تطبيق «اتفاق الدوحة» أبرز تحديات اللبنانيين.. والبيان الوزاري المحك الأول لتنفيذه

الأكثرية تتحدث عن السلاح والمعارضة عن ضرورة بناء الثقة

TT

سيكون التحدي الاكبر الذي سيواجهه اللبنانيون ما بعد «اتفاق الدوحة» هو تطبيق الاتفاق نفسه، ففي كل مفصل من مفاصله يمكن ان توجد عقبة أو عقدة ما تمنع التطبيق أو تهدد الاتفاق. التحديات كثيرة دون شك. وأبرز دليل عليها تهيب العديد من الاطراف اللبنانية الذين اتصلت بهم «الشرق الاوسط» الكلام عنها، أو الكلام بالواسطة عن طريق «المصادر». ففي حين ترى مصادر المعارضة اننا «امام مرحلة تنفيذية» اذا صفت النيات، معتبرة ان «استمرار التطبيق بانسيابية يعزز بناء الثقة»، ترى مصادر الاكثرية ان ثمة عقبات كثيرة ابرزها موضوعا السلاح والأمن ومن ثم تطبيق مقررات الحوار الوطني السابق.

سينطلق التطبيق الفعلي للاتفاق الخامسة من بعد ظهر الاحد بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي سيذهب فوراً الى مقر اقامته الجديد للسنوات الست المقبلة في القصر الجمهوري لتنطلق بعد ذلك عملية تشكيل الحكومة، بدءا باختيار رئيسها الجديد الذي يتوقع كثيرون ان يكون رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري باعتباره زعيم الاكثرية البرلمانية، غير ان النائب الحريري لم يقرر بعد سلبا أو ايجابا مشاركته، وهو عامل يرتبط أولا بمشاورات يجريها مع حلفائه في قوى «14اذار» التي تشكل الاكثرية البرلمانية، ثم يتخذ القرار النهائي بعد ذلك انطلاقا من الاجواء التي ستسبق وتلي انتخاب العماد سليمان.

أما بعد تأليف الحكومة فسيكون اللبنانيون أمام عقدة التشكيلة الحكومية، التي وان اتفق على ارقام توزيعها بمعدل 16 وزيرا للأكثرية و11 للمعارضة و3 لرئيس الجمهورية، الا ان توزيع الحقائب لم يتم التطرق اليه. ويتوقع ان يكون التوزيع عرضة لعملية تجاذب، خصوصا في مرحلة البحث عن «الحقائب السيادية» و«الحقائب الخدماتية». والحقائب السيادية هي اربع: الدفاع والداخلية والخارجية والمال. وهي وزارات اعتادت الطوائف الكبرى ان تتقاسمها، أي السنة والشيعة والموارنة والارثوذكس. فيما ستكون لبعض الوزارات الاخرى أهميتها الخاصة لكل طرف، كوزارة العدل بالنسبة الى تيار «المستقبل» الذي سيحرص عليها لما تشكل من أهمية في زمن المحكمة الدولية الآتي قريبا، بالاضافة الى سعي كل طرف من الاطراف الى وزارة يستطيع من خلالها تقديم الخدمات.

واذا تألفت الحكومة، ستبرز عقدة «البيان الوزاري» الذي يسعى «حزب الله» الى ابقاء البند الخاص بالمقاومة وشرعيتها على حاله، كما هو في بيان الحكومة الحالية. والبيان الوزاري يشكل ما يشبه «الدستور» للحكومات التي تسعى الى تضمينه سياساتها العامة والخاصة في كل المجالات. أما في الجهة المقابلة، فسيسعى فريق الاكثرية الى «شيء جديد» في الكلام عن المقاومة وسلاحها تحديدا، وهو ما من شأنه خلق عقدة قد تكون كبيرة، أو صغيرة، تبعا للجو القائم في حينه. غير ان مصادر الاكثرية تؤكد انها ستطلب على الاقل في هذا البيان تضمين فقرة عن عدم استعمال السلاح في الداخل.

بعد تشكيل الحكومة وإعطائها الثقة في مجلس النواب «بناء لبيانها الوزاري»، ستنطلق ورشة عمل كبيرة في كل المجالات لترميم الوضع الداخلي الذي تأثر بالأزمات التي عصفت بلبنان منذ اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري عام 2005، وتعزيز وضع القوى الامنية واحكامها السيطرة على مقاليد الامن في لبنان وهو أمر لن يكون باليسير في ظل «غابة السلاح» التي كشفتها الاحداث الاخيرة. بالإضافة الى الوضع الاقتصادي والاجتماعي والجمود الكبير الحاصل في القطاعات الانتاجية، وتعطيل البلاد، فمجلس النواب وحده متوقف عن العمل منذ نحو سنتين، أي ان هذا المجلس عليه ان ينجز في السنة الاخيرة من عمره ما لم يستطع انجازه من مشاريع وقوانين تكدست في ادراجه بسبب «العطلة القسرية» التي نالها منذ بدء تحرك المعارضة في خريف العام 2006.

بعدها سينطلق الحوار الوطني حول «تطبيق مقررات الحوار الاول» الذي عقد في العام 2006، والذي تم التوصل خلاله الى العلاقات اللبنانية ـ السورية والتبادل الدبلوماسي ولبنانية مزارع شبعا، بالإضافة الى موضوع «الاستراتيجية الدفاعية» أي سلاح «حزب الله» وقرار الحرب والسلم وضرورة حصره بالدولة ومؤسساتها السياسية كما يطالب فريق الاكثرية، علما ان هذه العقدة ليست سهلة التطبيق اذا ما نظرنا الى قرار «حزب الله» الاخير «استخدام السلاح لحماية السلاح» وهو تعبير بالغ الاهمية لدى الطرفين على السواء.

التحديات التي تواجه اللبنانيين كثيرة. والمدخل لتجاوزها واحد، وهو يتمثل بوجود قرار كبير يحظى بمظلة دولية وإقليمية للحل، أم لا... الايام المقبلة وحدها تملك الاجابة.