اتفاق الدوحة يفتح نافذة على فورة سياحية في لبنان

عودة السفير السعودي وحضور أمير قطر جلسة انتخاب الرئيس أول الغيث

TT

من حسن الصدف ان يتزامن حل الازمة اللبنانية عبر «اتفاق الدوحة» مع اقتراب فصل الصيف، وبالتالي اقتراب موسم الاجازات للعاملين في منطقة الخليج وسائر العاملين في دول الانتشار اللبناني. ويجمع المراقبون على ان الغطاء الكامل، عربياً ودولياً الذي حظي به ما سمي «صلح الدوحة»، والإجماع المحلي حوله، فتحا الباب واسعاً امام عودة لبنان الى الخريطة السياحية الاقليمية والدولية، بعدما تأثرت هذه الخريطة سلباً على مدى السنوات الثلاث الماضية التي تميزت بالاعتداءات الاسرائيلية والاعتصام في وسط بيروت التجاري وشلل المؤسسات السياسية بصورة شبه كاملة. وقد انعكس ذلك كله بتراجع لبنان الى ادنى مستوى اشغال فندقي في الفصل الاول من العام 2008 بين الدول التسع عشرة في الشرق الاوسط، حيث بلغ هذا المستوى 36% مقابل 90% في دبي، بحسب دراسة اعدتها مؤسسة «ارنست اند يونغ». ولكن على مستوى كلفة الغرفة الواحدة في بيروت يومياً (123 دولاراً) فانه ما زال بعيداً جداً على كلفتها في دبي (319 دولاراً) وحتى عن معدل الكلفة في المنطقة (198.3 دولاراً).

وبعد بلوغ الازمة السياسية اللبنانية «شاطئ الحل» بدأ القطاع السياحي ينفض عنه غبار الاقفال الجزئي ويعد العدة لاستقبال الوافدين من رعايا عرب وخليجيين ومغتربين لبنانيين. وستعزز عودة السفير السعودي لدى لبنان د. عبد العزيز خوجة سريعاً الى مقر السفارة اقبال الرعايا السعوديين خصوصا والخليجيين عموما. وستفتح الباب واسعا امام مجيء الوفود السياحية من مختلف اصقاع الارض. ولا شك في ان توقع حضور امير قطر شخصياً جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الاحد المقبل سيرسخ الثقة باستقرار الاوضاع اللبنانية وعودة لبنان مصيفا ومشتى وجامعة ومستشفى لجميع الرعايا الخليجيين، سواء من كان يملك منهم الشقق او البيوت او القصور، او من كان يؤثر الفنادق والشقق المفروشة.

ويؤكد رئيس اتحاد النقابات السياحية بيار الاشقر لـ«الشرق الاوسط»: «ان القطاع السياحي لن يكون اقل فورة من اسعار البورصة، وتحديداً اسعار اسهم سوليدير. ولكن امامنا ورشة عمل كبيرة لامتصاص خسائر السنوات الثلاث الماضية. واذا كان القطاع الخاص جاهزاً للعودة الى الخريطة السياحية الاقليمية والدولية، فالمطلوب تفعيل دور وزارة السياحة وجدولة المستحقات على المؤسسات السياحية».

وفيما تعد وزارة السياحة ـ كما يقول الوزير جو سركيس ـ لاطلاق موسم الصيف السياحي، تحول القطاع السياحي الى ورشة عمل كبرى. فدعا رئيس مجلس ادارة شركة «سوليدير» ناصر الشماع اصحاب المؤسسات في الوسط التجاري الى اعادة فتح مؤسساتهم، والمستثمرين الى معاودة نشاطهم ومتابعة تنفيذ استثماراتهم ومشاريعهم في بيروت ولبنان بأسره، ومعظمها مشاريع سياحية وتجارية.

وفيما توقع رئيس مجلس ادارة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات نبيل عيتاني عودة المستثمرين الى لبنان سريعاً لمعاودة العمل بمشاريعهم بعدما كان توقف العمل الفترة السابقة، توقع الخبير الاقتصادي غازي وزني ان يشهد لبنان توافد اكثر من نصف مليون سائح هذا الصيف وتدفق اكثر من 3 مليارات دولار استثمارات في القطاع العقاري والسياحي.

والى جانب الارتياح الشامل الذي عبرت عنه الهيئات الاقتصادية، من جمعية الصناعيين وجمعية مصارف وجمعية تجار وغرف تجارية، باشر المسؤولون المعنيون في بلدات الاصطياف تسريع الخطى لتحضير الاجواء المؤاتية لتوفير راحة السياح وسلامتهم. ففي مدينة عاليه اطلق رئيس جمعية التجار سمير شهيب «موسم صيف 2008». وفي بحمدون بدأ اصحاب الفنادق والمطاعم العمل تحضيراً للموسم الواعد والموعود. وكشف رئيس بلدية محطة بحمدون اسطا ابو رجيلي لـ«الشرق الاوسط» عن تلقيه فور «اعلان الدوحة» سيلا من الاتصالات من الرعايا الخليجيين الذين اكدوا المجيء الى لبنان لتمضية اجازاتهم واستئناف مشاريعهم، داعيا الحكومة الى توفير البنية التحتية الضرورية لانجاح الموسم.

ومن المؤكد ان منطقة الاعتصام في وسط بيروت ستشهد حركة مميزة هذا الموسم، ستبدأ حتماً فور ازالة كل آثار الخيام، حيث ستعود نحو 120 مؤسسة تجارية وسياحية من اصل نحو 500 مؤسسة في وسط بيروت التجاري الى فتح ابوابها بعدما اغلقت طوال فترة «مخيم الاعتصام».

واللافت ان بيروت ستستعيد سريعاً دورها كأهم مركز في المنطقة لسياحة الاعمال، بالنظر الى توافر كل عناصر النجاح في هذا المجال. وما عطل هذا الدور نسبياً في السنوات القليلة الماضية هو استفحال الازمة السياسية والامنية. ونلاحظ انه في اليوم التالي لاعلان الدوحة اعلن عن اطلاق الدورة الـ13 لمعرض «مشروع لبنان 2008» بين 3 و7 يونيو (حزيران) الذي تنظمه الشركة الدولية للمعارض، والذي يعد المعرض المتخصص الاول والاكبر في لبنان وواحداً من اهم المعارض الرائدة في قطاع البناء والاعمال على مستوى المنطقة العربية.

ومع وضع حجر الاساس لحل الازمة اللبنانية في الدوحة، بدأت ملامح انطلاق المشاريع السياحية المجمد منها والجديد. وعلى هذا الصعيد انطلق امس مشروع سياحي ضخم في مدينة جزين الجنوبية، هو الاول من نوعه في جنوب لبنان، حيث وضع حجر الاساس لـ«منتجع جزين السياحي» على مساحة 2600 متر مربع. ويتوقع انجازه في صيف 2009. ويتكون من فندق ضخم بمواصفات عالمية ومتنزه طبيعي يتسع لألف شخص ومسبح خارجي تعدل حرارته تبعاً لحرارة الطقس وشققاً سكنية مفروشة.

ولا شك في ان اي فورة في القطاع السياحي ستنعكس ايجاباً على شركة «طيران الشرق الاوسط» (الميدل ايست) الناقل الجوي اللبناني الوحيد من خلال تعزيز ربحيتها واطفاء جزء آخر من ديونها ومواصلة تنفيذ استراتيجيتها القائمة على تعزيز اسطولها من الطائرات، شراء وتأجيراً.