلا: «المؤتمر جاء وفق جدول اعمال وورقة فيها تراتبية معينة «بينما انتقلنا الى طرح سلاح المقاومة على الطاولة». وتدخل الشيخ حمد مجددا فقال: «كل الامور متكاملة لكن علينا احترام التراتبية. وأكدت المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الاوسط» ان الجانب القطري اقترح مخرجا لقضية السلاح يقتضي بان تقوم قطر بتبني هذا الموضوع وأن تطرح ورقتها الخاصة في «استراتيجية» بحث السلاح على المتحاورين، وأن تتعهد متابعته حتى بعد انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة. بعدها أعلن الشيخ حمد عن رفع الجلسة، على ان يتحدد لاحقا موعد آخر للجلسات العامة «اذا اقتضت الامور» أو لوضع بقية المتحاورين في اجواء ما يحصل من تقدم أو عقبات.

واتفق المجتمعون على تأليف لجنة سداسية لبحث قانون الانتخاب، على ان يتم بحث الموضوع الحكومي في المشاورات الجانبية.

واجتمعت اللجنة في الطابق الاول من فندق «الشيراتون» في الدوحة مرتين، الاولى لطرح كل الفرقاء وجهة نظرهم من هذا القانون والثانية مسائية وخصصت لبحث التفاصيل. وفي معلومات لـ«الشرق الاوسط» ان اجتماعات اللجنة اصطدمت بعقبتين في المناطق، وتحديدا في قضائي حاصبيا ومرجعيون، وكذلك في موضوع قضائي بعلبك والهرمل، لكن تم تجاوز الاخير في وقت لاحق. فيما تبقى تقسيمات بيروت «عقدة العقد» والتي قد تحتاج الى «تدخل قطري جديد لتقريب وجهات النظر. وضمت اللجنة عن المعارضة النائبين علي حسن خليل وآغوب بقرادونيان ومسؤول العلاقات السياسية في التيار الوطني الحر المهندس جبران باسيل وعن الموالاة النائب جورج عدوان والنائب السابق غطاس خوري والقاضي سليم سليمان.

* الحضور

* ترأس رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية رئيس اللجنة العربية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني طاولة الحوار المستديرة وجلس الى يمينه الرئيس نبيه بري والى جانبه رئيس وفد الاحزاب الارمنية لهذه الجلسة النائب اغوب قصارجيان، النائب ميشال المر (عن الروم الارثوذكس)، النائب العماد ميشال عون، رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ورئيس الكتلة الشعبية الياس سكاف. وعن يسار الشيخ حمد جلس الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الرئيس فؤاد السنيورة، عن نواب الشمال المستقلين النائب بطرس حرب، رئيس «التكتل الطرابلسي» الوزير محمد الصفدي، رئيس «كتلة المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري، رئيس «حزب الكتائب» الرئيس أمين الجميل، رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، النائب غسان التويني (عن الروم الارثوذكس)، رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، والى جانبه رؤساء الوفود العربية المشاركة في المؤتمر من سلطنة عمان، الامارات، البحرين، اليمن، جيبوتي، المغرب، الاردن والجزائر. وشارك في الجلسة السفير اللبناني في قطر حسن سعد.