60% من الناخبين الكويتيين يدلون بأصواتهم لاختيار أعضاء مجلس الأمة

الحكومة تتراجع عن الفرز الآلي بعد تهديد المعارضة بالتحفظ على اعتماد النتائج

TT

توجه الناخبون الكويتيون أمس إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم للبرلمان الثاني عشر في تاريخ الكويت السياسي، وسط تحفظات أبدتها المعارضة على قيام الحكومة بإيكال مهمة فرز الأصوات إلى شركة خاصة، وهو ما يتعارض مع قانون الانتخاب.

وتعدت نسبة المشاركة حتى الساعة السادسة مساء الخمسين في المائة، وهو ما يعني توقع ارتفاعها إلى نحو 60 في المائة خلال الساعتين الأخيرتين من الاقتراع، وهما اللتان عادة ما تشهدان تجيير القواعد الانتخابية، وإعلان التحالفات الأخيرة التي تقرر بحسب توجهات الناخبين وتقديرات الفوز والخسارة التي يتنبأ بها المرشحون، بحسب قراءاتهم للدوائر.

من ناحيته، سجل رئيس مجلس الأمة السابق والمرشح الحالي أحمد السعدون اعتراضه على تكليف وزارة الداخلية شركة خاصة لفرز النتائج بشكل الكتروني، ولحقه عدد من مرشحي المعارضة، أبرزهم مرشحو التحالف الوطني الديمقراطي (تجمع ليبرالي معارض)، وأحمد الديين ومحمد عبد القادر الجاسم، وفيصل المسلم، ومسلم البراك، الأمر الذي دفع الحكومة إلى التراجع عن الاعتماد على النظام الآلي، والعودة للنظام اليدوي، إذ أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء فيصل الحجي قبيل إغلاق صناديق الاقتراع، عن تعليق العمل بنظام الفرز الآلي، والعودة للنظام اليدوي بعد تفهمها لتحفظات مرشحي المعارضة.

وخاطب السعدون رئيس الوزراء في مؤتمر صحافي عقده ظهر أمس قائلا «لا يورطوك في هذا الأمر، فلا يجوز بحكم القانون لشركة خاصة أن تحضر الفرز، وهناك احتمال من تدخل موظفي الشركة للتأثير على النتائج، مع وجود معلومات لدينا بهذا الشأن، وتأكيدنا بأن هذا التصرف غبي».

من جانبه، قال نائب رئيس شبكة الانتخابات في العالم العربي أنور الرشيد، أن «بعض التقارير التي وردتنا بينت وجود بعض التجاوزات، منها استخدام نظام الفرز الآلي، وأنباء عن استخدام المال السياسي في بعض المناطق لشراء أصوات الناخبين، وهو الأمر الذي سنبينه في تقرير أولي سيصدر مساء اليوم الأحد».

واستغرب الرشيد في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» من استضافة الكويت لشخصيات خليجية ليطلعوا على التجربة الديمقراطية الكويتية، فيما لم تبت الحكومة في طلب قدمناه لإشراك مراقبين محليين ودوليين في مراقبة الانتخابات الكويتية لضمان نزاهتها.

إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء الكويتية عن رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد تأكيده «حرص الحكومة على تسهيل عملية الاقتراع، في انتخابات مجلس الأمة (البرلمان) 2008».

وقال خلال تفقده للجان الانتخابية أمس أن «الأمور تسير بشكل سلس وايجابي، وهناك ضغوط على بعض مراكز الاقتراع نتيجة للحشود الكبيرة للمقترعين، ونشيد بمجمل سير العملية الانتخابية وما رافقها من تنظيم وإقبال من الناخبين، والتزامهم بالتعليمات الصادرة عن الجهات المسؤولة عن تنظيم عملية الانتخابات، مع تمنياتنا للمرشحين بالتوفيق، ورغبتنا بأن يكون هناك تمثيل للمرأة في المجلس المقبل».

ومع حديث رئيس الحكومة، بدا واضحا أمس بالفعل تفاؤل أنصار المرأة بوصول سيدة إلى مقعد البرلمان للمرأة الأولى في تاريخ الكويت والخليج العربي، معتبرين أن الفرصة سانحة أمام المرشحتين الليبراليتين رولا دشتي وأسيل العوضي اللتين تتنافسان على مقعد في الدائرة الانتخابية الثالثة التي تعتبر أصعب الدوائر الانتخابية، نظرا لنوعية وطبيعة المرشحين المتنافسين على مقاعدها.

وقالت الناشطة عائشة الرشيد إنه على الرغم من أن أي مرشحة من أصل 27 مرشحة لم تفز في الانتخابات السابقة عام 2006، إلا أن مشاركة المرأة فيها للمرة الأولى وقتها اعتبر انتصارا للتاريخ السياسي للمرأة بكل المقاييس.

وذكرت الرشيد أن عدد المرشحات في الانتخابات الحالية يماثل عدد المرشحات في التجربة السابقة عام 2006، لكن الانتخابات الحالية ستكون فاصلة في تاريخ الكويت السياسي، لاسيما أنها أتت بعد حل البرلمان الذي لم تمض عليه سوى سنة وثمانية أشهر.

وتمنت الرشيد عن أملها في أن تصل أكثر من امرأة في هذه الانتخابات إلى قاعة عبد الله السالم، لتمثل بصمة التغيير، وأنا أتوقع وصول ثلاث مرشحات، فالكويت بحاجة إلى وجود وجوه جديدة، خاصة إذا كانت هذه الوجوه شابة وتضم نسبة لا بأس بها من النساء .

وأعرب وزير الداخلية الكويتي الشيخ جابر الخالد الصباح أمس عن اعتزازه بالدور الكبير الذي أداه المشرفون على سير العملية الانتخابية من قضاة ورجال أمن، «ونحن عندما نرى الروح المعنوية العالية عند القضاة ورجال الأمن، وعند الناخب والمرشح مع الابتسامة فإننا نفتخر بهذا العرس الديمقراطي، رغم أن الكثير راهن على غير ذلك».

وأكد أن «السلطات الرسمية تتعامل بشفافية كاملة مع انتخابات مجلس الأمة، وسيتم الإعلان عن أي حالة لشراء الأصوات في حينها، ونحن لا نخفي شيئا لأننا شفافون تماما، وجميع المرشحين والناخبين متعاونون مع الأجهزة الحكومية المعنية وممثليهم من رجال القضاء والأمن، وعملية انتخابات مجلس الأمة 2008 التي بدأت صباح اليوم (أمس) تسير على أكمل وجه ومن دون عوائق». ويحق لـ 361684 ناخبا وناخبة التصويت لاختيار خمسين نائبا من بين 275 مرشحا منهم 27 مرشحة يتنافسون في الدوائر الانتخابية الخمس، على أن يمثل كل دائرة العشرة الأوائل، فيما يحق لكل ناخب وناخبة اختيار أربعة مرشحين كحد أقصى.

وجرت عملية الاقتراع أمس في 413 لجنة، ما بين أصلية وفرعية توزعت على 97 مدرسة في مختلف مناطق الكويت، ووفقا للمادة 31 من قانون الانتخاب رقم 35 لسنة 1962 فان عملية الانتخاب تبدأ من الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة الثامنة مساء، فيما يعلن رئيس اللجنة حسب المادة 35 ختام عملية الانتخاب في تمام الساعة الثامنة مساء، وإذا حضر جميع الناخبين قبل هذا الموعد أعلن رئيس اللجنة ختام العملية بعد إبداء رأي الناخب الأخير، وبعد إعلان ختام عملية الانتخاب تبدأ اللجنة في فرز الأصوات تمهيدا لإعلان النتائج الرسمية.

وتجري عملية الانتخاب وفقا لنظام الاقتراع السري المباشر، حيث يسلم رئيس اللجنة كل ناخب ورقة انتخاب، وينتحي الناخب ناحية مخصصة لاختيار مرشحيه داخل قاعة الانتخاب، وبعد أن يثبت رأيه على الورقة يعيدها إلى الرئيس الذي يضعها في صندوق الانتخاب، ويؤشر كاتب السر في كشف الناخبين أمام اسم الناخب الذي قدم ورقته، أما من لا يستطيع أن يثبت بنفسه رأيه في الورقة، فإنه يسر برأيه إلى رئيس اللجنة وحده، الذي عليه أن يثبت الرأي في الورقة ويضعها في الصندوق بدلا عنه.

وتنافس أمس في الدائرة الأولى التي تضم 19 منطقة 64 مرشحا ومرشحة على أصوات 66641 ناخبا وناخبة، فيما تنافس في الدائرة الثانية التي تضم 13 منطقة 47 مرشحا ومرشحة على أصوات 41365 ناخبا وناخبة، أما الدائرة الثالثة التي تضم 15 منطقة فتنافس فيها 56 مرشحا ومرشحة على أصوات 58674 ناخبا وناخبة، وتنافس في الدائرة الرابعة التي تضم 18 منطقة 53 مرشحا ومرشحة على أصوات 93710 ناخبين وناخبات، وفي الدائرة الخامسة التي تضم 20 منطقة تنافس 53 مرشحا ومرشحة على أصوات 101294 ناخبا وناخبة.

ورغم بلوغ درجة الحرارة يوم أمس 42 درجة مئوية، إلا أن الناخبين الكويتيين أصروا على المشاركة والإدلاء بأصواتهم، وهو ما دفع مندوبي المرشحين لتوفير المظلات ومياه الشرب الباردة والعصائر، وعربات نقل كبار السن وكراسي المعاقين، للتسهيل على الناخبين الإدلاء بأصواتهم.

يذكر أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد قرر حل البرلمان في التاسع عشر من مارس (آذار) الماضي، بعد استقالة الحكومة نظرا لعدم تعاون البرلمان معها و«تنامي ظواهر المساس بالوحدة الوطنية، والتجاذب والتأزيم، وتجاوز الأصول البرلمانية» كما جاء خطاب الاستقالة، وهو ما دفع الشيخ صباح الأحمد إلى حل البرلمان، والدعوة لانتخابات مبكرة يوم غد، بعد أقل من عامين من عمر البرلمان الذي تشكل في يونيو (حزيران) 2006. وسبق للبرلمان الكويتي أن حُل خمس مرات، ثلاث منها بشكل دستوري استلزمتا الدعوة لانتخابات مبكرة أعوام 1999 و2006 و2008، فيما عُلق العمل بالدستور وألغي البرلمان بشكل غير دستوري في الفترتين الممتدتين بين الأعوام 1976 – 1980 و1986 – 1992.